عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
30

المشاهدات
13680
 
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية

أحمد الورّاق is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
140

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Dec 2011

الاقامة

رقم العضوية
10672
12-06-2011, 06:41 PM
المشاركة 1
12-06-2011, 06:41 PM
المشاركة 1
افتراضي من أين تأتينا الأفكار؟؟!
تحية طيبة لكم جميعاً ..
يسرني مشاركتكم في هذا المنتدى الجميل ..

العضو خالد (من منتدى طبيعي) يسأل :

طابت اوقاتكم .


قد يفتخر الإنسان بذكائه وهذا من حقه ، وقد ينتفع الناس من ثمار عقله . تتحسن احول الناس مع ارتفاع مستوى وعيهم وإدراكهم للعوائق الفكرية والنفسية التي اكتسبوها من التربية أو تجاربهم الفاشلة أو المؤلمة التي كانت نتيجة فهمهم للمحيط والأحداث . لكن الإنسان بطبيعته لا يريد إلا الخير لنفسه ، ويحاول ما استطاع تجنب الشر فعله أو عيشه ، وليس له لتجنب الشر إلا عقله وتفكيره .
والسؤال هو : من أين تاتينا الأفكار ؟



شكرا


العزيز خالد ..

الأفكار هي حركة العقل الباحث عن حل لمشكلة في الداخل . هذا في الأساس ، فربما طَلب منا أحد أن نفكّر أو اقتضى موقف ما ذلك ، هذا الدافع ليس ذاتياً وإنما خارجي ولكنه يُحرّك دوافع ذاتية لأجله ، فلو لم يفكّر الموظّف في عمله وينفّذ العمليات العقلية المطلوبة من رؤسائه ، لسُرّح من العمل ، وهذا يُحرّك فيه الدوافع الداخلية التي تتعلّق بالجوع والاعتبارات الاجتماعي .. إلخ ، إذاً فأساس التفكير بشكل عام هو ذاتي ، سواء كان الدافع مباشراً أو غير مباشر .

وكل حاجات الشعور الإنساني الكثيرة بشكل عام تبحث عن الخير، وليس الخير فقط لأنفسنا كما قلت ، بل الخير والحق والجمال مطلقاً ولذاتها ، لنا ولغيرنا .. أرأيت الذي يساعد أحداً بدافع الرحمة ولا يستفيد من وراء مساعدته شيئاً ؟ هل هو يبحث عن الخير لنفسه الآن ؟! .. لا .. لأنه يخدم الخير أساساً ، لكي يحق الخير كحقّ ، ويبعد الشر كشرّ .

وهذا الكفاح الطويل للشعور الإنساني غايته هي الفضيلة ، لكي يوصلها كأمانة إلى رب الفضيلة عندما يموت الإنسان الذي حملها ، وهذه المهمة ينيطُ بها الشعور للعقل ، لأنه هو وسيلة الاتصال مع العالم الخارجي ..

دوافع الإنسان في الأساس هي لأجل الخير ، سواءً لمصلحة الإنسان أو ضد مصلحته ، أرأيت الذي يضحيّ بوقته أو ماله أو نفسه من أجل الفضيلة ؟ .. إذاً دوافعنا تريد الخير وأن ينتصر على الشر على ظهر الأرض ، دوافعنا ترى أننا أفراداً مثل غيرنا دون محاباة لنا ، فمن حق غيرنا أن ينالهم الخير ، ومن ضمنهم نحن أيضاً .. لهذا نتعذّب كل مرة عندما نُدرك أننا أنانيّون ؛ لأننا منعنا الخير عن الغير .

فالعقل بوسائله يبحث عن حل للمشكلات التي يعرضها برلمان الشعور ، كلما أحضر العقل حلاً عرضه على الشعور، وإذا لم يقبله الشعور تُعاد المعاملة مرة أخرى إلى العقل ، فإن جاء العقل بجديد فسيطالبه الشعور بالكمال ، وهذا ما يسمى بالعقل التطوير أو الديالكتيك . وإذا لم يأت العقل بأي جواب ، فإن السؤال يظل مطروحاً ومعلّقاً يدور في الرأس مع غيره من الأسئلة التي تدور معه بشكل مستمر ومزعج ، وهذا ما يسميه الناس أفكاراً مزعجة ؛ لأنها في الحقيقة أسئلة مزعجة – أي أنها طلبات - لم يقدّم العقل لها جواباً شافياً ..
وهذه الحالة تشبه حالة الملحد المضطر (الذي حار لم يجد جواباً) وليس المختار (الذي اختار الإلحاد بدون تثبت ولا تساؤلات) ، فتجده (الملحد المضطر) يعاني من زحمة الأسئلة التي تزعجه وتنغّص عليه حياته ، ويقول : بحثت في الدين ولم أجد ، وفي الفكر الآخر فلم أجد ، وهكذا ..

أما الملحد المختار فهو يبحث عما يؤيد اختياره ، ويتغاضى عمّا يعارضه ، فهو ليس باحثاً حقيقياً ، بل هو مختار ويبحث عن ما يؤيده ..

إذا ً مصدر الأفكار كما تفضلت أنت هو من دواخلنا ، والعقل يحاول أن يُجيب ، فإما أن يأتي بجواب شافي فينتهي التفكير في هذا الجانب ، أو يأتي بجزئية فيطلب الشعور التكميل ، أو ألا يستطيع العقل أن يجيب فيظل السؤال معلّقاً مع طرح البدائل المرفوضة ، والاستمرار في طرحها على الشعور وهو يرفضها ..

مثل من يحاول إقناع نفسه بفكرة ما وهو يرفضها من الداخل ، لأسباب : إما أنه أوهِم بحقيقتها أو قيل له أن هذا هو العلم ، كما يحصل في ضغط الداروينيين على أنفسهم لقبول نظرية داروين بحجة العلم ، أو ضغط بعض الدينيين على أنفسهم بحجة الدين وعقاب المخالف ، أو بأية حجة أخرى .

ففي مثل هذه الحالة يعاني الشخص من التفكير المزعج ، وهو في أساسه أسئلة كما قلت ، والأسئلة مبنية على حاجات في الشعور الإنساني ، الذي هو أساس الإنسان ، وليس العقل ، فالعقل خادم لهذا الشعور ..
مثل أن يعطش الإنسان فيفتش العقل عن مصدر للماء ، فإذا وجد الماء عَرَضَه على الشعور عن طريق الحواس ، فإن لم يعجبه منظر الإناء أو وجد فيه قذى فربما يرفضه ، أو يقول : أبحث عن ماء أفضل من هذا .. فيستعمل العقل وسائله الداخلية والخارجية والوسطى ..

فالوسائل الداخلية مثل الذاكرة ، فيتذكر مثلاً أن هناك مكاناً يُباع فيه الماء النقي ..

أو يستعمل الوسائل الخارجية كأن يبحث بعينيه عن مكان أو محل ، والوسائل الخارجية ذاتية أو غيريّة ، كأن يسأل غيره أو يبحث في معلومات مكتوبة أو عناوين ..

أو يستعمل الوسائل الوسطى مثل التداعيات ، بحيث يقع بصره على شيء يذكّره بشيء آخر موجود في ذاكرته عن طريق التشابه أو الضديّة ، فما رآه هو شيء خارجي ذكّرَهُ بشيء داخلي في ذاكرته ..

التفكير إرادي أو لا إرادي ، التركيز هو التفكير الإرادي ، أما التداعيات فهي تفكير لا إرادي .. فقد تجد نفسك حصلت على حلٍ لمشكلة ما رغم أنك لم تُرد التفكير الإرادي فيها (أو التركيز عليها) ! ..

وبهذه التداعيات يحمي الشعور نفسه من التركيز على المشاعر المؤلمة ، فالتداعي يحرّك الإنسان حتى لا يظل تحت أسر شعور واحد . افترض مثلاً شعور الحزن ، فلو استمر الإنسان عليه ولم يعمل التداعي (أو التفكير اللاإرادي) فلربما مات الإنسان من الهم .

هذا وتقبلوا خالص تحياتي ..