عرض مشاركة واحدة
قديم 05-12-2015, 03:11 AM
المشاركة 13
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سأحاول التركيز على نقط بعينها حتى لا أرهقك معي يا أستاذ جاد
عظم الله أجرك ..


انت تسعدنى ولا ترهقنى يا صديقي الحبيب
وانا الذى يعتذر عن التقصير اذا تأخرت فى مطالعة الموضوع فظروف العمل هى التى تمنع الانتظام كما كنا قديما ..


وقضية وجود الإيمان فى الشعب المصري القديم على امتداد حضارته قد اطلنا فيها الحديث بما يكفيها
ولكنى اود فقط ان اصحح لك معلومة انا عجزت عن ايضاحها ..
انا هنا لا أقول بأن الشعب بعمومه استمر على ايمان تام طيلة عصوره !

كلا بالطبع بل هدفي اثبات عدم تمكن الشرك من عموم الناس فى اى عصر من العصور او بمعنى آخر بقاء التوحيد بصورة ما فى غالبية البسطاء ولهذا كان العوام يسارعون الى التصديق باى رسول او نبي يأتى أرضهم
وهذا هو ما استدليت عليه بعدم وقوع العذاب المستأصل فى ارض مصر

نأتي لقاعدة كما تكونوا يولى عليكم ..
ساكتفي هنا بكلام ذهبي للإمام ابن القيم يوضح القاعدة ويبينها أفضل مني وهو إمام حجة ..

لم يكن هذا الكلام هو موضع الخلاف يا صاحبي ..
فكلام ابن القيم بل وكلام النبي عليه السلام من قبله واضح فى أن الحكام الظلمة يتسلطون على المؤمنين عند تقصيرهم الشديد فى الأمر بالمعروف أو النهى عن المنكر أو حيدتهم عن الضرب على يد الظالم
فلم يكن هذا موضع اعتراضي
انما اعتراضي هو قولك السابق فى أنك أخذت وجود فرعون كحاكم متأله كدليل على كفر الشعب وشيوع الشرك فيه
وبالتالى أنت فى ردك السابق ربطت بين كفر وبطش الحاكم وبين مشايعة الشعب والعوام له كاقتران شرطى لازم
فبررت لك من تاريخ الإسلام والنصوص أن وجود الحاكم الظالم أو حتى الحاكم الكافر إن دل على وجود فئة أو طائفة مستثناة من الشعب ومستفيدة من نظام الحكم لا يعنى أبدا أن عموم الشعب على نفس درجة ودين الحاكم فى شركه وظلمه ..
وهو المطلوب اثباته ..
لأننى قلت أن الشعب المصري كان مقهورا بحكم فرعون ولم يكن يؤمن به كإله ولا حتى كحاكم صالح
وسكوتهم بالقهر والإرغام لا ينفي وجود الإيمان فيهم بوجود الخالق ولا يجعلهم على دجة شرك فرعون بالطبع وإلا لماذا عافاهم الله تعالى من العذاب وقصر عذاب الغرق على فرعون وقومه وجنوده فقط ..؟!

وبالنسبة لموقف صواحب يوسف عليه السلام .. فبعد أن طلب الملك النساء اللاتي قطعن أيديهن ..
قال تعالى : ((قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن
سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ))
قال ابن كثير : قال الملك: (ما خطبكن) أي ما شأنكن وخبركن
(إذ راودتن يوسف عن نفسه) يعني يوم الضيافة

