عرض مشاركة واحدة
قديم 06-17-2014, 09:31 AM
المشاركة 202
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سيد قطب
هو نابغة العصر في الفكر و الشعر و الأدب سيد بن الحاج قطب بن إبراهيم بن حسين الشاذلي ، ولد في أحضان عائلة موسرة نسبيا في قرية " قها" الواقعة في محافظة أسيوط و قيل في قرية ( موشة) بأسيوط ، في السادس و قيل في التاسع من أكتوبر عام 1906 ميلادي .
تلقّى دراسته الابتدائية في قريته. في سنة 1920 سافر إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلي. ثم التحق بتجهيزية دار العلوم.
في سنة 1932 م حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم. وعمل مدرسا حوالي ست سنوات، ثم شغل عدة وظائف في الوزارة.ابتعث لأمريكا لمدة سنتين ليعود في عام 1950 م .
عين في وزارة المعارف بوظيفة "مراقب مساعد" بمكتب وزير المعارف آنذاك ـ إسماعيل القباني ـ، وبسبب خلافات مع رجال الوزارة، قدّم استقالته على خلفية عدم تبنيهم لاقتراحاته ذات الميول الإسلامية.
وقبل مجلس ثورة يوليو الاستقالة سنة 1954، وفي نفس السنة تم اعتقال السيد قطب مع مجموعة كبيرة من زعماء "الإخوان المسلمين". وحكم عليه بالسجن لمدة (15) سنة. ولكن الرئيس العراقي عبد السلام عارف تدخّل لدى الرئيس المصري جمال عبد الناصر، فتم الإفراج عنه بسبب تدهور حالته الصحية سنة 1964.
وفي سنة 1965 اعتقل مرة أخرى بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم واغتيال جمال عبد الناصر واستلام الاخوان المسلمين الحكم في مصر.
وقد صدر حكم الإعدام على سيد قطب بتاريخ 21 / 8 / 1966 وتم تنفيذه بسرعة بعد أسبوع واحد فقط (في 29 / 8 / 1966) قبل أن يتدخّل الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود .



لسيد قطب علاقة وثيقة مع الصحف والمجلات. فقد بدأ بنشر نتاجه وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره. وقد نشر أولى مقالاته في صحيفة "البلاغ" و"الحياة الجديدة" و"الأسبوع" و"الأهرام" و"الجهاد".
وكان السيد قطب غزير الإنتاج، يكتب المقالات الأدبية والنقدية والتربوية والاجتماعية والسياسية.
ففي المجلات كتب في "الكاتب المصري" و"الكتاب" و"الوادي" و"الشؤون الاجتماعية" و"الأديب" و"الرسالة" و"الثقافة" و"دار العلوم" وغيرها. وقد اشرف على مجلتي "الفكر الجديد" و"العالم العربي"، كما اشرف على مجلة "الإخوان" التي لاحقتها السلطات وفرضت عليها الرقابة دون غيرها من الصحف وأوقفتها عن الصدور في 5 / 8 / 1954.
وبسبب نشاطه الإخواني أغلقت كثير من الصحف أبوابها بوجه إبداعه فكتب يشكو أن الصحف المصرية ـ إلا النادر القليل منها ـ هي مؤسسات دولية، لا مصرية ولا عربية، مؤسسات تساهم فيها أقلام المخابرات البريطانية والفرنسية والمصرية والعربية أخيراً.
وفي موقع آخر كتب ليعرّف الجمهور الكادح الفقير انه ليس هو الذي يموّل الجريدة بقروشه...:
"تعتمد هذه الصحف على إعلانات تملكها شركات رأسمالية ضخمة، وتخدم بدورها المؤسسات الرأسمالية.. وتعتمد ثانيا على المصروفات السرية المؤقتة أو الدائمة التي تدفعها الوزارات لصحافتها الحزبية أو للصحف التي تريد شراءها أو ضمان حيادها.. وتعتمد ثالثا على المصروفات السرية لأقلام المخابرات الدولية وبخاصة إنكلترا وأمريكا..".


