عرض مشاركة واحدة
قديم 02-15-2016, 11:13 PM
المشاركة 27
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رسالة في الألم

يؤلمني أن أعترف أن الألم حقيقة ، كم تمنيت يوما زواله ، و كم تمنيت أن يجد الحكماء بلسما يخلصنا من سياطه ، و لمَ لا حُقنا تجنبنا عدواه ، ياليت المشاعر تبقى مُنسابة كماء رقراق فتغمرنا كل لحظة بألوان السعادة البهية ، يا ليت الظلم ينمحي فيصبح الإنسان للإنسان أخا ، يا ليت الكوارث تنتهي فننعم بالودّ مع الطبيعة ، ياليت جسمنا لا يهرم فتسعفنا أجسادنا لتحقيق الشموخ ، ما أكبر الأماني فينا و ما أجمل ما تبتغيه أحلامنا ، لكن لا مهرب من الحقيقة ، فالألم لنا ملازم كظل حالك في ظلمته ، متربص بنا فلا تمر زلة إلا اغتنمها للتنكيل بنا ، و لا تمر وخزة إلا أطال من لوعتها ، طُفيلي هو يعيش على مصائبنا ، يستمتع بتنغيص عيشنا ، يتسلّى بمعاناتنا ، لا أراه إلا قطا منشرحا متباهيا ومخالبه تقمش فأرا مستفزّا إياه على مقاومة غير مجدية ، زهو مقرون بسلطان البطش .
هل نعجز في حضرة الألم أم نقاومه ، غالبا ما يغتنم الألم نقاط ضعفنا فيجرنا إليها جرا ، يجعلها كلاّ في كلّ رغم أنها جزء منا لا غير ، يعظّمها حتى يعتبرها سرّ وجودنا ، يوسوس إلى الناس أن احفروا ها هنا فهذا مقتل غريمكم ، يزرع الفتنة بيننا ، فيخطّئ بعضنا بعضا فتزداد سطوة الألم و وهجه و ألقه دافعا بنا إلى ارتكاب حماقات أو الإيمان بالعجز ، فالألم نقاومه بمعرفته ، أن أعرف ما يؤلمني حقيقة لا خدعة ، ما الداعي إلى دخول الألم في نفسي و استيطانها ، هل هذا الشيء فعلا هو الحياة كلها ، أم أنني تقوقعت حول ألمي واحتضنته فسيطر علي ، تصالح من نقاط ضعفك و اقبلها كما ملكات قوتك ، لا تجعلها حقيقتك وحدها ، حاول أن توازن بين نواقصك و ثرواتك ، تعلم إزاحة الظرف حين تتالم ، و أعدّ لذاتك متنفسا تعوضها فيه عن خسائرها ، لا تؤمن أنك انتهيت فكم بنيانا شيّد على أنقاض ما تهدم .