الموضوع: أريج الهوية
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
4638
 
محمد مهيم
من آل منابر ثقافية

محمد مهيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
5

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Jun 2009

الاقامة

رقم العضوية
7177
12-20-2013, 11:38 PM
المشاركة 1
12-20-2013, 11:38 PM
المشاركة 1
افتراضي أريج الهوية
أريج الهوية
قراءة سيميولوجية ل " نسيت اسمي " شعر ، وفاء عياشي بقاعي . وأنا أتصفح بعض الإبداعات المنشورة في مجلة ــ أصيلة ــ ، أثارني الفضاء المعماري الذي احتضن أبعاد التجربة الإنسانية في هذه القصيدة ة ، فحرارة الحديث نقلتني من الهنا .... إلى الهناك حيث ........
يمثل ملفوظ الإشارة " هناك ......." انفتاحا على عوالم احتمالية ممتدة في المكان والزمان ، على مستوى الفضاء الدلالي للقصيدة ، فراغ يؤشر على بؤرة الانتشار الدلالي ، بوصفه أيقونة على الفضاء الذي ستمارس فيه ذات الحالة تجربتها الوجدانية و المعرفية ، فهو مؤشر جنيني للتجربة ، جسر العبور بين داخل الخطاب وخارجه . عاملا على تجذير الأصول المكانية للتجربة ، مسافرا بوعي المتلقي وإحساسه بين حاضرها حيث تفاعل الذات مع ــ الهنا ــ خطاب الداخل ، المجسِّد للكينونة المفقودة ، وبين ماضيها ــ (الهنا )...ك ــ خطاب الخارج ، نواتُها التي ستفجر محاولة استيلاد حالة التذكر ، بل حالة الوعي بالكينونة لدى ذات الحالة ، من رحم حالة ، وهذا ما سيبدو واضحا في مستهل المقطع الثاني حينما ستعي ذات الخطاب الامتداد المكاني و الزمني لحالتي الفقد والاستعادة : " نسيت اسمي حروفه مبعثرة هنا ..... وهناك .... التماهي بين حاضر التجربة وماضيها ... يخلق حركة تجذير كذلك للرؤية الشاعرية المكانية المرتبطة بحالة النسيان ــ الفقد والحرمان / وهْم الاستحالة ــ وفي الوقت نفسه منطلقا لحالة التذكر ــ الاسترداد / الوعي المكاني ،. ومؤول ذلك مسار الحركة الدلالية المؤسسة على بنية المكان :
تقول الشاعرة :
هناك....
في الناصية الجنوبية
نسيت اسمي
حيث
كنت تغزل من
شعري
ظلالا .
حاولنا ، تقديم المؤشرات المكانية على حالة النسيان وفعل التذكر ، بعد إعادة تنضيد لمسار الحركة الدلالية ، طبعا ، فسيصبح التركيب الجديد كالتالي :
هناك ...
في الناصية الجنوبية
(حيث
نسيت اسمي ،
كنت تغزل من
شعري
ظلالا) .
فتوسط الظرف المكاني ، إذن ، بين حالة النسيان وفعل التذكر يبدو مؤشرا دالا على استفاقة وعي الذات وثوقها إلى استعادة " اسمها " موضوع القيمة المفقود . لذا يمكن تقسيم مسار الدلالة ، إجرائيا، إلى لحظتين متعالقتين على اعتبار أن الظرف المكاني " هناك " يمفصل التجربة إلى :
ــ انبعاث التذكر من رحم النسيان تمثلها اللحظة الممتدة بين ــ هناك ( .....) و يعطر صبحي ,
ــ التشكل والتذكر ، وتمثلها اللحظة الممتدة بين ــ نسيت اسمي حروفه مبعثرة ( ...... ) و في أروقة عمري .
