عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2010, 09:44 PM
المشاركة 65
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (2)




تشرينُ نصرٌ أحمر




مشتِ العصورُ على هُداكَ تبخترُ
فالأرضُ ريَّا والفضاءُ معطَّرُ

والنصرُ معقودٌ ترِفُّ بنودُه
نشوى يداعبُها الضياءُ فتسكرُ

وبنو الشآمِ مواكبٌ موصولةٌ
تهزا بوقعِ الحادثاتِ وتسخرُ

خلعوا على الأيامِ أثوابَ السنا
وتصدَّروا التاريخَ فهوَ منوّرُ

وبَنَوا صروحَ المجدِ من أكبادهم
فبكلِّ سامقةٍ دماءٌ تَقطِرُ

وسنا الجراحِ يضيءُ دربَ نضالِهم
والليلُ عند حدودِهم يتقهقرُ

زرعوا حقولَ الغارِ فوقَ ربوعِنا
أَلقاً يشعُّ على الزَّمانِ فيُبهرُ

وقضوا على وهجِ النضالِ قوافلاً
" تشرينُ " يذكرُ عهدَها ويُذكِّرُ

يا "شام" حسبُ الخالدين دماؤهم
يمضي بها سفرُ الجِّهادِ ويَمهرُ

* * *
حيَّيْتُ في " الجولانِ" كلَّ مُحلِّقٍ
يغزو سماءَ الخصمِ وهو يُكبِّرُ

ومسدِّدٍ خلف المدافعِ رابضٍ
ودماؤه تحتَ اللظى تتسعَّرُ

وعيونُه غضبٌ تعلَّقَ بالثرى
تهفو لأولى القِبلتينِ وتنظرُ

والجوُّ مكتئبٌ يشق عِنانَه
صوتُ المَدافع كالكواسر تزأرُ

والأرض من صَخَبِ الدروع كأنما
يوم القيامة فوقها والمحشرُ

والأفْقُ يحتضن النسور فتارةً
تخفى وأخرى كالكواكب تظهرُ

تتصيَّدُ الغربانَ فوقَ جبالنا
وتغير منها القاذفات وتُمطرُ

والبحرُ يلفظ للجحيمِ بوارجاً
أشلاؤها فوق الصخور تَبعثرُ

حتى تمخَّضَ ليل نصرك مذْ بدتْ
أهداب فجرك بالسَّنا تتقطَّرُ

واليأس خلفَ المرهفين عزائِماً
يلوي بها صلف العدا ويُدمِّرُ

فإذا روابي القدس تورق بالمنى
وبثالث الحرميْنِ يهتفُ منبرُ

* * *
يا " شامُ " عفوكِ لست أول شاعرٍ
يشدو بأعراس النضالِِ فيسكرُ

لكنني غَرِدٌ يرفُّ جناحه
فوق المروجِ المعشباتِ فتزهرُ

واليوم أغبط من يقولُ قصيدةً
عنوانها تشرينُ نصرٌ أحمرُ

فأنا لسان الحق لست مغالياً
تشرين من " ذي قار " يعرب أطهرُ

* * *
يا " شامُ " حسبُ المجد أنك ظئره
ودم الشهيد لبانةٌ تتفجرُ

أَرضعتِه شممَ الإباءِ ولم يزلْ
يهفو لثديكِ جائعاً يتضوَّرُ

لا تفطميهِ على وعودِ مخاتلٍ
فيها قبورُ المجدِ باسمك تُحفَرُ

ودعي السلامَ لعاجزين جهودهم
فوقَ المناضدِ في المجالسِ تُهدرُ

أَيُشرِّفُ النصرَ المبين تفاوضٌ
يرخي العنانَ لنابحٍ يتنمَّرُ

لن يستحيلَ دمُ الشهيدِ وثائِقاً
تُطوى على السلمِ الهزيلِ وتُنشرُ

* * *
يا " شامُ " يا زهوَ الزمانِ تبسَّمي
للغدرِ أيامٌ تطولُ وتَقصُرُ

يسقونَ حنظلها بكأسِ فعالهم
وبِكفِّ ساقيها تحفَّزَ خنجرُ

وبمقلتيهِ بدتْ حكايةُ أُمَّةٍ
بالغارِ ينسجها .. وشعبُك يضفرُ



حماة 8/4/1974