وهل هذا يثبت أن النسوة راودن يوسف عليه السلام ؟
الجواب لا ..
ومن كلام ابن كثير نفسه سيتضح لنا أن خطاب الملك للنسوة بالمراودة بصيغة الجمع إنما كان موجها لإمرأة العزيز وحدها فى أسلوب تورية لحساسية الموضوع
يقول ابن كثير :
وقوله تعالى: { قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه} إخبار عن الملك حين جمع النسوة اللاتي قطعن أيديهن عند امرأة العزيز، فقال مخاطباً لهن كلهن وهو يريد امرأة وزيره وهو العزيز، قال الملك: { ما خطبكن} أي ما شأنكن وخبركن { إذ راودتن يوسف عن نفسه} يعني يوم الضيافة { قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء} أي قالت النسوة جواباً للملك: حاش للّه أن يكون يوسف متهماً واللّه ما علمنا عليه من سوء، فعند ذلك { قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق}

فهذا يثبت ما سبق أن قلته فى الرد السابق من أن النسوة لم يراودن يوسف ولا شأن لهم بهذه المسألة بل إنهم أنكروا فعلها فاضطرت لاحضارهم وبسط العذر أمامهم بفتنة يوسف
فضلا على أن النسوة عند سؤال الملك برأن يوسف من هذا واستعذن بالله من أن يمسه السوء
وهذا بالطبع ينفي اى كلام عن وجود انحلال فى المجتمع مرادف لانحلال امرأة العزيز

وهذا ما أثبته علماء التفسير من أن النسوة أنكرن وشنعن على امرأة العزيز فى شغفها بيوسف عليه السلام
يقول ابن كثير فى تفسير الآية ( فلما سمعت بمكرهن ... ) :
يخبر تعالى أن خبر يوسف وامرأة العزيز شاع في المدينة وهي مصر حتى تحدث به الناس، { وقال نسوة في المدينة} نساء الكبراء والأمراء ينكرن على { امرأة العزيز} وهو الوزير ويعبن ذلك عليها، { امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه} : أي تدعوه إلى نفسها،

ثم يضيف ابن كثير قولا لابن عباس يوثق ما أثبته القرآن من أن النسوة رأوا فى مراودة امرأة العزيز لفتاها ضلالا مبينا ..
فهل هذا الإنكار والتضليل منهن لزليخة يمكن أن نفهم منه مشايعة لها فى انحلالها ؟!
يقول ابن كثير ..
قال الضحاك عن ابن عباس: الشغف الحب القاتل، والشغف دون ذلك، والشغاف حجاب القلب، { إنا لنراها في ضلال مبين} أي في صنيعها هذا من حبها فتاها ومراودتها إياه عن نفسه،
ثم يصل ابن كثير بعد ذلك للتصريح بما سبق أن قلته من أن امرأة العزز لما انتشرت الفضيحة أرسلت للنسوة لتريهن يوسف اعتذارا لهن أو معذرة لهن على فعلها حتى يلتمسن لها العذر

وكذلك قول امرأة العزيز الجريء : ((وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ ))
عند ذلك قال الصديق : قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ
الدعوة والكيد كان جماعياً .. يعني الدعوة كانت عامة من النساء ليوسف أن يطيع زوجة العزيز .. وإلا ...

بالقطع لا ..
ولا يوجد فى سياق الآيات ولا فى التفسير ما يشير إلى أن النسوة شجعوا يوسف على الاستجابة لأمر امرأة العزيز

فكلمتها تلك كانت منها تجبرا بعد أن رأت انبهار النسوة بيوسف
وهو الانبهار الذى قد يمثل لها عذرا فى الفضيحة لكنه قطعا لا يمثل تشريعا وإقرارا للفاحشة ورضا بها من النسوة أو المجتمع فى ذلك الوقت

بل إن القصة ليس فيها ما يشير إلى أن حوارا دار بين يوسف والنسوة ولا بشطر كلمة فأين هى دعوة النسوة له بإطاعة امرأة العزيز ؟
وبالتالى فقولك سابقا بأن المجتمع كان منحلا تبعا لانحلال زوجة العزيز استنتاج لا ينطبق على سياق القصة بعد أن أثبت القرآن مقولة النسوة بأن ما فعلته امرأة العزيز كان ضلالا مبينا ..

وتقبل تقديري الدائم