عرض مشاركة واحدة
قديم 12-13-2017, 11:19 AM
المشاركة 51
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
شكرا سيدي الرئيس
*
واسيني الأعرج
عن القدس العربي

دعني أشكرك سيدي الرئيس، *ترامب، لأسباب لا تُعدّ، سأذكر بعضها تباعًا، لأنك كنت وراءها من حيث أردتَ، ومن حيث لم تُرٍد. ورُبّ ضارة توجع القلب لكنها توقظه، فقد منحت يا سيدي ما ليس لك، وأنت على كومة الرماد العربي، ونسيت أنك كنت تقف على نثار كل ما كان تحته، كان مشتعلًا. لم تر ما كان يجب أن تراه، ورأيت ما كان يستوجب تفاديه، فأيقظت سنوات الهزائم مجتمعة لأرض لم يعد لها اليوم ما تخسره. السكين عندما يصل إلى العظم، تنتهي كل الآلام.
لهذا فأنا أشكرك. ماذا لو بقيت صامتا ونحن نعرف انتسابك للقاتل؟ **
شكرا لك أن جعلتنا نستفيق بشكل فجائي وفجائعي، ونحن عراة من كل شيء، إلّا من بعض الكرامة الشعبية المبطنة. وأن أمريكا التي جاءت بك إلى سدة الحكم، هي نفسها التي منحتك في ثانية لباس قيصر الدنيا وأنت بلا تأريخ ولا بطولات. فكنت َ قاتلًا. أطلقت النار علينا، فسقطتَ أنت.
وقمنا نحن من برك دم عمرها قرن وبعض زمن.*
شكرا لك سيدي الرئيس أن جعلتَ من حلمنا في التوحد حقيقة، ومن صراخنا المكبوت صوتا مسموعا، لندرك فجأة أنه لم يمت كما كنا نظن. القدس ليست حجارة، وليست مدينة ككل المدن، وليست أبدا شوارع ونواقيس، وصوامع، وهياكل مطمورة،*لكنها دم الأديان وشريانها. ذاكرة السماحة في الأديان والخير. كنا نقول في زمن مضى، إن من يسرق شارعا لن يتوانى عن مدينة. وها أنت تفتح أعيننا على شيء أدق: من يسرق شارعا، يسرق وطنا.
شكرا لك أن نبهتنا بأن أنظمتنا المقهورة التي تعودت على قتل شعوبها وتلويث هواء مدنها ليموت الآخرون وتدوم هي، تدين لك بالوفاء المطلق. لأنها كلما رأت ظلًا متسللًا يمر بالقرب منها، ارتعبت وركضت نحوك، حتى تملي عليها ما تيسر من تراتيل الغباوة، تبلعها بلا سؤال، لأنها منك وليست من غيرك. وهي تدرك ولا ترى المسافات، إنه يوم تهب عاصفة حرق الدمى، تكون أنت أو حتى من ينوب عنك، قد نسيتها، وتضع في فراغها نبتة أخرى تكون أنت من صنعها، من الخيش والفراغ.
شكرا لك إذ كشفت لنا عن أن جرح الخيانة أكثر غورا مما نتصور. وأن كل الدمى المصنّعة في البيت الأسود، التي تسليت بها يا سيدي الرئيس، منذ قرن من الزمن، هي من قش وغبار وبخار وأخشاب محروقة. *شكرا إذ كسرت كل الطاولات التي أخفت كل الصفقات، ولعبتَ على المكشوف لأنك لا تريد من أحد أن يسرق الضوء منك. ألستَ أنت من أزاح ضيفه من أمامه كالذبابة لأنه حجبك وغطى عنك كاميرا كم بتَّ تعشقها يا سيدي الرئيس.*