عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
7

المشاهدات
5441
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
06-25-2013, 11:13 PM
المشاركة 1
06-25-2013, 11:13 PM
المشاركة 1
افتراضي رئيس فقد الأهلية قبل الشرعية ..
رئيس فقد الأهلية قبل الشرعية ..

يروى ابن كثير فى البداية والنهاية موقفا بالغ العمق والدلالة فى معنى ( الهيبة ) , وكيف أنها نعمة ربانية لا يؤتيها إلا عباده الصالحين وهى نعمة من المستحيل أن يجلبها المال , أو يغتصبها السلطان والقوة ,
فقد حدث ذات مرة أن حج هشام بن عبد الملك نجل الخليفة البيت الحرام , وكان من حوله الحرس يتحلقون ويدفعون الناس المتزاحمين حوله ليمكنوه من استلام الحجر الأسعد , ورغم محاولات الحرس فالتدافع زاد حول هشام ــ رغم أنه أمير ــ والناس من حوله لا يأبهون به
ويشاء الله فى نفس اللحظة ووسط الجموع الهادرة أن زين العابدين بن الحسين بن على رضي الله عنه وعن آبائه كان فى نفس الوقت يريد استلام الحجر الأسود , وإذا بالناس فور أن لمحت إطلالة زين العابدين المشرقة , وهيبته الجامعة , ونورانيته الآسرة , إذا بهم يفسحون الطريق لحفيد النبي عليه الصلاة والسلام ويرمقونه بنظرات الإكبار حتى استلم الحجر وقبله ومضي ..
وأثار الموقف بالطبع ضغينة هشام بن عبد الملك فرفع صوته قائلات فى استخفاف : من هذا ؟! , بمعنى أنه يريد التصغير من شأنه
فاستهجنت الجموع موقفه بالطبع ومحاولته الحمقاء لكسر هيبة زين العابدين ومن سوء حظ هشام أن الفرزدق الشاعر الفحل كان حاضرا فغاظه موقف هشام فألقي على البديهة بقصيدة رهيبة سرت كالنار بين الجموع كانت أبياتها لسعات فوق قفا هشام بن عبد الملك ومنها :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأتــه
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهــم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلهــا
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

ثم ختمها الفرزدق رحمه الله ببيت جامع مانع يسخر فيه من محاولة هشام قائلا :
وما قولك ــ من هذا ــ بضائره ×× العُرب تعرف من أنكرت .. والعجمُ
من هذا الموقف وغيره تضح لنا أن الهيبة والأهلية لقيادة وزعامة الناس إنما هى نعمة خالصة من الله عز وجل لها صفات يجب توافرها فى الشخص , وأولها أن يكون ذو مروءة ,
والمروءة ليست كما يظن البعض أنها مرادف للشهامة مثلا بل المروءة تعنى أن الشخص المتصف بها لا يخالف العرف السائد بين الناس , ولا يشذ عن قواعد الإحترام , وكذلك من الصفات اللازمة أن يكون صاحب خلق رفيع يصلح كمضرب للأمثال ..
وفوق هذا كله هناك غلالة النور الربانية التى يكسيها الله من شاء من عباده وليس لها أى تفسير , وإنما يشعر بها الناس عندما ينظرون إلى الشخص المتمتع ها فتقع فى قلوبهم هيبته واحترامه حتى لو لم يعرفوه ,
والهيبة فوق ذلك لا علاقة لها بالسن أو المكانة الأدبية فى المجتمع أو الغنى والفقر والسلطان , فكم من حائز لأسباب القوة لا يملك ذرة من الهيبة فى عيون الناس وتراه مثار سخريتهم إن قام وإن قعد .. وكم من ضعيف عشيرة , وفقير مال يتمتع بالهيبة بين الناس حتى إذا أمر أطاعوه كما لو كان ملكا

وقد تفنن تراثنا العربي فى الكتابة والترجمة للهيبة وأصحابها بدء من الهيبة الربانية العليا التى حازها النبي عليه الصلاة والسلام حتى من قبل بعثته , وهو بعد شاب صغير , ولكن هيبته ووقاره ومروءته دفعت قبائل العرب جميعا لقبوله حكما بينها فى من يضع الحجر الأسود مكانه عند تجديد بناء الكعبة ,
وكذلك كتب الغرب عن الهيبة تحت مسمى ومصطلح ( الكاريزما ) ولو أننا تأملنا حائزى الكاريزما فى الغرب لوجدناهم تقريبا يعملون بنفس المبادئ وهذا لا يتمتع بينهم بالمكانة إلا أصحاب الخلق والمروءة , ورغم الإنحلال الأخلاقي الذى يعيشه المجتمع هناك إلا أن الكذب والعلاقات غير الشرعية مثلا تعتبر ضربة قاضية لأى شخصية عامة هناك ..
وأثناء ولاية بيل كلينتون لرياسة الولايات المتحدة كان رئيسا محبوبا ذو كاريزما عالية , وعندما سقط فى فضيحة مونيكا لونسكى سقط اعتباره تماما للدرجة التى دفعت الجيش ــ وليس الجمهور فقط ــ لمعاملته معاملة سيئة , وعندما سؤل رئيس الأركان المشتركة فى ذلك برر ذلك للسائلين بأن رئيس الولايات المتحدة يجب أن يكون موضع احترام الجيش وهيبته , لأنه ببساطة ــ كقائد أعلى ــ يوجه الأوامر لأفراد الجيش بأن يذهبوا للموت فيمتثلوا لأوامره , فكيف نتصور حال المقالتين وهم يتلقون الأوامر بالموت من رئيس ساقط الإعتبار والأخلاق ؟!!
كل هذا وبسبب ماذا ؟!
بسبب الكذب ..

