عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2010, 12:02 AM
المشاركة 3
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم أحمد فؤاد صوفي المحترم
قصّة مؤثرة ..توقفّت عندها طويلاً..
ولم يستطع قلبي التعاطف مع الرجل ..ولم يستطع
التجاوز عن قتله لزوجته مهما كانت الظروف المخففة
والتي يمكن تلخيصها بالقول إنّه لم يتعمّد القتل ..
وإنه وهو الضعيف الجهول الكنود المنجرف في تيّار
نزواته وغضبه كان معذوراً لتلك الأسباب ..فهو
ضعيف أمام نفسه الأمّارة بالسوء ..جهول لما سيكون
إن لم يكن جاهلاً بماهو قائم وماكان ..جاحد للحب
الذي غمرته به زوجته ناكر لجميل صبرها ..إنه أنموذج
للسلوك القبيح الذي يجب اجتنابه وإدانته ..ورغم ذلك
فإن رحمة الله الواسعة شملته (وفي هذه اللفته دعوة غير مباشرة
للذين أسرفوا على أنفسهم ألّا يقنطوا من رحمة الله ) ..
وكانت ابنته وثمرة حبّه النقي الترياق الشافي له من سموم انحرافه
غير المبرّر في الحالات العاديّة ..ولكنّنا هنا أمام أنموذج
سلوكيّ غير عاديّ رغم واقعيته ..لقد اعترض على مشيئة الله طويلاً
ولم يفطن لحكمته ..فجاء الدرس بليغاً وقيّض الله له أن يتوب
على يد ابنته التي لم يقنع بولادتها..وهنا أودّ البوح بهمسة انفعالية لاتستند
إلى رأي فقهي ولن أدافع عنها بمنطق عقلي ..فأقول :مثل هذا الشخص
لايقيّض الله له التوبة ..ولايتيح له سبلها ..فعدم مجيء ولد ذكر ليس
مبرّراً لكل هذا السوء ..بل إنّ عدم مجيء الأولاد وعدم امتلاك فرص
الزواج لايبرّر هذا القدر من الانحدار ..ولكنّ الصواب هو ما اعتمدته
أنت أخي أحمد ..فرحمة الله واسعة ولا أملك أنا ولا سواي حقّ
تضييقها ..ولابأس في بعث الأمل في نفوس الخاطئين وتشجيعهم على
التصحيح بقصص كقصتك وما أحسبها تهوّن من الخطيئة ولاتغري
بارتكاب المعاصي اعتماداً على فرص توبة لاتتاح للعاصين إلا إن هداهم
الله لذلك ..فإن لم يفعل لم ينفعهم الندم يوم لاينفع ولم يجدوا من يشفع..
إلابإذنه تعالى..وقد اعتمدت السرد شبه الخالي من الوصف ..
ربّما اختصاراً وانطلاقاً نحو الهدف ..ثمّ بالغت مبالغة محبّبة هنا في
تصوير مقدار صلاحه الجديد ..وكيف أنّه كان سبب أوبة رفقاء
السوء إلى جادة الصواب وتركهم لما سلف من استهتار وضياع ..
وكلّ ذلك من بركة صفاء سريرة الفتاة وطهر قلبها وجمال صيرها
الذي هونعمة من الله وعطاء كريم لايختص به الذكور دون الإناث
ولا البيض دون السود ولا جنس ولاعرق ولا أنساب دون أخرى
بل يأتون فرادى ويجزون بما كانوا يعملون ..لابما كانوا يقولون
بألسنتهم وقلوبهم تشهد عليها أفعالهم بأنهم غير صادقين ..
إنها دعوة جميلة..للرفق بالقوارير والاستبشار بهن فعسى
أن يكره كاره ماهو خير له ..
والجميل في نهاية قصتك أنّك تركت لمشيئة الله وهي له
على كلّ حال أن يجمع بينه وبين زوجته ..ممّا مسح
على جرح القاريء ..وأعطى لقصتك ألقاً أكبر..
لك كل التقدير ..ودمت بكل خير..