عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2016, 05:07 AM
المشاركة 50
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
أمريكا ترامب :من حال الانقسام إلى احتمال الانفصال؟
[1]
وحدهم أنصار دونالد ترامب احتفلوا بفوزه. الآخرون، ولاسيما الشبان والشابات والناس المهمَلين والمهمّشين، احتشدوا وتظاهروا في شوارع المدن الكبرى، من ولاية نيويورك شرقاً إلى ولاية كاليفورنيا غرباً، وندّدوا بانتخابه وتوعدوه بما هو أشمل وأعظم. ظاهر الحال يشي بأن ثورة شعبية على وشك الانفجار، لكن واقع الأمر لا يشير إلى أن كبرى دول العالم تتجه هذه الوجهة.
ما حدث ويحدث في أمريكا هو فورة وليس ثورة. فورة غضب عارمة وسخط عمومي ينبع من متاعب وهواجس شرائح كثيرة في مجتمع متعدد على مدى الولايات الخمسين. الفورة لن تتحول إلى ثورة، أقلّه في المستقبل المنظور، لسبب رئيس، الانقسام العريض والعميق الذي يلف البلاد والعباد. هيلاري كلينتون أشارت إلى هذه الحقيقة في خطبتها الأولى بعد خسارتها. قالت إنها لم تكن تدرك أن الولايات المتحدة منقسمة على نفسها إلى هذا الحد المقلق. غريمها دونالد ترامب سبقها إلى إدراك هذه الظاهرة، وانطلق في حملته الانتخابية مخاطباً الشرائح المهملة والغاضبة وضارباً على أوتار سخطها وخيباتها المريرة.
إذا كان ما تكابده أمريكا حالياً فورة غضب فذلك لا يعني أنها لن تتطور إلى ما هو أعمق وأخطر. الانقسام في أوساط الناس ومناطق البلاد سابق لانتخابات الرئاسة، وهو يتمحور حول قضايا وتحديات اقتصادية واجتماعية متعددة أبرزها: يقظة العنصرية البيضاء ضد الملوّنين عموماً؛ اتساع رقعة المهمَلين والمهمّشين نتيجةَ انتقال شركات الصناعة الثقيلة إلى خارج البلاد بحثاً عن العمالة الرخيصة؛ تدفق المهاجرين من أمريكا الجنوبية اللاتينية وما يشكّله ذلك من خطر على شريحة الامريكيين البيض والمسيحيين الإنجيليين من أصول أوروبية الذين يتحكمون بمفاصل السلطة والاقتصاد والاعلام؛ ظاهرةً الإسلاموفوبيا» (التخويف بالإسلام والمسلمين وتنمية الحقد عليهما).
هذه العوامل الفاعلة تغذي نوازع انفصالية متأججة لدى المسؤولين والمواطنين في ولايات عدّة كبرى. لعل كاليفورنيا أبرز الولايات المرشحة للانفصال عن الاتحاد الأمريكي، وقد اعدّت استفتاء لتقرير ذلك في عام 2019. ذلك أن لديها مزايا عدة تشجعها على سلوك هذا السبيل: تعداد سكانها الذي يربو على 39 مليوناً؛ اقتصادها الذي يفوق اقتصاد فرنسا حجماً ويقلّ قليلاً عن حجم اقتصاد بريطانيا؛ موقعها الجغرافي الممتد على ساحل المحيط الهادئ الذي يصلها بمختلف دول جنوب شرق آسيا واليابان والصين.
حال الانقسام والغضب التي تلف مختلف الولايات الأمريكية لن تؤدي، رغم اتساعها، إلى تفكيك الاتحاد الأمريكي. فما يجمع بين هذه الولايات من وشائج ومصالح ومنافع أكثر بكثير مما يفرّق بينها. لقد حاولت ولايات الجنوب في القرن التاسع عشر الانفصال، فتسبّبت بحرب أهلية قبل أن تتمكن ولايات الشمال المتضامنة من إلحاق الهزيمة بها. غير أن حال الانقسام والغضب تُرهص بتحوّلات بنيوية عميقة تتناول مختلف جوانب النظام الأمريكي، ولاسيما منظومته السياسية المتحكمة Establishment التي تكرهها شرائح الشباب المهمَلين والمهمّشين. فما تأثير ذلك على رئاسة ترامب وعلاقات أمريكا بدول العالم؟