فكيف عملت ذات الحالة على تصريف أبعاد هذه التجربة عبر عناصر البنية العاملية ، على مسار الخطاب؟
فإذا حاولنا تلمس أثار البنية العاملية الناسجة للعلاقات وتوزيع الأدوار على مستوى عملية التخطيب ، نعثر على :
المرسل : الربيع .........الموضوع : الهوية .............المرسل إليه : ذات الحالة
المساعد : الربيع / الزهر/الطير..... الذات : ذات الحالة ...........المعيق : .....؟
فرحم انتشار الدلالة إذن حركة فضائية ( هناك ) ، وهذا مؤشر قوي على أن تسريب الدلالة سيتم ــ مكانيا ــ باعتبار أنه لا وجود للذات إلا عبر حيز مكاني يسم كينونتها ويلون هويتها ، إنها حالة النسيان ، فيها إذن ستتم حالة التذكر ، بوصفها حركة مكانية ستنجزها ذات الفعل sujet de faire ( الربيع ) ، التي عملت على تحريك وعي ذات الحالة sujet d’état واستشعارها بأنها تعيش حالة نسيان مكاني ، وجودي ، ارتعاشة ، حرَّكت في ذات الحالة إحساسا بالوجود ، والرغبة في انبعاث جديد وهذا سيمنح حالة التحول إمكانية تأصيل الأحداث والتحولات التي ستطال " اسمها " بوصفه موضوعا للقيمة . أي ... اسم ذات للنسيان ليتحول إلى اسم / ذات للتذكر بعد تفعيل مسار الدلالة ، طبعا ، من طرف المخاطب الذي سيتكفل بإنجاز الفعل في المكان والزمن ، بوصفه مالكا للأبعاد الصيغية / القدرات ، التي ستعيد لذات الحالة موضوع القيمة المفقود ( تذكر الاسم واستعادته ) ، كما يبرز ذلك مسار نمو الدلالة ، فكل الأفعال التي شكلت لحمة التجربة أنجزها الربيع ، وفعلان فقط ، مثَّلا وضعية ذات الحالة هما : "نسيت" مجسدا لحالة الفقد في بداية التجربة ، " أصحو " ممثلا لفعل الإستعادة . .في نهايتها ، غير أن ذات الحالة رغم وضعها المأزوم ، فإنها لازالت تملك الرغبة في التحول ، أي استعادة الملكية المكانية ، الوجودية لاسمها ، كينونتها ، لأَنَاها كذات لها حيزها في عالم الناس . مؤشر ذلك وحدات التشاكل الناتجة عن العلاقات التي ينسجها تصادي الملفوظات التالية : ــ الناصية ( شعيرات مقدَّم الرأس ) ــ شعري ــ تغزل .. وترٍ يترنم .... تزهو .... ندى زهرك يعطر .... حروفه مبعثرة ــ باقة حروفي ... فذات الحالة لا تملك سوى ملفوظ الحالة ــ نسيت اسمي ــ المثمن لحالة الفقد التي مورست على موضوع القيمة ، الذي ظلت ذات الحالة عاجزة عن فعل استعادته ، لفقدانها مقومات الفعل / القدرات ( الرغبة ــ الإرادة ــ المعرفة ثم الفعل ــ) ، غير أنها تملك وعيا كامنا ، لكنه عميق متجذرة أصوله في المكان والزمن ، مما ساعدها على سرعة التذكر ، واستنفار جوارحها ( الناصية ــ تطفو لهفة شوقي ــ أصحو .. ) ومن تمة استحضار الارتباط المكاني / الوجودي ـــ هناك ــ بوصفه مكان الفقد لكنه في الآن نفسه منطلق التذكر ، منه ستتشكل ملفوظات الفعل التي يمتلكها المخاطب ، كما سنرى . ففي اللحظة الأولى ، وانطلاقا من الإحساس المكاني الذي انتاب ذات الحالة عبر المحفزات التي أثارها الربيع ، ستتجه مباشرة إلى المخاطب معلنة عن حركة حدثية لتباشر بعثا جديدا للاسم / الهوية على إيقاع محاولات ــ وترية ــ فردية تنبيء بتحول واعد ، ــ ظلال قيم موؤودة ــ إرهاصات ينسجها إيقاع مغازلة المخاطب / الربيع لشَعر الذات ، ليتولد التذكر من النسيان ، الاحتمال من الاستحالة ، عبر تلك المحاولات الفردية المبعثرة هنا وهناك بوصفها نواةً عبرها سيتبلور فضاء التحول ــ كما سنرى في المقطع الثاني ــ إلى ( حروف اسم / هوية مبعثرة هنا وهناك ) .