وفى هذه المواقف ما يكفي لتفسير الظاهرة التى حيرت الإخوان فى مصر ــ لكنها لم تحير غيرهم ــ وأعنى بها ظاهرة سقوط الإعتبار للجماعة كلها وعلى رأسها محمد مرسي الذى يعتبر أكثر الرؤساء المصريين فى تاريخها استجلابا للسخرية رغم أنه لم يحكم إلا عاما واحدا !!
نعم كان هناك رؤساء وأمراء وملوك مكروهون من الشعب المصري إلى درجة الغل , لكن مصر لم تعرف ــ فيما أعلم ــ رئيسا أو حاكما يتمتع بالإستهانة التى لاقاها محمد مرسي وهى استهانة يندر أن تجد مثيلا لها بين حكام الأرض !
فالمبدأ يقول ( إن الكره أفضل من الإحتقار ) , وجماعة الإخوان نالت الإحتقار قبل الكراهية بسبب أفعال يعف الناس أن يروها فى البلطجية فضلا على الحكام ..
وهذا أمر طبيعى فكذبات الإخوان ومحمد مرسي لو جمعناها لكونت مجلدا ضخما , والمشكلة أنهم ليسوا كذابين فحسب , بل يتبجحون بالكذب وينكرون أقوالهم فى بساطة مذهلة رغم تسجليها بالصوت والصورة , وهو ما أورث الناس ذهولا كبيرا
ولو أننا اكتفينا من بحر الكذب بأكذوبة مشروع النهضة لكفانا , فتصريحات الإخوان المسجلة عليهم قالت بأن المشروع أعده الإخوان من عشرات السنين , وشارك فيه أكثر من ألف عالم وخبير تنموى وتم تسجيل تجارب خمسة وعشرين دولة فى طياته ,
وأكثر الناس إساءة للظن فى الإخوان ما كان يتصور أن كل هذا عبارة عن وهم بنسبة مائة فى المائة , ولا يوجد له أدنى أثر , وكنت من الذين يظنون أن الإخوان ديهم مشروعا بالفعل ولكن ليس بالدرجة التى يروجونها له , لكن على الأقل صدقت واقتنعت أن هناك ثمة مشروع ما
ولم نصدق المنشقين عن الإخوان الذين قالوا بأن المشروع وهم كامل , ولا أثر له فى تاريخ الجماعة , فالجماعة تزعم أن عمر المشروع ثلاثين عاما وأكثر وتمت كتابته فى آلاف الصفحات ( ملأ ثلاثة صناديق على حسب تعبير صبحى صالح ) وأن المشروع شارك فيه ألف عالم ( حسب قول د. خالد عودة ) وأن المهندس خيرت الشاطر أنفق من عمره سنينا فى تجميعه ( حسب قول حسن البرنس )
ثم أفاق الشعب على صدمة أن المشروع الذى يملأ ثلاثة كراتين من الأوراق تمت طباعته فى كتيب من عشرين صفحة , وأنه وهم ضخم وليس برنامجا سياسيا قابلا للتنفيذ على الإطلاق بل هى مجرد رؤي تنتظر المناقشة ( حسب تعبير كاهن الجماعة خيرت الشاطر ) !!
ثم أفاق الشعب على الصدمة الأكبر وهو أن الجماعة التى وعدت بمائتى مليار دولار سيجلبونها لمصر لو انتخبنا مرسي , أنهم هرعوا لصندوق النقد الدولى ولسياسة القروض بنهم لا يشبع وأثقلوا البلاد بالقروض حتى أن مرسي لم يترك بلدا قام بزيارته إلا وحاول الإقتراض منه !!!
ثم تفجرت فضائح العلاقات مع أمريكا بشكل كان مبارك نفسه يستحى منه حتى أن ( آن باترسون ) السفيرة الأمريكية أصبحت تدافع علنا عن الجماعة فى مواجهة الثورة ضدها , فضلا على الإذلال القبيح الذى تعرض له مرسي أمام الساسة الأمريكيين وهم يؤدبونه على تصريحاته السابقة بشأن اليهود كطفل مشاغب ضبطوه متبولا فى فراشه !!

وجاء محمد مرسي بأداء أقل ما يقال عنه أنه مسخرة المساخر , بعد أن أصبح المادة الخام للسخرية بين جموع الشعب المصري بسبب تصرفاته ,
وهنا يتبدى لنا أن الهيبة والإحترام فرض مفروض على الناس , حتى على من اعتاد إساءة الأدب تجده يقف عند حدوده أمام أى رجل له احترامه ,
فمحمد مرسي الذى فاخر عندما اختارته جماعة الإخوان بأن اختياره جاء بسبب الكاريزما التى يتمتع بها , وتكاد حروف المقال تضحك ساخرة الآن من هذا التصريح ..
فالرجل لم يحترم نفسه حتى كمواطن عادى فضلا على حاكم لدولة بحجم مصر , وكما قلنا من قبل إن أشد الناس جرأة ووقاحة لا يمكن أن يهتك حشمة أى عالم مهيب مثلا أو سياسي له مصداقيته بين الناس , لكن تجده على العكس إذا واجه المدعين بالأخلاق ــ كجماعة الإخوان ــ عندما تظهر الفجوة العميقة بين أقوالهم وأفعالهم تجدهم قد أصبحوا مضغة فى الأفواه لدى الراقصات مثل الراقصة التى دأبت على إخراج فيديوهات ساخرة منهم ومن المتحالفين معهم من المنافقين ,
فمنذ متى جرؤت راقصة على التفوه بكلمة مثلا تجاه الشيخ الشعراوى أو الغزالى أو غيرهم ..
رغم أن هؤلاء العلماء كانوا أصحاب جبهة حربية ضد الرقاعة وضد العلمانية ومع هذا لم يجرؤ كاتب أو ممثل أن يمسهم بسوء , حتى لو جرؤ كاتب على انتقادهم لم يكن انتقاده يتعدى المواقف فقط , ولا يمتد أبدا لشخص العالم أو الداعية .. ولو كان أحدهم جرؤ على ذلك لحطمت الجماهير عظامه دفاعا عن الرموز
لكن محمد مرسي وحازم أبو اسماعيل أصبحوا مشروعا تجاريا ناجحا للغاية يتقبل الناس السخرية منهم ويستزيدون منها أيضا !!
فالأول أنكر فى حماقة وجبن مطلق كل تصريحاته عن اليهود وقال بأنها حرفت عن مواضعها رغم أن الكلام كان واضحا وليس مقتطعا من سياقه إطلاقا , وتسبب إنكاره المزرى فى إثارة سخرية وسائل الإعلام الألمانية منه , وتوالت فضائحه خطابه الحميمى إلى بيريز , وخرسه التام أمام إعلان أوباما القدس عاصمة أبدية لإسرائيل بينما كان صفوت حجازى يهتف بحشود الشهداء التى سيقدمها الإخوان للقدس , ثم وضع نفسه تحت الحذاء الأمريكى ــ قبل حتى أن يطلبوا ــ وأعلن قطع العلاقات مع سوريا فور أن أعلنت الخارجية الأمريكية دعمها المسلح للثوار !!
وتلاعب النشطاء على الفيس بوك بتصريحاته وتعهداته قبل توليه الرياسة وقارنوها بأفعاله المسجلة مثل قوله أنه سيمشي بلا حراسة فإذا موكب حراسته يتجاوز الأربعين سيارة , وأصبح الأمن المركزى يطوق المسجد الذى يصلي فيه وهو القائل أنه سيصلي الجمعة كل مرة فى منطقة عشوائية بلا أى حراسة , وتفاخر بأنه لا يحصل على راتبه بينما تقدمت الرياسة بعد توليه بطلب زيادة المخصصات بعشرات الملايين لميزانية الرياسة بهدف تجديد الأثاث والسيارات الخاصة برياسة الجمهورية !!
وعشرات الأفعال التى نعجز عن حصرها والتى سحقت شخصيته تماما وأهدرت حشمته بين الناس وبين أجهزة الدولة ,
فالرجل يتمتع باستهانة غير محدودة بين صفوف الجيش والشرطة والمخابرات والوزارات , وأكبر دليل على ذلك يتضح من معاملة وزير الدفاع الفريق السيسي للرجل المفترض فيه أنه قائده الأعلى , فقد انتحى السيسي جانبا بالجيش بعيدا عن مؤسسة الرياسة وقدم نفسه للشعب كهيئة عليا جامعة أكبر من الحكم وحماقاته ,
ولا يملك مرسي الآن أن يحرك نجمة من فوق كتف أصغر ضابط بالجيش , فهيبته الساقطة أنهت مشروعيته تماما , وهو ما تبدى فى طريقة رد قيادات الجيش على طلب مرسي بإقامة حفلات تخرج الكليات العسكرية فى موعدها قبل مظاهرات يونيو , فتجاهله القادة وأعلنوا أن تنظيم تلك الإحتفالات هو شأن خاص بالقوات المسلحة وأنهم ليسوا على استعداد لأى احتفال وسط الأجواء المتصارعة التى يعيشها الوطن !
وحتى الشرطة , ورغم أن وزير الداخلية فى قبضة الإخوان إلا أنه فقد السيطرة تماما على ضباطه لمجرد انتمائه بالولاء للإخوان , فصار عصيان الضباط له علانية على الشاشات , وتحدوا الوزير أكثر من مرة فى مؤتمرات حاشدة رفضا لسياسته بالوزارة وأعلنوها مرارا أنهم لن يؤمنوا أى مقرات للإخوان ومكتب الإرشاد !!
يتبع ..