عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2011, 07:13 PM
المشاركة 7
الدكتورة مديحة عتيق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ص8

بل لعلّ نجاح بعض تلك الأعمال لا يعود إلى أيّ استحقاق أدبي أحرزته أو أيّ تعابير غريبة تضمّنتها. فيمكن أن تعزى شعبية نصّ مثل "طفولة بدوية " لإسحاق ديك إلى حدّ كبير إلى الغرابة الساحرة للحياة البدوية لدى جمهور مفتون بالغرائبي أكثر ممّا تٌعزَى إلى أيّ كفاءة فنّية.
وقد ارتبطت تلك الأعمال موضوعاتيا بقضايا "الاغتراب النفسي والاجتماعي" (داخل الوطن وخارجه) ، وتيمة "عودة المنفى" وتجربة "الهجانة" والوعي المزدوج (double -consciousness)( وتعتبر رواية عطية ""الطليعة السوداء "The Black Vanguard" خير مثال على ذلك) مع اهتمام مرضي بقضية الهويّة ( كرواية "بيرة في السنوكر لإسحاق ديك) بالإضافة إلى سعي حقيقي نحو تمثيل الذات (Self- representing) (تجلّى في ميل الكتّاب نحو كتابة السيرة الذاتية) وقد مهّدت هذه القضايا بشكل واضح للنصوص ما بعد الكولونيالية وما بعد الحداثية.
كما احتلّ الموضوع السياسي حيّزا كبيرا في أعمال هؤلاء الكتّاب. وفي عالم مليء بمستمعين يعرفون الإنجليزية، فقد كانوا يرغبون في مناقشة أفكارهم عن قضايا سياسية خطيرة كانت تربك أوطانهم الأصلية.
كانت أعمال كثيرة ("الجنة اللبنانية "Lebanese Paradise" و"صيادون في شارع ضيّق" و"طفولة بدوية") "نسخا "عربية عن أدبيات الرحيل /الهجرة(exodus narrative)، ومن خلال هذه السّرديات "السياسية" استطاع الكتّاب أن يناقشوا تجاربهم السياسية الشائكة دون الوقوع في مخاطر اللامبالاة، والابتذال، والدعاية المحضة.
أدرك الأدباء العرب الأنجلوفونيون أنّ القرّاء الغربيين ليس لديهم أكثر من آراء عن العرب تشكّلت من خلال الأحكام المسبقة المبثوثة في روايات الرّحالة {الغربيين}(الذين حملوا رؤية رومانسية عن الشرق الأوسط) أو في دراسات المستشرقين (الذين حملوا رؤية ضيّقة ومختزلة عن العرب) لذا بدا هؤلاء الأدباء كأنّهم يستعيدون أصواتهم السردية أو يسترجعون خطابهم الخاص بهم.
ورغم أنّ تلك الأعمال لقيت انتقادات متعدّدة بشكل معتبَر، فإنّ الكثير منها حظيت بحفاوة عند صدورها و أعيد طبعها، ففي عام 1967، وُصِفت رواية إسحاق ديك "بيرة في السنوكر" (طبعت من قبل جورج ألان George Allenو Unwin) بأنّها عمل كلاسيكي صغير "little classic" كتب بـ"لغة توراتية" (22) وهي "عمل ذو قيمة أدبية حقيقية"(23) تجاوزت في بساطتها وطريقة كتابتها[...] نثر [...] دوقي (Doughty) أو (Laurence)"(24)

هوامش الصفحة 8

(22) Scarborough Evening News (14 Avril1967).
(23) Times literary Supplement (5October1967)
(24) Economist (6May 1967)