عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
6049
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
11-11-2013, 12:03 PM
المشاركة 1
11-11-2013, 12:03 PM
المشاركة 1
افتراضي صباح الخير يا بلدي
كان لعمتي الصغرى مذياع صغير يماثل عمرها تقريبا ( في تلك الآونة) و كان رفيقها في أي مكان تذهب إليه في المطبخ أو في غرفتها الصغيرة جدا أو على السطح تحت دالية العنب و على طاولة الدراسة و في السرير و أحيانا في الحمام و يكفي أن ننتبع صوت المذياع حتى نحدد مكانها بدقة.

في الليالي الشتوية كان يعتبر تسليتنا الوحيدة خصوصا أثناء انقطاع الكهرباء ( في الثمانينيات مرت سورية بأزمة شبيهة بأزمتنا الحال
ية ) إما بسبب التقنين أو بسبب العواصف الرعدية التي تتكفل أقلها شدة بإرهاق الأسلاك و قطع أواصر الدفء بينها.
من خلال مذياع عمتي تعرفنا على صوت العرب من القاهرة و كنا ننتظر الحصة اليومية من مسلسل " شنطة حمزة" الذي يكرر فيه كل يوم الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي ذات السؤال :" شنطة مين "؟ و يأتيه الجواب : شنطة حمزة فيسأل :حمزة مين ؟ و يرد الكورس :صاحب الشنطة! الغريب أنني بهذا العمر لا أذكر من المسلسل إلا هذه العبارات و لم أفهم منه في حينها إلاها.
كنا نسمع يوميا أم كلثوم و فايزة أحمد و محمد عبد الوهاب مساءا و فيروز صباحا بعد أن تعلن إذاعتنا مجيء الصباح بـ " هنا دمشق"
في ذاك الوقت لم أكن أدرك لم تعتريني رعدة مفاجئة كلما سمعت هذا الاسم دمشق!
و كانت تثور في جلسات الاستماع و التي تسميها عمتي الصغرى تذوق أدبي و شعري نقاشات حامية بينها و بين عمتي الكبرى موضوعها المقارنة بين أم كلثوم و محمد عبد الوهاب و فريد الاطرش و عبد الحليم حافظ و غيرهم من عمالقة الطرب و ينقسم الفرقاء بين مفضل لهذا و ذاك و لكنهم جميعا يستمعون لما يفضله الآخر على أمل أن يكون مدير البرامج عارفا بما يفضلونه و يبثه في الفترة القادمة.
و كان نقاش الجارات الصباحي يدور حول أحداث المسلسل الذي يبث في الساعة الواحدة و يتعاملون مع أصوات الممثلين كما لو أنهم أشخاص يعيشون بينهم فيكرهونهم أو يحبونهم و يبتهلون في الدعاء لهم أو عليهم مع ان أغلبهم كانوا يتكلمون اللهجة المصرية.
و كنا ننتظر ثبوت هلال العيد بأغنية " ياليلة العيد " بالفرحة ذاتها التي نترنم فيها ليلة ميلاد السيد المسيح مع فيروز ب" يا جراس وعي الناس للقداس"
ورثت حب الراديو عن عمتي خصوصا عندما أهداني والدي في عيد ميلادي الثاني عشر راديو صغير ( كان في ذلك الوقت هدية ثمينة جدا) لكن لم تستهويني إذاعة اخرى سوى إذاعة دمشق و بثها المباشر و برنامجها اليومي المنظم و صوت مذيعيها و مذيعاتها و أحببت بشكل خاص صوت الإعلامي الكبير طالب يعقوب و الإعلامية القديرة نهلة السوسو و امتزجت لدي هذه المحبة بالتقدير العميق لكل منهما.
و أثناء حرب الخليج لعب مذياع عمتي و مذياعي الخاص دورا محوريا خصوصا خلال وجبة الغداء التي كانت تتزامن مع نشرة أخبار مونتي كارلو و كان الجميع يؤكدون في ذلك الوقت أن إذاعة لندن و مونتي كارلو و البي بي سي إذاعات كاذبة و مغرضة و لكن لا غنى عنها بسبب التأخر الواضح للإعلام العربي في مواكبة ما يحصل على مقربة منا في العراق و الخليج.
و حصلت تلك الثورة البصرية الهائلة لكنها أبدا لم تقطع الرابط الوثيق بيني و بين الراديو ( اللي مالو قديم مالو جديد) و إذاعة دمشق تحديدا.
و في الغربة بحثت عن محطتي الأثيرة إذاعة دمشق عبر الأقمار الصناعية لأجد أنها حجبت .. لكنني وجدت إذاعة شام اف ام و مع صوت الاعلامية السورية الرائعة هيام حموي تنقل لي كل صباح و كل مساء نبض الوطن و تحيي كل مناطق سورية واحدة تلو أخرى بصباح الخير يا شام ..صباح الخير ياحلب ..صباح الخير يا طرطوس .. الخ
و في كل مرة أغمض عيني و أسافر إلى مطارح سورية الغالية .
و عندما تقول هيام المخملية الصوت : صباح الخير يا سورية .. تعتريني تلك الرعدة القديمة و أعرف لماذا زلزلتني عبارة ( هنا دمشق ) عندما سمعتها لأول مرة في حياتي.