سيد قطب أديب له مكانته في عالم الأدب والنقد وله علاقات مع عدة أدباء منهم طه حسين وأحمد حسن الزيات وتوفيق الحكيم ويحيى حقي ومحمود تيمور ونجيب محفوظ وغيرهم.
ولكن علاقته المميزة كانت مع عباس محمود العقاد. وهو أستاذ سيد قطب واثّر كثيراً على مسار تفكير سيد قطب الأدبي والنقدي والحزبي.
كان سيد قطب يكتب عن جميع كتب العقاد ويمدحه ويشير إلى عبقرية الرجل واعتبره شاعر العالم أجمع. لكنه في سنة 1948 خرج نهائياً من مدرسة العقاد. وكان سيد قطب قد دفع الثمن غالياً بسبب دفاعه المستميت عن العقاد وأدبه من قبل الصحف الوفدية (بعد خروجهما من الحزب) والمسؤولين في وزارة المعارف.

كما أشرت سابقاً، انضمّ سيد قطب إلى حزب الوفد ثم انفصل عنه، وانضم إلى حزب السعديين - نسبة إلى سعد زغلول - لكنه ملّ من الأحزاب ورجالها وعلل موقفه هذا قائلاً:
"لم أعد أرى في حزب من هذه الأحزاب ما يستحق عناء الحماسة له والعمل من أجله".
منذ سنة 1953 انضم سيسد قطب عمليا لحركة الإخوان المسلمين وكلّفه الإخوان بتحرير لسان حالهم جريدة "الإخوان المسلمين" وإلقاء أحاديث ومحاضرات إسلامية. كما مثّل الإخوان خارج مصر في سوريا والأردن اللتين منع من دخولهما، ثم القدس.

مما لا شك فيه انه كان للإخوان المسلمين تنظيم قوي قبيل قيام الثورة، وأنهم لم يكونوا بمعزل عن الأمور والتطورات في مصر، وان تنظيمهم الفكري والاجتماعي والسياسي كان أكثر نضوجاً من تنظيم الضباط الأحرار. زد على ذلك أن بعض الضباط الإسلاميين كانوا شركاء حقيقيين مع الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر، وزد عليه محاولة محمد نجيب الرئيس الأول لمصر بعد الجلاء البريطاني التقرب من الإخوان المسلمين من اجل احتواء قوتهم. لكن مطلبه هذا كلفه العزل من منصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه، حتى جاء السادات وفكّ أسره المنزلي.
وتروي لنا بعض المصادر الشحيحة إن الضباط الأحرار قبيل الثورة كانوا يتشاورون مع سيد قطب حول الثورة وأسس نجاحها. والذي يؤكّد ذلك انه تم تعيينه من قبل قيادة الثورة مستشاراً للثورة في أمور داخلية وأوكلت له مهمة تغيير مناهج التعليم التي عُمِل بها في مصر، والتي أكل الدهر عليها وشرب.
كما أن لا أحد ينكر قيمة المقالات التي نشرها سيد قطب والتي دعا فيها الشعب المصري للخروج على سياسة القهر والرجعية المصرية.
وقد حاول سيد قطب التوفيق بين عبد الناصر والإخوان. وانحاز سيد قطب إلى الإخوان ورفض جميع المناصب التي عرضها عليه عبد الناصر مثل وزير المعارف، ومدير سلطة الإذاعة ...
تم إلقاء القبض على سيد قطب وزجّه في السجن فرأى أهوال التعذيب من قبل المحققين. وكان قد قتل من جراء التعذيب عدد من أعضاء تنظيم الإخوان.
وكان سيد قطب جريئاً أثناء محاكمته القصيرة، والتي منع محامون أجانب وممثلو هيئات الدفاع عن حقوق السجين من المرافعة عنه فيها، وعن باقي أعضاء التنظيم.
وفي ليلة تنفيذ الحكم، طلب منه أن يقبل بالمساومة والاعتذار ، أو أن يكتب سطراً واحداً يطلب فيه الرحمة من الرئيس جمال عبد الناصر فرفض. وفي نفس الوقت حاول ملك السعودية التوسط لدى عبد الناصر بالعدول عن إعدام سيد قطب، ولكن عبد الناصر رفض.
وقد أعدم سيد قطب في فجر يوم 29 / 8 / 1966ميلادي ، وقد ضرب الأمن المصري طوقاً أميناً كبيرا على القاهرة حين و بعد إعدامه و دفن سراً في إحدى مدافن القاهرة فلا يعلم قبره .


