عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2013, 03:31 AM
المشاركة 9
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الليلة الثالثة بعد الألف
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
جلست شهرزاد سعيدة بعودة طفلها الملول الي أحضان حكاياتها..
ورأت اللهفة والترقب في عينيه ..ليعرف باقي الحكاية..
قالت عندما عادت أصوات الرعاع تزعج الأمير عين في نومه
ويومه .. كان غضب الملكة شديدا ..وأزداد غيظها ..وطلبت من
من الملك أن يصدر مرسوما ملكيا ..
كل من يصل صوته الي مخدع الأميرعين..ويزعجه في نومه ويومه
يقطع لسانه علي الفور ..
أصدر الملك مرسومه ..
وإستاء بعض الناس وعلت أصواتهم معترضين..
فقُطعت ألسنتهم علي الفور ..دون الرجوع إلي قاضي القضاة ..
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وخرُست المدينة ..
ومع مرور الزمان والأيام ..قُطع من قُطع لسانه .. وخَرس من خَرس
خوفا وجبنا ..
أصبح الجميع يتحدثون بأشارات الأصابع والأيدي ..
توقف الشعراء عن قرض الشعر في الحبيب أو المعشوق ..
وتبدل اسم المدينة ..من مدينة الآمنين ..
إلي مدينة الخرس ..
وتمر الأيام والأزمان ..والمدينة علي حالها ..
شاخ الملك وظهرت عليه علامات الزمان من خرف وسفة ..ولم يفلح
معه شراب طبيب ..أو سحر ساحر ..أو رقية وحجاب مشعوذ ..
وأصبحت الملكة هي الحاكم الفعلي لمدينة الخرس..
من وراء ستار الملك.. الميت..الحي..
وكما شرب عين الحياة.. اللبن من صدر أمه رضيعا..
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
شرب من قلبها الحقد والغل ..والتهوين من شأن الغوغاءوالدهماء..والفقراء..والمعدومين..شابا..
وإلتفت من حوله بطانة المنتفعين والفاسدين..وطالبي السلطة ..والثراء
زينوا له الباطل ..حقا ..عشق سلطانه ..ونسي الله العلي القدير
الذي وهبه كل شئ ..من شباب وصحة وجاة وسلطان ..فعاث في الأرض فسادا دون رادع من ضمير ..أو خوف من غضب عزيز مقتدر ..
وفي ليلة نجومها متلالئة ..ونسمتها رقيقة ..والمدينة غارقة في خرسها
شق قلب الصمت ..صوت شجي ..قوي النبرة ..حزين في شجن ..يغني
ويبكي بكاءا مريرا يمزق القلوب المقهورة ..
سمعه كل من في المدينة ..وسمعه أيضا كل من في قصر الحاكم ..
وكأنه صوت شيطان أو عفريت ..يتنقل من مكان لمكان في غمضة عين..وهو ينشد ..
يا ليل ..يا ليل
في البحر لم فتكم ..في البر فتوني
بالتبر لم بعتكم ......بالتبن بعتوني
يا ليل ..يا ليل
أنتفض عين الحياة فزعا من نومه ..علي الصوت ..
الذي أخترقت كل كلمة من كلمات المنشد الحزين الباكي ..
قلبه قبل أذنه ..فظن نفسه في كابوس بشع ..ولم يصدق أذنيه ..
أقتحمت أمه الملكة مخدعه وهي ترتعد في رعب ..
- أسمعت ما سمعت ..أم أني واهمة ..
- نعم ياأمي سمعت..ما هذا الصوت العجيب الذي يخترق الجدران قبل الآذان .
صرخ في غضب شديد مناديا كبير الحرس ..وطلب منه أن يحضر
هذا الفاجر الزنديق الذي أخترق صوته الجدران قبل الآذان ..
وليُقطع لسانه في الحال ..
هرول كبير الحرس منفذا لأمر عين الحياة ..وأنتشر العسس والجند
يبحثون ويفتشون في أرجاء المدينة ..وهم في ذهول وخوف شديدين
فما زال الصوت يشق صمت المدينة ..وكلما أقترب الجند من مكانه
أنتقل الي أقصي المدينة ..ثم يعود وينتقل بسهولة ويسر إلي وسط
المدينة ..وكأنه صوت بألف صوت ..وظل الصوت ينشد ..
يا ليل ..يا ليل ..
في البحر لم فتكم ..في البر فتوني.
بالتبر لم بعتكم ......بالتبن بعتوني.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح