عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-2016, 01:31 PM
المشاركة 7
هند طاهر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حقيقة (لا إله إلا الله)

للشيخ : صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، وكل من اتبعه وتمسك بسنته إلى يوم الدين . أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى أمرنا بذكره وأثنى على الذاكرين ، ووعدهم أجرا عظيما ، فأمر بذكره مطلقا ، وبعد الفراغ من العبادات .
قال تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ، وقال : فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ، وأمر بذكره أثناء أداء مناسك الحج خاصة فقال تعالى : فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وقال تعالى :
(الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 116)
وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ، وقال تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله .
وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ، ولما كان أفضل الذكر : لا إله إلا الله وحده لا شريك له- كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير الدعاء دعاء عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، ولما كانت هذه الكلمة العظيمة لا إله إلا الله لها هذه المنزلة العالية من بين أنواع الذكر ، ويتعلق بها أحكام ، ولها شروط ، ولها معنى ومقتضى ، فليست كلمة تقال باللسان فقط ، لما كان الأمر كذلك آثرت أن تكون موضوع حديثي في هذه الكلمة المختصرة ، راجيا من الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهلها المستمسكين بها والعارفين لمعناها ، العاملين بمقتضاها ظاهرا وباطنا .
وسيكون حديثي عن هذه الكلمة في حدود النقاط التالية :
مكانة لا إله إلا الله في الحياة ، وفضلها ، وإعرابها ، وأركانها وشروطها ومعناها ، ومقتضاها ، ومتى ينفع الإنسان التلفظ بهذه الكلمة ، ومتى لا ينفعه ذلك . . فأقول مستعينا بالله تعالى : -
1 - أما مكانة هذه الكلمة : فإنها كلمة يعلنها المسلمون في أذانهم وإقامتهم وفي خطبهم ومحادثاتهم ، وهي كلمة قامت بها الأرض والسماوات ، وخلقت لأجلها جميع المخلوقات ، وبها أرسل الله رسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه ، ولأجلها نصبت الموازين ووضعت الدواوين وقام سوق الجنة والنار ، وبها انقسمت
(الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 117)
الخليقة إلى مؤمنين وكفار ، فهي منشأ الخلق والأمر والثواب والعقاب ، وهي الحق الذي خلقت له الخليقة ، وعنها وعن حقوقها السؤال والحساب ، وعليها يقع الثواب والعقاب ، وعليها نصبت القبلة ، وعليها أسست الملة ، ولأجلها جردت سيوف الجهاد ، وهي حق الله على جميع العباد ، فهي كلمة الإسلام ، ومفتاح دار السلام ، وعنها يسأل الأولون والآخرون . . فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين : (ماذا كنتم تعبدون ، وماذا أجبتم المرسلين) ، وجواب الأولى بتحقيق لا إله إلا الله معرفة وإقرارا وعملا ، وجواب الثانية بتحقيق أن محمدا رسول الله معرفة وانقيادا وطاعة .
هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام ، وهي كلمة التقوى والعروة الوثقى ، وهي التي جعلها إبراهيم كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، وهي التي شهد الله بها لنفسه وشهد بها ملائكته وأولو العلم من خلقه ، قال تعالى : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ، ودعوة الحق ، وبراءة من الشرك ، ولأجلها خلق الخلق كما قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ، ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب ، كما قال : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ، وقال تعالى : يُنَـزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ .
(الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 118)
قال ابن عيينة : ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله .
وإن لا إله إلا الله لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا ، فمن قالها عصم ماله ودمه ، ومن أباها فماله ودمه هدر ، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قال : لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله .
وهي أول ما يطلب من الكفار عندما يدعون إلى الإسلام ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله الحديث أخرجاه في الصحيحين ، وبهذا تعلم مكانتها في الدين وأهميتها في الحياة ، وأنها أول واجب على العباد لأنها الأساس الذي تبنى عليه جميع الأعمال .

المـرء ضيف في الحــــياة وانني ضيف


كـــــــــذلك تنقــــــضي الأعمـــــــــار،


فإذا أقمــــــــت فإن شخصي بينكــــم




وإذا رحلت

فكلمــــــــتي تذكـــــــــــار