و الناس في سيد قطب ثلاثة أصناف:
صنف يرفعه فوق منزلته و لا يقبل النقد لأعماله ، و صنف يقدح فيه و يعد عليه هفواته ، و صنف ثالث وسط عدل _ أسأل الله أن أكون منهم !_ يعطونه حقه و يذكرون ما له و ما عليه تحت شعار من ذا الذي لا يخطيء من البشر، فأقول:
سيد قطب مدرسة فكرية و أدبية لا نظير لها في العصر الحديث فقد كان صحفيا و شاعرا و ناقدا و منظرا كبيرا استفاد من أستاذه الكبير عميد الأدب الحديث عباس بن محمود العقاد فاستقام بيانه و طاب أسلوبه فجاء كما يشتهي الأدباء ، و كتبه شواهد على عظمة ثقافته و كبير موهبته التي وهبها الله له .
و يبقى أن اشير إلي أن سيد قطب وقع في تفسيره في أخطاء في مسائل معروفة كمسائل العرش وإنكاره السحر وتفسير صفات الله فقد تأولها تأوّل الأشاعرة ، فسيد قطب كأديب لا نظير له و من قرأ الظلال سيعلم من هو سيد قطب في الأدب العربي فيأخذ أدبه و لا يعتمد على قوله في مسائل العقيدة فسيد قطب ليس بفقيه ولا بمحدث.

ترك سيد قطب رحمه الله تعالى ميراثاً أدبيا كبيرا منه:
_ كتاب ( الظلال في تفسير القرآن).
_ كتاب ( معالم في الطريق)
_ كتاب ( المستقبل لهذا الدين)
- ديوان شعر.
- كتاب ( كتب و شخصيات)
- كتاب ( التصوير الفني في القرآن)
- كتاب ( خصائص التصور الإسلامي و مقوماته)


من أقواله:
(
فما يخدع الطغاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير، وذلتها، وطاعتها، وانقيادها، وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة، ولا سلطانًا، وإنما همي الجماهير الغافلة الذلول، تمطي له ظهرها فيركب! وتمد لها أعناقها فيجر، وتحني له رؤوسها فيستعلي! وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى! والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة، وخائفة من جهة أخرى، وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم، فالطاغية - وهو فرد - لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين، لو أنها شعرت بإنسانيتها، وكرامتها، وعزتها، وحريتها".
  • ويوم تنفيذ الإعدام، وبعد أن وضع على كرسي المشنقة عرضوا عليه أن يعتذر عن دعوته لتطبيق الشريعة ويتم إصدار عفو عنه، فقال: "لن أعتذر عن العمل مع الله". ثم قال: "إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ليرفض أن يكتب حرفا واحدا يقر به حكم طاغية". فقالوا له إن لم تعتذر فاطلب الرحمة من الرئيس. فقال: "لماذا أسترحم؟ إن كنت محكوما بحق فأنا أرتضي حكم الحق، وإن كنت محكوما بباطل، فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل". )




من أشعاره :
1. قصيدة

تطيفُ بنفسي وهيَ وسنانةٌ سكرى= هواتفُ في الأعماق ساريةٌ تترى
هواتفُ قد حجّبنَ ؛ يسرينَ خفية= هوامسُ لم يكشفنَ في لحظة ستراً !
ويعمُرنَ من نفسي المجاهل والدجى= ويجنبن من نفسي المعالم والجهرا
فيهنّ من يوحينَ للنفس بالرضـا= وفيهن من يلهمنها السخط والنكرا
ومن بين هاتيك الهواتف ما اسمهُ= حنينٌ ، ومنهنّ التشوق والذكرى
أهبن بنفسي في خفوتٍ وروعةٍ= وسرنً بهمس ، وهي مأخوذة سكرى
سواحر تقفوهنّ نفسي ولا ترى= من الأمر إلا ما أردنَ لها أمرا
إلى الشـاطئ المجهول والعالم الذي= حننتُ لمرآهُ ؛ إلى الضفة الأخرى
إلى حيث لا تدري .. إلى حيثُ لا ترى= معالم للأزمان والكون تستقرا
إلى حيث " لا حيث " تميز حدوده != إلى حيث تنسى الناس والكون والدهرا
وتشعر أن ( الجزء ) و ( الكل ) واحد= وتمزج في الحس البداهة والفكرا
فليس هنا ( أمس ) وليس هنا ( غد )= ولا ( اليوم ) فالأزمان كالحلقة الكبرى
وليس هنا ( غير ) وليس هنا ( أنا )= هنا الوحدة الكبرى التي احتجبت سرا
خلعتُ قيودي وانطلقتُ محلقاً= وبي نشوة الجبار يستلهم الظفرا
أهوّم في هذا الخلود وأرتـقي= وأسلك في مسراهُ كالطيف إذ أسرى
وأكشف فيه عالما بعد عالم= عجائب ما زالت ممنعة بكراً
لقد حجب العقل الذي نستشيرهُ= حقائق جلت عن حقائقنا الصغرى
هنا عالم الأرواح فلنخلع الحجا= فننعم فيه الخلد ، والحب ، والسحرا