الرئيس الامريكي الجديد لاحظ مدى اتساع قاعدة الساخطين على المنظومة السياسية المتحكمة، وحجم المشاكل والتحديات التي تواجه رئاسته، فأوحى باعتزامه تقليص التدابير الجذرية التي كان أعلن عنها في حملته الانتخابية، كمنع المسلمين من دخول البلاد، وخفّف من وتيرة اتهاماته لإدارة أوباما وحزبه الديمقراطي، وأجرى اتصالات مع بعض رؤساء الدول والحكومات التي كان انتقدها ودعاهم إلى مقابلته حتى قبل أن يتسلّم سلطاته. فهو يدرك أن لا سبيل إلى تحقيق قدْر من التغيير، حتى المحدود، اذا ما بقيت حال الانقسام والغضب سائدة. كما يدرك أن انشغاله العميق والمتواصل بقضايا الداخل سيحول دون تحقيق اختراق منتج في علاقات بلاده مع الخارج.
لعل أهم ما يهتّم به العرب والمسلمون في عهد ترامب معرفة مضامين سياساته المرتقبة حيال قضاياهم الرئيسة:
في مواجهة الإرهاب، يبدو ترامب أكثر جدّية من اوباما واقل استعداداً للتهاون أو التواطؤ مع التنظيمات الإرهابية. فقد ابدى قابلية للتعاون مع الرئيس بشار الأسد في مواجهة «داعش» داخل سوريا لدرجة حملت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان على إطلاق إشارة ترحيب بذلك.
في قضية فلسطين، وصف ترامب النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي بـِ»حرب بلا نهاية»، معلناً عزمه على «إبرام الصفقة المستحيلة لمصلحة البشرية جمعاء… إنها الصفقة الأعظم، لكنه لم يفصح عن مضمونها».
في علاقات أمريكا مع دول الخليج، يدعو ترامب إلى أن تتحمل الدول الخليجية كلفة الحماية الدفاعية التي تتولاها عنها الولايات المتحدة.
في قضية اللاجئين، عارض ترامب إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا لاستيعابهم، ودعا دول الخليج إلى تحمّل الأعباء المالية اللازمة لغوثهم.
في قضية الاتفاق النووي، دعا ترامب بادئ الأمر إلى «تمزيقه»، ثم توقف عن ذلك معلناً تجاوبه مع أي تعديلات يقرّها الكونغرس الامريكي في هذا المجال.
كل هذه المواقف أعلنها ترامب من موقعه كمرشح للرئاسة، وهي مجرد توجّهات قد يأخذ ببعضها وقد يتجاهل بعضها الآخر بعد اضطلاعه بسلطاته كرئيس. الأمر يتوقف على عاملين مؤثرين: الأول، مشارب القياديين الذين سيعيّنهم وزراء للخارجية والدفاع والخزانة، والمستشارين الذين سيتلقى منهم النصائح والأفكار والاقتراحات في المجالات السياسية والاقتصادية. الثاني، ردود فعل الدول الكبرى والدول العربية المعنية بمفاعيل سياساته، وموازين القوى السائدة في عالم ما بعد باراك اوباما.
ثمة علامات استفهام كبيرة ومقلقة…
*كاتب لبناني

أمريكا ترامب :من حال الانقسام إلى احتمال الانفصال؟
د. عصام نعمان

1 Comment To "أمريكا ترامب :من حال الانقسام إلى احتمال الانفصال؟"
#1 Comment By محمد المليص – كندا On Nov 13, 2016 @ 10:55 pm

أهم مايهم الكاتب في مقاله هو أن يبشر بأن ترامب سيتعاون مع بشار الأسد حيث قال: “فقد ابدى قابلية للتعاون مع الرئيس بشار الأسد في مواجهة «داعش» داخل سوريا لدرجة حملت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان على إطلاق إشارة ترحيب بذلك.”

أقول للكاتب إن القوى الدولية بدءاً من روسيا وانتهاءاً بأمريكا يستعملون نظام بشار الأسد كعميل لتحقيق مصالح تلك الدول وليس مصالح الشعب السوري.