عرض مشاركة واحدة
قديم 01-21-2015, 04:39 PM
المشاركة 38
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والأن مع التلميذ صديق اللورد كرومر

رسائل محمد عبده للأفغاني..

كتب محمد عبده هذه الرسالة وهو في الرابعة والثلاثين من العمر، أثناء إقامته في المنفى في بيروت، عام (1300هـ) ونشر محمد رشيد رضا مقاطع منها في (تاريخ الإستاذ الإمام) (2/ 599 ـ 603) مسقطا منها ما رآه مستهجنا. قال: (وهو أغرب كتبه، بل هو الشاذ فيما يصف به أستاذه السيد مما يشبه كلام صوفية الحقائق والقائلين بوحدة الوجود، التي كان ينكرها عليهم بالمعنى المشهور عنهم، وفيه من الإغراق والغلو في السيد -الأفغاني- ما يستغرب صدوره عنه، وإن كان من قبيل الشعريات، وكذا ما يصف به نفسه بالتبع لأستاذه من الدعوى التي لم تعهد منه البتة) ثم نشرت الرسالة كاملة ضمن نشرة د. على شلش (سلسلة الأعمال المجهولة) (ص 47 ـ 52) ونشر صورتها (ص 147) وميز ما حذفه رشيد رضا بالبنط الأسود..
(موقع الوراق)

نصوص من الرسالة :


((مولاي الأعظم حفظه الله وأيّد مقاصده:

ليتني كنتُ أعلم ماذا أكتب إليك، وأنت تعلم ما في نفسي كما تعلم ما في نفسك. صنعتنا بيديك، وأفضتَ على موادنا صورَها الكمالية، وأنشأتنا في أحسن تقويم.

فيك عرفنا أنفسنا، وبك عرفناك، وبك عرفنا العالم أجمعين.

فعلمك بنا كما لا يخفاك علمٌ من طريق الموجب، وهو علمك بذاتك، وثقتك بقدرتك وإرادتك. فعنك صدرنا، وإليك إليك المآب.))

((كأنك يا مولاي منحتني نوع القدرة، وللدلالة على قوة سلطانك حصرته في الأفراد، فاستثنيتَ منه ما يتعلق بالخطاب معك، والتقدم إلى مقامك الجليل هذا.

مع أنني منك في ثلاث أرواح، لو حلت إحداها في العالم بأسره، وكان جمادا لحال إنسانا كاملا. فصورتك تجلت في قوتي الخيالية، وامتد سلطانها على حسي المشترك، ومعي رسم الشهامة، وشبح الحكمة، وهيكل الكمال.

فإليها رُدَّت جميع محسوساتي، وفيها فنيت مجامع مشهوداتي، وروح حكمتك التي أحييت بها مواتنا، وأنرت بها عقولنا، ولطفت بها نفوسنا.

بل التي بطنتَ بها فينا فظهرتَ في أشخاصنا، فكنّا أعدادَك وأنت الواحد، وغيبَك وأنت الشاهد. ورسمك الفوتغرافي الذي أقمته في قبلة صلاتي رقيبا على ما أقدّم من أعمالي، ومسيطرا علي في أحوالي.

وما تحركتُ حركة، ولا تكلمتُ كلمة، ولا مضيت إلى غاية، ولا انثنيت عن نهاية حتى تطابق في عملي أحكام أرواحك، وهي ثلاثة.

فمضيتُ على حكمها سعيا في الخير، وإعلاء لكلمة الحق، وتأييدا لشوكة الحكمة وسلطان الفضيلة. ولست في ذلك إلا آلة لتنفيذ الرأي المثلث، وما لي من ذاتي إرادة حتى ينقلب مربّعاً.

غير أن قواي العالية تخلت عني في مكاتبتي إليك، وخلت بيني وبين نفسي التزاما لحكم أن المعلول لا يعود على علته بالتأثير.

على أن ما يكون إلى المولى من رقائم عبده ليس إلا نوعا من التضرع والابتهال، لا أحسب فيه ما يكشف خفاء أو يزيد جاها.

ومع ذلك فإني لا أتوسل إليك في العفو عما تجد من قلق العبارة، وما ترى مما يخالف سني البلاغة بشفيع أقوى من عجز العقل عن إحداق نظره إليك، وإطراق الفكر خشية منك بين يديك. وأي شفيع أقوى من رحمتك بالضعفاء، وحنوك لمغلوبين هباء ))