2. قصيدة ( إهداء) في مقدمة ديوانه :
" أخي " ذلك اللفظ الذي في حروفهِ =رموز ، وألغـازٌ ، لشتى العواطفِ
" أخي " ذلك اللحن الذي في رنينهِ =ترانيمُ إخـلاص ، وريا تآلـــف
" أخي " أنتَ نفسي حينما أنت صورة =لآمـاليَ القصـوى التي لم تشارف
تمنيتُ ما أعيـا المقاديرُ ، إنّمــا =وجدتكَ رمزاً للأمـاني الصوادف
فأنتَ عزائـي في حياة قصيــرةٍ =وأنتَ امتدادي في الحياة وخالفي
تخذتكَ لي ابناً ، ثم خدناً ، فيا تـرى =أعيشُ لألقى منكَ إحسـاس عاطف ؟
على أيما حالٍ أراكَ مخلّـــدي =وباعث أيامي العِــذاب السوالفِ
فدونكَ أشعـاري التي قد نظمتها =لتبقى على الأيـام رمزَ عواطفي .

- له موشح ( الماضي) :
شبحُ الماضي وما الماضي سوى = بعضُ نفسي قد تولاه العدم
يتراءى كلَّما شطَّ النَّوى = فإذا الذكرى شجون و ألم

و إذا الكامن في نفسيَ ثار - جائشاً مضطرما - كالجحيم

كلَّما أقبل يومٌ و مضى = أوغَلَ الماضي بمجهول سحيق
ذاهباً عني كبرقٍ أوْمضا = ثمَّ دوَّى بعده الصَّمتُ العميق

و هو صمتُ تحته صخبٌ مثار - و حنينٌ أضْرما - و وَجُوم

آهِ لو مُلكت تصريف الزَّمن = كيفما أهوى و أنَّى أرغبُ
لرجعت الدهر للماضي إذن = فإذا بي حيثُ كُنَّا نلعب ُ

و رفاقٌ لَيِّنو العودِ صغار - ليس تدري الألما - و الهموم

زهراتٌ ناضِرات باسماتٌ = تلمحُ الغِبْطةَ فيها و الرضا
مرحاتٌ مشرقاتٌ لاهياتٌ = لا ترى في الكون إلاَّ ما تشاء

فهو روض زاهرٌ داني الثِّمار - و هي نورٌ قد نما - في الكروم

نتساقى الودَّ من غير انتباه = فإإذا العيش سرور و فَرح
و إذا الكونُ و فيه حياهُ = تتبدَّى في نشاطٍ و مرح


تلك أيَّام ٌ طويلاتٌ قصار - في زَمانٍ بَسَمَا - و نعيم

أينَ مِنِّي ذلك العهد الوسيم = أينَ مني بعضُ أيَّام الصِّغَر
إنَّها مرَّتْ كما يهفو النَّسيم = فيحيي و يحييه الزَّهَر

ذهب الماضي و أعيا الانتظار - و هو يعدو قُـدُما - كالظَّـليم ***

ايُّها الماضي رُويداً في خُطاك = فَعَلامَ اليومَ تمضي مُسْرعا
إيهِ مهْلاً حَسْبُنا طول َ نَواكْ = و بحسبي منك أنْ لنْ ترجعا

لَجَّتِ الذِّكرى و لمْ يبقَ اصطبار - و ستغدو عَدما - لا يدوم

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا