عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2015, 06:22 PM
المشاركة 24
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الفصل الرابع عشر
____________

ثلاثة أيام قضاهم عبدالباسط في ضيافة الشيخ، تفقد خلالها ما آلت
إليه القرية من دمار وبؤس، وخراب في الذمم والضمائر.. ما هاله وأثار غضبه هذا الفُجر الفاضح، ففتيات القرية الصغيرات تقفن شبه عاريات أمام دورهن يعرضن أنفسهن لمن يدفع الثمن.. الغش في البيع والشراء.. جحود الأبناء لآبائهم.. السرقة وبلطجة القوي على الضعيف..
رأى بأم عينه ما فعله الملعون في أرض الله، وما عاثه من فساد.. التفت للبنهاوي والشيخ وقد تبدلت ملامح وجهه..
- لقد ضاق صدري بما رأيت.. دلني يا دليلي على مكمن الملعون.. الآن..
في رجاء رد عليه البنهاوي..
- أصبر يا بني حتى تسترد كامل قوتك..
- لم يعد في قوس الصبر من منزع.. الملعون نازع الله في ملكه وعاث فيه فسادا..
أما سمعتم الحديث القدسي عن رب العزة:
"العزة ردائي والكبرياء لساني.. من نازعني فيهما قطمته ولا أبالي"..
في هذه اللحظة، فوجئ الجميع بأهل القرية يحيطون بهم في دائرة، وبوادر الشر على وجوههم. تقدم نفر منهم، وأبعدوا الشيخ والبنهاوي وزوج الفتاة وأباها. وأصبح عبدالباسط وحيدا محاطا بزبانية ومريدي الملعون ومن اتبعوه. تقدم رجل منهم، وحاول أن يضع ابتسامة ودودة على وجهه قائلا:
- ماذا تريد يا بني من سيدنا؟ وما الفائدة التي ستعود عليك؟ إذا كنت تريد مالا، جمعنا لك من المال ما أغناك عمرك.. أما إذا كنت تروم جاها وسلطان، حكمناك علينا وأصبحت الآمرالناهي فينا..
أومأ الرجل برأسه لبعض الفتيات الجميلات الصغيرات، فأحطن بعبدالباسط وهن شبه عاريات في محاولة لإغرائه، فدفعهن في غضب وقوة، غاضا لبصره عنهن، فصاح الجمع المحتشد من حوله في غضب، وضاقت الدائرة عليه..
فجأة.. برز رجال ملثمون يطلقون الرصاص في الهواء، يقتحمون الدائرة، ويحيطون به لحمايته، ففر جميع من كان يحيط به في خوف ورعب.. أرادوا اللحاق والفتك بهم ولكن منعهم عبدالباسط وشكرهم ، وهنأهم على ثقتهم بالله واقتحامهم القرية وعودتهم لإيمانهم وقتل الخوف بنفوسهم من الملعون وأتباعه،
وأخذ يخطب فيهم بأن هؤلاء العصاة ما هم ألا أهلهم وعشيرتهم الذين ضلوا عن طريق الحق وغواهم الملعون، ويجب أرشادهم إلى طريق الهداية والتوبة، وأن الله ما أرسله فى مهمته تلك،ألا لينقذ أرواحهم التى ضللها الملعون بوسوسته وغوايته .. وإخراجهم من غيهم وضلالهم الذى وقعوا فيه ،
وعودتهم لطريق الحق ،وأن الله سوف يغفر لمن تكون توبته نصوحة ،
بعدها اتجه الجمع إلى البيت الذي يقبع فيه الملعون ابن الملعون، ينشر منه شره وخرابه ويعيث فسادا في أرض الله ،يتبعه أهل القرية جميعا
سار عبدالباسط في طريقه في عزم وإصرار.. لكن فجأة، انتابته قشعريرة ورعدة في جسده، وكأنها ذبذبات تستقبلها هالته! رفع عينيه،
فوقع بصره علي بيت يحوطه ضباب أسود اللون، يكاد أن يخفيه، تعلوه سحابة سوداء داكنة كسواد الليل البهيم ..
وقف في صمت يحدق في البيت.. التفت للحشد وراءه قائلا..
- انتظروني هنا، فسأدخل وحدي..
تقدم منه البنهاوي، وفي عزم..
- أنا لا أستطيع تركك تدخل وحدك، فأنا دليلك حتى تتم مهمتك.. وهذه مهمتي.
طلبا من الشيخ أن ينتظر في الخارج، فتناول الشيخ يد عبد الباسط في رجاء وتوسل..
- أُقَبل يدك يا شيخنا ألا تحرمني من أكون من جند الله المخلصين
- حتى لوكانت حياتك هي الثمن؟
- حتى لو كانت حياتي هي الثمن..
- شريطة ألا تتدخل بشيء، وتثبت قلبك وإيمانك وتثق في الله.. توكلنا علي الله القادر الجبار على كل جبار..
أحاط أهل القرية جميعا بالبيت، حتى أتباع الملعون، ينتظرون في شوق ولهفة نتيجة المواجهة الحاسمة..
بين أمير الشر الأسود ..وابن إبليس اللعين ..
وبين جند من جنود الله ..




لقاؤنا القادم مع الفصل الأخير ..