كنت تغزل من شعري ظلالا تتكئ مفردة على وتر يترنم في اسمي
إذن الفضاء الذي تمت فيه حركة النسيان انبجست منه حركة التذكر ، (تغزل ) ، فعل حركي أعاد للذات إحساسها بوجودها ، كينونتها ، فعل أخرجها من حالة يأس وإحباط مثلتها رؤية ضبابية جعلت الذات تفقد صلتها بأصولها الممتدة في الزمن . انبثق إذن الحدث معلنا صحوة الذات عبر ترانيم الحياة التي يخلق إيقاعاتها ربيع سيعطر زهر صبح الذات معيدا إليها الأمل في انبعاث جديد ، ربيع حياة ستنعم فيه باستعادة وجودها ، فتتحول من ذات الاستحالة ــ " نسيت اسمي " ــ إلى ذات الاحتمال ــ ( تذكرْتُ أني نسيتُ اسمي ) " حين كنت تغزل من شعري ظلالا ". فسحر الربيع ينشر عطره في الزمن / التاريخ ، زمن الذات ، صبحها الذي طال انتظاره يتشكل من الندى / الماء عنصر الحياة معطَّرا بأريج زهر الربيع ، فالماء والعطر عنصران ساهما في تكوين الاسم / الهوية ، لتستعيد الذات وجودها / مكانها الموؤود بفعل تراكمات النسيان بل بفعل التناسي الذي مورس عليها . تزهو شفاه الصبح مغمسة بندى زهرك يعطر صبحي . وإذا كانت الأبعاد التصويرية : ــ هناك ـ الناصية ــ شعري ــ وتر ــ شفاه الصبح ــ زهرك ــ في اللحظة الأولى قد عملت على توصيف ذلك التحول الناعم الذي حدث بين الشَّعَر والزَّهر و انبعاث حركة التذكر من حالة النسيان ، فإن اللحظة الثانية سوف تؤشر على الاستعادة التامة للكينونة المفقودة ، حيث مسار الحركة الدلالية يمكن تمثيله خطيا ، عبر البعد التشاكلي بين الملفوظات : لملمة رغوة الزبد ــ عين الفضاء ــ همهمة الطير ــ لهفة شوقي ــ أصحو . إن ملفوظ الحالة ( نسيت اسمي ) ، في اللحظة الثانية ، يعد بؤرة تحول في الرؤية الشاعرية لأنه يستبطن تذكرا ' جزئيا ' لهوية الاسم ــ حروفه المبعثرة ــ الموزعة على امتداد مكاني بين الهنا ... والهناك حيث تم ترجيح التذكر على النسيان ، بعد جهلها التام لهوية اسمها في اللحظة الأولى .لذا ستستهل ذات الحالة اللحظة الثانية بحالة تنبوئية لإمكانية التذكر . تقول الشاعرة :
نسيت اسمي حروفه مبعثرة هنا..... هناك ...... غير أن حركة لملمة الحروف المبعثرة ستتم هذه المرة عبر " رغوة الزبد " أداة التشكيل التي ستعمل على ترصيف الحروف المبعثرة ، الأمر الذي قد يبدو نوعا من المفارقة الصارخة إذ كيف لرغوة الزبد بوصفها خليطا غير متجانس ستعيد للحروف المبعثرة هويتها ؟ !.. إن هذه الغرابة ستزول حين نعي دور الامتداد المكاني والزماني في نسيج خيوط التجربة : فملفوظا ، "الهنا و الهناك " ، فضاء انتشار البعد التصويري لرغوة الزبد ، يقتضيان تعدد العناصر المساهمة في تشكيل هوية الحروف تبعا للامتداد المكاني والزماني للربيع ، إنه امتداد وجودي للذات ، وليس امتداد محليا ، ، فضاء سيتحول مجالا رحبا ، لحركات التحرر التي ستمنح الاسم هويته ، فيه ستنعم الطير بحرية الحركة ، ملعنة عن اكتمال تشكيل هوية الاسم . وهنا أيضا تحضر بنية التعدد ــ متعالقة مع رغوة الزبد ــ باعتبار أن ملفوظ "طير " اسم نكرة للجنس ، يحتضن كل أنواع الطير التي شاركت في الهتاف بهوية الاسم عبر الامتداد الفضاء الزمكاني ، بمعية عناصر رغوة الزبد التي لملمت الحروف المبعثرة ... ؟ ! . مؤول ذلك أن وعي ذات الحالة بهويتها وبوجودها ، ليس عيا أحاديا ، مستقلا ، بل أن وعيها ووجودها رهينان بوعيها لذوات أخرى تعيش وتعاني التجربة نفسها . تقول الشاعرة في اللحظة الثانية : نسيت اسمي حروفه مبعثرة هنا ..... هناك ........ تلملمها رغوة الزبد في عين فضاء يتسع لهمهمة طير ينطق باسمي . أعيد تشكيل هوية الاسم ، الذي أشعر الذات بكينونتها ، وجودها ، بأشلاء كيانها التي كانت متناثرة هنا وهناك على امتداد الفضاء /المكان ( إعادة غزل الشعر ــ تجميع الحروف المبعثرة ) ، فتهفو الذات شوقا إلى معانقة هويتها الموؤودة التي انتشر عطرها في الكون عبر ذلك النسيم العليل ، معلنا ولادة فجر جديد ، فجر الحرية والكرامة : تطفو لهفة شوقي لذاك النسيم في حلقات فجري فتصحو الذات على إيقاع طيف الربيع حاملا باقة / حروف اسمها ، مرددا أناشيد العشق الإنساني ، التي أشعرت ذات الحالة بتحول الهنا و الهناك إلى فضاء للحرية والحياة الكريمة والإحساس بالكينونة . بعد أن كان فضاء للنسيان : أصحو .... وطيفك يحمل باقة حروفي يهمس اسمي أغنية وجد في أروقة عمري وهذا ما يخول لنا تمثيل مسار الدلالة كالتالي : شَعر ( الناصية ) ......... زهر (الربيع ) ...... الحروف ( المبعثرة ) ........ ( باقة ) حروفي ، حالة الاستحالة .........حالة الاحتمال ............. حالة الإمكان ................الواقع. إنه مسار يجسد مغازلة الذات لهويتها على إيقاع تلك التمردات التي بدأت فردية هنا وهناك بوصفها نواة ستتبلور إلى ثورات اجتماعية مطالبة باستعادة الهوية (العربية الاسلامية )، تلك المحاولات التي نسجتها طيور الحرية في فضاء الربيع العربي الذي عطرت نداه تلك الدماء الزكية معلنة عن صبح جديد . إن الربيع ،كما نلاحظ ، قد لعب دورا حاسما في تشكيل نمو النص وتوزيع الأبعاد التصويرية على العوامل الفاعلة في مسار الخطاب ... فحالة الاستحالة تكمن في شعور ذات الحالة (العربية ) بمصيرها المؤلم الذي طمست هويته فأصبحت تعيش ذلك الوعي الشقي الذي أنساها نخوتها ، عروبتها مجدها ، كذات صانعة للتاريخ ، " نسيت اسمي ". غير أن لحظة الأمل تأتي من تلك المحاولات الفردية التي كانت تبزغ هنا وهناك تتكئ على جذور أصيلة ممتدة في التاريخ تحركها إيقاعات عشق الحرية " هناك (....) كنت تغزل من شعري ظلالا " لتنتقل إلى حالة الإمكان حيث تعدد المحاولات والانتفاضات هنا وهناك معلنة ميلاد عهد جديد ، تساهم في بنائه كل الشرائح الاجتماعية ، لأن مسار التاريخ يصنعه الهامش ، ( رغوة الزبد ) ، وكل محاولة تغيير يتزعمها المركز هي ، فقط ، محاولة للتهدئة والتنويم ، والأمل الذي يأتي ولا يأتي ، فالزبد الذي يكون خليطا من أبناء الشريحة المنبوذة يعد نواة تخلق التغيير الحقيقي مهما حاول المركز تدجينها ، أو تغيير مسارها . فصحوة الربيع العربي مصدرها الهامش لا المركز بل أنها تمرد على تعنت المركز . إنها الحرية / استعادة الكينونة تصنع أصولها الشريحة الاجتماعية في فضاء شعبي حر فتهتز الذات شوقا لمعانقة التاريخ يعطرها أريج الحرية ، على إيقاع الربيع ، حيث وعت الذات هويتها، وجودها ، تاريخها ماضيها ، الذي صنع المعجزات لا زال كالطائر الفينيق بل طيور الفينيق التي حلقت في سماء الربيع الذي جدد عمر الذات عبر إزهارِ أروقتها / أورقتها التي ذبلت عبر توالي تراكمات النسيان التي كادت تطمس هوية الذات لتوالي الإحباطات وهيمنة الإحساس بالدونية .....