عرض مشاركة واحدة
قديم 02-15-2014, 06:14 AM
المشاركة 5
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
جزار وعينيه رادار...

سلسلة مواقف طريفة مع جزار في حي شعبي..

الحلقة الثالثة:

مرت شاحنة مسرعة تقتحم سواد الليل تتستر بلباسه.. لكن عينا صابر الرادار كانتا لها بالمرصاد..

خرج من الدكان وهو يقاوم برودة الجو، بعد أن سكنت حركة الحارة، وأخرج عينيه مدققا في اتجاه الشاحنة، موقنا بحدسه الترقبي أن هناك أمرا جللا يحاك في ليل..

وقفت الشاحنة أخيرا على بعد مئة متر تقريبا، بالقرب من بيت أبو شادي..

أقفل الدكان بخفة عجيبة، مستعدا لمتابعة المشهد..

ثم اختبأ في مكان قصي نسبيا، فرأى رجلين يُنزلان الطوب والرمل..

صبر على اكتشافه رغم تعبه، فلم يسمى صابرا عبثا.. وفهم أن أبو شادي يضيف بناء غير مرخص فوق السطح..

فرح بالغنيمة وانسحب إلى بيته قرير العين، فرحا بانتصار فضوله ونجاح عينيه وصدق حدسه، فشكرهم جميعا على إخلاصهم لمهمته المصيرية في حياة الحارة، وفن الجاسوسية والاستطلاع الحاراتي العظيم..

رن جرس المنبه مع الثامنة صباحا، فقام صابر في نشاط، وتناول فطوره في شهية وخرج بسرعة غير ملتفت لزوجته التي بدأت سمفونية النكد الصباحية..فقد رحل بإحساسه من خانة الالتفات للدغها اليومي، إلى الاستمتاع بالمحصول الجاسوسي الذي يشبع كتاكيت فضوله ويغذيهم بالأخبار الطازجة..

وصل لدائرة الحي، وانحنى هامسا في أذن أهم رجل على الإطلاق في تلك الدائرة، رجل لا تفوته كبيرة ولا صغيرة، شغله الشاغل معرفة من سكن ومن رحل ومن تزوج ومن طلق ومن أكل ومن جاع ومن اغتنى ومن افتقر ومن اعتلى ومن وقع ومن ضرب زوجته ومن خلع نعله..

قام الرجل بسرعة وشد صابر من ذراعه ثم انطلقا إلى بيت أبو شادي لمعاينة البناء، وما إن وصلا مدخل الحارة حتى اعترضهم هذا الأخير هاشا باشا وسلم على كل منهما بورقة بقيمة عشرة دولارات..

امتعض الرجل وانتفخت أوداجه أما صابر فقد انسحب في صمت بعد أن أدى مهمته بأمانة منقطعة النظير وإخلاص لا يكاد يطير مع الأوراق الخضراء التي يشمها فيسعد وإلى صندوق الادخار يسير..

فجأة وفي غمرة اللحظات الجميلة سمع صراخ الرجلين، فساحت عيناه من جديد وسحبت معها رجليه فاصطدم بعمود من حديد..

بقلم: نزهة الفلاح