عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-2015, 07:46 AM
المشاركة 23
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اقتباس "الرفيق ديريني لا يكف عن الثرثرة بعبارات الترحيب التي يجيدها القرويين والتي لا أدري من أين يأتون بها .. لكل كلمة رد مناسب منمق كنت بحاجة لمفكرة أكتب بها مصطلحات الرفيق ديريني التي قد أحتاج إليها يوم ما ..كنت منهكاً من الرحلة فأمرته أن يضع حقائبي وينصرف لحاله .. تأملت الاستراحة التي صارت مقري الدائم هنا في كفور الصوالح فراش عليه ملاءة مليئة بالرقاع والبقع البنية والصفراء وخزانة ثياب تشبه توابيت مصاص الدماء بجوارها ستارة يبدو أنها تداري وراءها مطبخ أو جثة متعفنة لعلها سبب تلك الرائحة ..هناك نافذة تشبه نوافذ الزنازين تطل على الحقول الممتدة إلى مالا نهاية الرائحة كانت تدير رأسي حتى أنني بحثت عن الدلو العتيد الذي يضعونه للمساجين لقضاء حاجتهم .. فلم أجد فتنفست الصعداء .. لم يصل الأمر لهذا الحد بعد ..لكن ..إذا لم يكن هناك دلو فأين الحمام إذن..؟
نظرت في ذعر للبقع الصفراء التي تلطخ ملاءة السرير .. وهززت رأسي مستبعداً الفكرة المقززة ..جلست على المقعد المجاور للفراش يبدو أنه يستعمل كأريكة للاستلقاء والاستمتاع بقرص الناموس والبراغيث في الليالي المقمرة ..وتأملت الستارة التي تغطي شئ ما وراءها ..ترى هل هذا هو المطبخ أم ..مددت يدي إلى الستارة بجوار الفراش وأزحتها ثم أطلقت شهقة فرح عارمة .."

- فاتني ان اتابع هذه الرواية الرائعة من البداية لكنني الان أستدرك ما فاتني . هذه رواية رائعة بحق ، كتبت باسلوب سردي مذهل ومن نمط الخيال السحري كالذي وجدته في رواية "مائة عام من العزلة "، حتى انني ظننت بان كفور الصوالح هي من صنع خيال الكاتب على شاكلة بابلو كايلو ، رغم ان الراوي يدفعني كمتلقي للاعتقاد بان القصة مبنية على اساس تجربة ذاتية اي انها قصة اقرب الي السيرة الذاتية فالأحداث تبدو واقعية والشخوص أيضاً .
وأين كان فإنني وجدت اسلوب القاص مذهل خاصة في قدرته على الوصف السحري كما في الفقرة اعلاه وكذلك في حشد ادوات السرد للتشويق ودفع المتلقي لان يغرق في متابعة الاحداث. *
كل هذا ولم اقرأ حتى الان الا التمهيد والجزء الاول وانا متشوق جدا لمتابعة القراءة واتصور انني ساجد متعة استثنائية في متابعة السرد الذي يبدو ان القاص محوره حول صراع نفسي داخلي وهو ما أعطى السرد قيمة عالية حيث جعل النص ينبض بالحياة التي تقوم على الصراع في مختلف اشكاله .
طبعا هناك عناصر قوة عديدة شملها الاسلوب السردي مثل الاهتمام في التفاصيل ومنها إتقان بناء الشخوص ومنها أيضاً ادخال عناصر التأثير مثل ذكر الألوان والحواس والأرقام والتصوير الفذ حتى ليظن المتلقي بانه يشاهد فلم سينمائي وليس قصة سردية .
*كما اجد بان القاص جعل نصه مفعم بالحركة ولذلك فهو مفعم بالحياة وهذا لوحدة عنصر جذب وتشويق وادهاش .

سرد رائع بحق واسلوب غاية في التشويق وحتما تستحق هذه الرواية القصيرة ان نضعها تحت مجهر القراءة النقدية الفاحصة لنبين سر هذه المتعة الهائلة التي يتحسسها المتلقي وهو يتابع قصة هذا البطل المتقاعد؟؟؟!!!