عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
6837
 
سها فتال
كاتبة وأديـبـة

سها فتال is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
787

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Oct 2011

الاقامة

رقم العضوية
10487
11-24-2011, 01:27 PM
المشاركة 1
11-24-2011, 01:27 PM
المشاركة 1
Arrow حكاية ورقة كانت خضراء



حكاية ورقة كانت خضراء

ورقة خريف باهتة ,ارتمت متهالكة قربي يكسوها الشحوب وتعلوها صفرة الموت .

حملتها بين أصابعي أتساءل عما أصابها حتى سقطت , من أين جاءت وأين كانت.

ترى أشجرتها الأم لفظتها أم سقطت بفعل فاعل؟

أحست بتساؤلاتي وبحيرتي التي اكتست وجهي,

فأجابتني وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة:

كنت ورقة خضراء يانعة , مع أخواتي ننسج رداء أخضر رائعا لشجرتنا الأم,

مرت علينا الأيام والليالي بحلوها ومرها , وتعاقبت علينا فصول السنة ببردها وحرها ,

استظل بنا الفلاح المتعب بعد عمل شاق في أرضه ,

يزرع ويفلح ويبذر ويحصد , يقدم للناس الغذاء , ولايجد إلا ما يسد رمقه .

وكذلك مر بنا العامل في طريقه لعمله , يعمل ويكافح يبني وطنا ويعلي نهضة ,

ويقنع باليسير الذي يعطيه له صاحب ذلك المعمل .

وتفيأ تحتنا طلاب علم يستذكرون دروسهم ,كم كنت أسعد بمناقشاتهم, أجد فيهم الأمل ,

أتطلع معهم لمستقبل هذه الأمة , كانت دماء متدفقة شابة , تسير في عروقهم ,

تمدهم بالحيوية والنشاط ,كنت أرقبهم بغبطة وكأنهم أولادي ,

أحلم معهم بمستقبل زاهر.

فقلت : ماشاء الله لقد كنت سعيدة وأنت ترقبين هؤلاء فلم الحزن والألم يكسوان محياك؟

فقالت وهي ترسل زفرات الألم : الحياة ليست بوجه واحد سعيد,

هناك وجوه أخرى مرت علي, وجوه وأصوات أنتفض ألما وحزنا حين أذكرها .

فكما مر علي الطيبون الذين كانوا يبنون جسور الأمل ,

مر كذلك من كان يهدم ما يبنون ,

كم اختبأ بيننا لصوص يتحينون الفرصة لينقضوا على فريسة تمر تحت شجرتنا ,

وكم اجتمع تحت الشجرة ثلة من المفسدين يتربصون بمن يقف في طريق أطماعهم ,

ينسجون الخطط الخبيثة للإيقاع بهم .

ولكن أشد ما كان يؤلمني رهط من الشباب اليافعة يحرقون صدورهم وأنفاسهم بدخان فاسد ملوث,

يذهب بالعقول ويفسد النفوس .وبعد أن ينهوا حفلهم الآثم ,

يسجون تحت الشجرة كالأموات حتى تطلع عليهم الشمس . تطهر نفوسهم وتذكي قلوبهم ,

ولكن كان ذلك حتى حين , فما أن يحل الليل حتى يعاودوا نشاطهم الآثم.

وأطلقت الورقة آها حزينة وهي تتذكر ذلك الرهط الفاسدين المفسدين.

لله درك ياورقتي المسكينة ,

كم مر عليك من الآلام والأحزان, كم تألمت , وكم فرحت ,

لكن ساعة ألم واحدة لاتعدل أيام فرح طويلة ,

وبينما أراقب تلك الورقة المتهالكة وأستشعرما مر بها وكأنه ما يمر بنا كل يوم ,

هبت ريح قوية أخذتها ورمتها بعيدا , لاأدري أين أصبحت .

فأيقنت أننا جميعا ننتظر مثل هذه الريح التي لاندري أين ومتى ستفاجئنا ,

فهل أعددنا العدة لمثل هذا اليوم ؟