عرض مشاركة واحدة
قديم 04-24-2024, 09:31 PM
المشاركة 4
عبدالستارالنعيمي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: الشعر شعر والنثر نثر- متجدد
لقد حاول البعض الانخراط في سلك الحداثة في الشعر
والأدب الغربي مع الزمن الحديث؛
فحداثة القصيدة أو القطعة النثرية ليست مماشاة لتقليعة، أخاذة، شائعة؛ هذه المماشاة قد يكون لها سحرها المؤقت، لكنها بضاعة مستوردة سريعة الافتضاح لا تمت إلى تراث أمتنا بصلة والخروج على نظام البيت الواحد في الشعر في حدّ ذاته، لايضمن للقصيدة جدّتها؛ بل إحساس الشاعر، أو إدراكه للحياة ووعيه للعالم من حوله وعياً جماليّاً مغايراً وجدّة القصيدة ليست في الجلد الذي ترتديه ،بل في روحها الجديدة ، وفي الجمال وفرديتها الفريدة التي تحصنها ضد التماثل في توترها ،
ومن هنا ليس من المتاح لكل شاعر أن يكون جديداً حقّا،ً حتى لو كانت قصيدته قد امتثلت لكل متطلبات الحداثة المتداولة، أو حداثة كهذه لا تعدو كونها حداثةً جاهزة تقع خارج عذابات الروح ولا تمس من الحداثة الاّ ضواحيها البعيدة أو قشرتها الخارجية.
وهكذا فإن الشعر، في كثير من الحالات، ليس صفة للنص؛ إنّه جمال آسر لسحر لا يستيقظ لأي شاعر .
والقصيدة المتحققة هي ما تتلقاه اللغة من فيض الروح، واندفاعات الخيال الخصبة المحيرة لا من السير وراء قطار الحداثة المزركشة إذ ربما يهوي هذا القطار سريعا في أعماق المتاهة والنسيان ‘واليوم لا نرى أي أثر لشعراء
وأدباء ساروا في الحداثة أول انطلاقهم كحصان السباق لكن في المقابل
لا زالت أشعار زهير وابن كلثوم ولا زال خطباء الإسلام حين دخلوا دين
الرسول رنانة في آذان العرب والمسلمين الى يومنا هذا
والأدب هو الصورة المقابلة للتراث الثقافي في كل مجتمع أوأمة؛ لذلك يسعى المحتل لبلد ما أن يطمس أدبه بكافة وسائله الشائنة من إحراق وإغراق
الكتب وغيرها من الوسائل وتجنيد العملاء لماذا؟ ْلأنه (المحتل) يعلم أن مقاتلته ستكون بخناجر الشعراء والأدباء عاجلا أم آجلا
لقد تجلّت أولى المحاولات الشعرية إلى التجديد في الشعر الأندلسي ؛
فتو ّجت محاولاتهم تلك بابتكار نمط جديد لم يألفه الشاعر ما قبل الإسلام ذلك هو الموشح الذي يمتاز بجمالية الحرف والقالب العربي ‘ يقول ابن خلدون
(وأما أهل الأندلس فلّما كثر الشعر في قطرهم وتهذبت فنونه، وبلغ التنميق في الغاية، استحدث المتأخرون منهم فن سموه بالموشح ينظمونه أسماطاً أسماطاً واستظرفه الناس جملةً لسهولة تناوله وقرب طريقه وكان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدم بن معافر الفريري ،وأخذ ذلك عنه عبدالله بن عبد ربه صاحب العقد الفريد وقد وافقه في هذا الصالح الصفدي في الوافي بالوفيات)

إن أوزان الموشحات لا تخلو من أن تكون مجارية ْ لأوزان الشعر
العربي، عند ابن زيدون وغيره، فهي نظمت وفق منهج الخليل الفراهيدي---
ثم بدأت حملات الغزو والاحتلال في أواخر الحكم العباسي ودخول التأريخ
العربي الإسلامي في فترتها المظلمة؛ فأحرقت الكتب وأغرقت مكتبات كبيرة
في أمواه دجلة على يد المغول وما تلتها من غزوات ارتدادية على معاقل المسلمين ولا تزال إلى يومنا هذا وما نسمعه ونراه عن غزة وأهلها خير دليل .