عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2010, 10:25 AM
المشاركة 69
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (6)


أشلاء الهوى


مزَّقتُ صورتَها وقلتُ لعلَّني
أجدُ السلوَ .. وراحةَ النسيان

وحملتها بيدي كأنِّيَ مجرمٌ
في الليل يبحث عن طريق أمانِ

أخشى ضياء الفجر .. أعثرُ بالحصى
ويدايَ واهيتان ترتجفان

أتلمَّسُ الجدرانَ ... أين أدسُّها ؟
وأحسُّ أشباح الظلام تراني

ووقفتُ أسمعُ .. والسكونُ مخيمٌ
صوتاً يردِّدُ : أنتَ ..أنتَ الجاني

صوتاً بأعماق الضمير تجاوبتْ
أصداؤهُ .. وسرى إلى وجداني

من أنتَ ؟ وانقطع الصراخُ وأرعدتْ
" الله أكبرُ " بدءَ كلِّ أذانِ

وتعالتِ الأصواتُ وارتحل الدجى
وغزتْ جيوشُ الفجر كلَّ مكانِ

وبقيتُ وحدي في الطريقِ مسمَّراً
والإثم ينهشني .. يهدُّ كياني

ربَّاهُ ... من لي بعد صورتها إذا
غمرتْ وجودي موجةُ الأحزانِ

ربَّاهُ .. من أشكو إليهِ صبابتي
وأبثُّه وجدي .. وغدرَ زماني

وقصائدي يا لهف روحيَ من تُرى
يصغي إذا أنشدتُها ويعاني

من ملهمي والشعرُ ذَوْبُ عواطفي
وحيَاً لآياتي ... لسحر بياني

ربَّاهُ ... وارتفعتْ يدي وفتحتُها
ولثمتُ أشلاءَ الهوى بحنانِ

ونثرتُها للريح ثم جمعتُها
بسذاجةِ الأطفالِ في هَيَجانِ

وهممتُ أُرجعها وأُسقط في يدي
لما خلتْ من بينها العينانِ

وبحثتُ عنها في الطريقِ فلم أجدْ
أثراً لها ... فصرختُ في هذيانِ

عيناكِ يا للهِ !!! كيف تولَّتا ؟؟
قبل الوصالِ ... وهاجتا أشجاني

عيناكِ أقداري سجدتُ بظلِّها
للحبِّ حيث أضلَّني وهداني

عيناكِ محرابي عبدتُ به الهوى
وعرفتُ ربي فيه بالهيمانِ

عيناكِ يا لفجيعتي أَلقُ الرؤى
كيف السلوُّ ؟! وكانتا سلواني

عيناكِ سرِّي وافتضاحيَ في الهوى
وربيعُ أيامي وصفوُ زماني

عيناكِ !! يا لجريمةٍ نفَّذْتُها
رَوَّضتُ فيها العقلَ بعد حِرانِ

وقتلتُ إلهامي وتلك قصائدي
مزَّقتُها فيدايَ آثمتانِ

فغدتْ جميعُ عواطفي مجنونةً
جمحتْ وشقَّتْ لي عصا الإذعانِ

وأنا البريءُ بكلِّ أعرافِ الورى
لكنْ بعرفِ الحبِّ كنتُ الجاني

* * *
غفران صورتك الحبيبةِ بعدما
أَلقيتُها مِزَقاً تروعُ جَناني

مِزَقاً كقلبي بعد هجركِ والنوى
ولظى الحنين وشدة الخفَقَانِ

وانسابتِ الآهاتُ تعصف بالمنى
وتعودُ بي للكبتِ والحرمانِ

ومضيتُ والندمُ المرير يهدُّني
وحبستُ إلا في القريضِ لساني



حماة 17-8-1973