عرض مشاركة واحدة
قديم 08-27-2013, 09:34 PM
المشاركة 28
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
من المتصوفات:
نساء متعبدات يتخلصن من الوهم والوهن
رابعة العدوية

إن الحبّ في الله والبغض في الله من مرتكزات الإيمان، روى البخاري أن رسول الله(ص) قال:(ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان ،أن يكون الله ورسوله أحب الله إليه مما سواهما،وان يحب المرء لا يحبّه إلا لله،وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار).
ومن ثمرات الإيمان انه مصدر سعادة الإنسان،وبدون الإيمان يشقى الإنسان وتصبح حياته جحيما لا تطاق ،والدليل على ذلك أن أكثر مرتادي العيادات النفسية عندنا،والمنتحرين في الغرب هم أولئك الذين أبحرت سفنهم عن شواطئ الإيمان جريا وراء الشهوات،و سرعان ما تنطفئ جذوة لذتها،فيطغى الجانب المادي في الإنسان على الجانب الروحي ويحدث الخلل فتنهار الروح وتحدث الأمراض النفسية.وها هي رابعة العدوية تنعم بنعيم حبها لله، وتقول متغزلة في الذات الإلهية:-
أحبّك حبين حبّ الهوى وحبٌاً لأنك أهلا لذاكا
فأما الذي هو حبّ الهوى فشغلي بذكرك عمّن سواكا
وأما الذي أنت أهل له فكشفك لي الحجب حتّى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
من أخبارها:
اخذ سفيان الثوري بيد جعفر بن سليمان ومرّا على رابعة ،التي قال فيها سفيان:(مرّ بي إلى المؤدبة التي لا أجدني أستريح إذا فارقتها)فلمّا دخلا عليها،رفع سفيان يده ،وقال:(اللهمّ إنّي أسأَلُكِ السلامة)فبكت رابعة،وقال لها:ما يبكيكِ؟قالت:أنت عرَّضتني للبكاء.فقال لها:وكيف؟فقالت:أما علمت أن السلامة من الدنيا ترك ما فيها،فكيف وأنت متلطِّخ بها؟
وقال الثوري بين يدي رابعة العدوية :(واحزناه ).فقالت له:لا تكذب، بل قُل :وا قلة حزناه.لو كنت محزونا ما هنّأك العيش.
وقيل لرابعة:كيف حبُّك لرسول الله؟فقالت: إني لأُحبُّه ولكن حبُّ الخالق شغلني عن حبّ المخلوقين.
وتقول رابعة العدوية:
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب.
لبابة المتعبدة:
من أهل بيت المقدس، وكانت من أهل المعرفة والمجاهدات. أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي قال حدثنا العباس بن حمزة قال حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال حدثنا محمد بن روح قال قالت لبابة المتعبدة: إني لأستحيي من الله تعالى أن يراني مشتغلة بغيره. وقالت لبابة: ما زلت مجتهدة في العبادة حتى صرت أستروح بها،فإذا تعبت من لقاء الخلق آنسني ذكره،وإذا أعياني حديث الخلق روّحني التفرغ لعبادة الله والقيام إلى خدمته. وقال لها رجل: هو ذا أريد أن أحج فماذا أدعو في الموسم؟ فقالت: سل الله تعالى شيئين: أن يرضى عنك ويبلغك منزل الراضين عنه، وأن يخمل ذكر فيما بين أوليائه
ريحانة الوالهة:
من متعبدات البصرة. كانت في أيام صالح المري. كانت كتبت من وراء جيبها:
أنت أُنسي وهمتي وسروري
أبى القلب أن يحب سواكا
يا عزيزي وهمتي ومرادي
طال شوقي متى يكون لقاكا
ليس سؤلي من الجنان نعيم
غير أني أريد أن ألقاكا
الضغوطات النفسية:-
معظم الناس يسايرون ضغوط الحياة اليومية دون أن يدركوها، فهم يقعون بين زحمة هذه الظروف القاسية وبين محاولتهم نسيان آلامها ووقع تأثيرها على النفس المثقلة بالهموم ، فيبحث عن التوافق أو التكيف مع هذه الضغوط ، وهو ما يسمى بالتكيف الناجح رغم صعوبته، لذا يمكن أن نُعّرِف التوافق: بأنه محاولة لمواجهة متطلبات الذات ومتطلبات البيئة .
ففي ثنايا هذا التوافق تكمن محاولاتنا العديدة لان نبدو أو نتظاهر بوجه مبتسم حتى وان كانت تعترينا الآلام العديدة غير المزاحة ، ومشكلات حياتيا، منها: الاجتماعية والاقتصادية أو المهنية أو الأسرية نحاول حلها بطريقة تعيد إلينا شيئا من الموائمة الداخلية لكي نبدو سعداء أمام الآخرين. فلا نقوى إلا بالإيمان وبسند متين نركن إليه، كما ركنت إليه رابعة العدوية وقريناتها، فابتعدن عن سياط التوترات النفسية ووهج الصراعات النفسية.

