عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2010, 07:54 PM
المشاركة 66
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (3)




نفسي وكأسي



صفتْ كخمرةِ ربِّي إذْ يعتِّقُها
في جنةِ الخُلدِ للأبرارِ تُعتصرُ

وصبَّها كضياءِ الفجرِ خالصةً
من كلِّ شائبةٍ تبدو وتَستترُ

رقراقةً .. في كرومِ الغيبِ يانعةٌ
أغراسُها .. وبروحي الزهرُ والثمرُ

شَفَّتْ فما حجبتْ عني بواطنها
وأشرقتْ فأنا في نورِها بشرُ

نفسي وحسبيَ أني في غَوايتها
لا يعتريني بها حقدٌ ولا حذرُ

صعَّدتُها في سماواتِ الهوى سُحُباً
فأمطرتني شقاءَ العيشِ ينهمِرُ

على جبينيَ من أغوارِها أثرٌ
وفي عيونيَ من آفاقِها سُوَرُ

* * *
سموتُ حتى كشفتُ الحجْبَ واتَّضحتْ
ليَ الحقيقةُ .. فالأوهامُ تنحسرُ

ورحتُ أحسدُ أهلَ الجهلِ من ضجرٍ
وفاقدَ الحسِّ حتى ملَّني الضجرُ

فازورَّ عني أحبائي لجهلِهمُ
وفي دمي حبُّهم كالنارِ يستعرُ

لو يعلمون بما أُخفي لأَعجزَهم
في الناسِ من هو مثلي حين أُختبَرُ

* * *
هم ينكرون عليَّ الحبَّ يلهمني
وحياً يحنُّ إلى أنغامه الوترُ

منضَّداً من صباباتٍ مُجرَّحةٍ
تَرِفُّ جذلى على آياتِه الصُّورُ

وفي رياضِ الهوى والحبِّ لي كَبِدٌ
تهفو وتجرحُها الأهدابُ والحَوَرُ

أحيا بفضلةِ آمالٍ لو انقطعتْ
لم يبقَ في العيشِ من طيْبِ الرضى أَثرُ

أنا مُجرَّدُ إحساسٍ وعاطفةٍ
تندى بعالميَ الأحلامُ والفِكَرُ

لوَّنتُ في هدأةِ الأسحارِ قافيةً
من مقلةِ السحرِ نشوى .. سكبُها عَطِرُ

لمَّا تبيَّنتُ نفسي في مراشفِها
أدمنتُها فهي عندي الكأسُ والخَدَرُ

فضوؤها أبداً لا ينطفي وعلى
لألائها في النوادي يعذبُ السمرُ

وينتشي اللحنُ فالأنغامُ راقصةٌ
على شفاه الندامى من بها سَكِروا

كذا أنا فليمُتْ من عاشَ في حَذَرٍ
بهمِّهِ .. وليعشْ من خانه الظَّفرُ

* * *
ولي حبيبٌ بروحي راحُه امتزجتْ
أفديهِ بالعُمرِ لو يحظى به العُمُرُ

وكم أودُّ لو اَني أستحيلُ ندىً
أَحلُّ في كلِّ قلبٍ كاد ينفطرُ

آسو الجراحَ وأُحيي في كوامنِه
مُواتَ بذرةِ حبٍّ فيه تندثرُ

ولستُ صانعَ إحساسي أُبدِّلهُ
متى أردتُ .. ولكنْ صاغه القدرُ

وَزفَّهُ شاعراً يُدمي عواطفَه
شجوَ المعنَّى إذا ما شفَّه السهرُ

فالعيشُ عندي أمانٍ يستخفُّ بها
من لم يعانِقْه من بحرِ الهوى وَطَرُ

والشعرُ عندي تسابيحٌ أُرتِّلُها
في معبد الحبِّ حيث الكره يحتضرُ

في جنةٍ من خيالاتٍ مؤنقةٍ
تسمو بعالمِ إحساسي فيزدهرُ

هناكَ تبرأُ نفسي من شقاوتِها
فأزدري كلَّ آلامي وأَحتقرُ


حماة 3/6/1974