عرض مشاركة واحدة
قديم 02-15-2016, 09:38 PM
المشاركة 26
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رسالة في الحياة

كان الشغف و لا يزال ذلك الوقود الذي يدفعنا إلى تسلق أدراج القدر ، سحر هو يسكن الروح فلا تتوجس العثرات ، مدد هو يوفر لنا عدة المواجهة فلا نستشعر نقصا ، ينقلنا لاستكشاف مكنونات الكون حولنا ، يصبغ الحياة زينة و رونقا فنحس الروعة في اقتفاء أثرها و امتلاك أسرارها ، منذ الطفولة و هو ينمو وينمو فتكبر فينا الأماني فنزداد إصرارا على امتلاك ناصية أنفسنا و التحكم في العالم حولنا . تتكسر الآلام على صخرة الجموح فنزداد يقينا أننا أهل لتلك الغزوات ، نستشعر نشوة الوجود المكابر ، نرقص على نغمات أشعار الصمود و الإقبال .
ما أعظم الإنسان في خضم المراجعات ، يوم يستفيق من ذلك اللّهات ، من ذلك الحلم الجميل ، يوم يسأل أين أنا ؟ ماذا أفعل ؟ إلى أين أسير ؟ يومها فقط يحاول أن يستوثق من معاني الحياة ، يريد أن يضع رجليه على أرضية صلبة ، يريد أن ترسخ قدمه على الأرض، يريد أن يحصي غنائمه وخسائره ، إذ ذاك تتفرقع أمام ناظريه حقائق صادمة ، فكل مغنمه أنه فقد جزءا من نفسه من ذاته و كيانه من عشيرته من جماليته من مقومات الإنسان .
حينئذ يحس اغترابا قاهرا ، يعاني انفصاما محرجا ، هل يعود القهقرى ليصلح ما ضاع من نفسه أو يواصل غير آبه لآدميته ، عند ذاك يقصر خطوه و تتمايل مشيته و يتنازعه الفعل والانفعال ، فيبدأ في معاكسة التيار، يرى الناس في سكرة الحياة هائمين كما كان هو أيضا يوما ، يودّ أن يوقف الجميع ، يريد أن يخبر الناس بحقيقة الدنيا ، لكن لا أحد يفهم منطقه ، ولا أحد أصلا له القدرة على الانصات وهو راكب موجة الشغف الهادرة ، حتى الأقربين منه يحاولون استطابة خاطره بافتعال السمع و هم لا يسمعون .


هل يتقوقع على ذاته باكيا على الأطلال متوقفا ، هاربا إلى سكون الطبيعة المحافظة على عذريتها ، متأملا ما ضاع منه مستمدا منها بعض وقود للاستمرار في التأمل ؟ هل يحترف الوعظ و اسداء النصائح مشتغلا بالغير يحاول هدايتهم لتعرف ذواتهم ؟ هل يمشي وسطا بين هذا وذاك متخلقا ببعض خصاله السابقة ؟ هل وهل وهل ؟؟؟؟ تلك قصص منتشرة متناثرة أمامنا واضحة جلية ، كلّ واختياره ، وكلّ يحاول من جهته استعادة نفسه كإنسان .