إن اسعد البشر وأكثرهم توافقا مع أعمالهم أو مع أسرهم أو حتى ميسوري الحال يشعرون بالاحباطات المتعددة إلا المؤمنين ، فخيبات الأمل والصراعات وعوامل الضغوط اليومية المستمرة ومتطلباتنا نحو الأفضل تعرضنا إلى الإحباط وهي سّنة الحياة وديدنها ،و يستوجب علينا أن نواجه الإحباط وحجمه ومداه ، فالإحباط frustration هو أي دافع نفسي أو نشاط لدى الفرد ينشط ويلح في طلب الإشباع وزيادة الرغبة في الطموح ، سواء كان هذا الدافع فطريا أو مكتسبا من البيئة التي نعيش بها ، شعوريا كان أو لا شعوريا ، فإن الموازنة الداخلية لأي منا يجب أن تلبي هذا الدافع وتحاول إشباعه ، وعندما لا يستطيع أي منا إشباع الدافع إشباعا مباشرا ، فإنه ينتج عنه إحباط. والمؤمن محصّن من الإحباط والاستسلام،فالسكينة سلاحه،فعندما كان يحين موعد الصلاة، كان رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-يقول (:أرحنا بها يا بلال)

يقول علماء النفس: حينما لا يستطيع الفرد عمل شيء بنّاء ،فإنه لا يتمكن من تجنب التوتر بطريقة ما، فاستذكار المشكلة وتذكرها هو بحد ذاته مشكله سوف يعقدها بالتأكيد، ويشعره بعجزه عن إيجاد الحل المناسب لها،وبالتالي تضعف مقاومته لها . إذن تذكر المشكلة هو مبالغة فيها و تقلل من قدرته في إيجاد الحلول المناسبة لها، وإحساسه بالفشل والاستسلام بعد ذلك . لذا فأن علماء النفس قالوا: بأن الأفراد الذين يواجهون بعض التهديدات الحياتية المتعلقة بالشؤون الاقتصادية أو المعاشية أو المتعلقة بالعمل والتي لا يمكن التحكم بها، تكون استجابتهم للمواقف التالية بمثابة الانسحاب والاستسلام أو الشعور بالاكتئاب .

إن أفضل الحلول لمواجهة مشكلات الحياة الصعبة ،هو العمل على حلّها،وأن يقترن العمل بذكر الله،قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).فسلام على رابعة ومثيلاتها وعلى المؤمنين.
وآخر دعوانا ،أن الحمد لله رب العالمين.

الملخص:
بالإيمان تهدأ النفس وترتاح الأعصاب،وهو بلسم لعلاج كثير من أمراض العصر ؛ نتيجة لتشابك الحياة وتعقدها ، وسيادة رأس المال واستغلاله طبقة الفقراء المسحوقة وحاجاتهم.

أخي الحبيب الأديب الرائع/ ماجد جابر!
رابعة العدوية بين قولين هي و مثيلاتها من العابدات.
فإما أن تكون المرأة صالحة و على مذهب السلف و إنما كذبَ عليها المتصوفة لشهرتها تسويقاً لكفرهم كما فعلوا مع شيخ من أشياخ السنة من الحنابلة كعبدالقادر الجيلاني الذي برأه علماء الشرع قديما و حديثا، و إما أن ما نسب إليها صحيح فتكون بهذا من القائلين بوحدة الوجود و من هذا ما أوردته أنت أخي المبارك عنها :
( ... وتقول متغزلة في الذات الإلهية(1):-
أحبّك حبين حبّ الهوى = وحبٌاً لأنك أهلا لذاكا
فأما الذي هو حبّ الهوى = فشغلي بذكرك عمّن سواكا
وأما الذي أنت أهل له = فكشفك لي الحجب حتّى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي = ولكن لك الحمد في ذا وذاكا)...)
هذه الأبيات كلها ضلال في ضلال:
فقولها:( أحبّك حبين حبّ الهوى = وحبٌاً لأنك أهلا لذاكا
)
فهل يقول عاقل :أنا أحب الله حباً هوى ، وحبَّأً لذاته؟
و هذا الذي صدحت بها رابعة يتفق مع تقسيم الباحثين للحب في الشعر الصوفي يإلي حبين هما:
_ الحب العذري: و هو للعوام أصحاب الشريعة المحجوبين عن الله بزعمهم.
_ الحب الإلهي: و هو الحب الصوفي و التغزل في الذات الإلهية حيث يحضرونه و يشاهدونه و يأنسون معه في مقام الأنس بعد رفع الحجب، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.

و في ظني أن رابعة العدوية سبقت كل باحث في الشعر الصوفي بتقسيمها ، فهي تقسم الحب قسمين : حب الهوى، و حب الذات الإلهية:

فالمريد أو السالك الصوفي يبدأ رحلته نحو ذات الله_تعالى الله عن قولهم_ بالحب و معينه الذكر الصوفي المبتدع :

فأما الذي هو حبّ الهوى = فشغلي بذكرك عمّن سواكا
وهذا الطور يسمى (حب الهوى) و هو يشاكل الحب العذري عندنا ، حيث يتعشق المتصوف الذات الإلهية كتعشق العاشف الغير صوفي لسماعه بصفات من يحب دون أن يراه ،
و هذا في سلوكه نحو الوصول، فإذا وصل أضاف إلي حب الهوى حب المشاهدة و هو الحب الإلهي* ،و شاهدُ ما أذهب إليه تجده في قولها : ( فكشفك لي الحجب حتّى أراك) ،هو عين (عقيدة وحدة الوجود) في ما يدعونه الكشف و المشاهدة ، حيث يدعي المتصوف أنه يصل لمرحلة الكشف فيرى الغيب و يشاهد الله عياناً بياناً و هذا هو الكفر الشنيع.

و لا يصلحُ حال الناس إلا باتباع هدي النبي صلى الله عليه و سلم
و ما في أشعار المتصوفة سوى الضلال المبين و الصرف عن طريق رب العالمين .
_
* و ربما صحَّ لي القول أن الحب عند الصوفي هو حب تحول من هيئة إلى أخرى حسب مرحلة السالك فإذا عرفنا أن الصوفي في سلوكه يتنقل بين : حالٍ و مقام فإن حبه يكون حب هوى حسب حاله و حب ذات حسب مقامه، و سأجتهد للحديث عن الشعر الصوفي في مقالة منفردة إن شاء الله ،.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا