عرض مشاركة واحدة
قديم 01-27-2015, 06:10 PM
المشاركة 2
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذه واحدة من اشهر القصص القصيرة التي وضعها ارنست همنغواي. ونادرا ما تخلو منها مجموعة من المختارات الادبية الامريكية. ذلك اننا نقع فيها على اهم ما يمتاز به اسلوب همنغواي ابتداء من طريقة معالجة الموضوع معالجة هادئة عميقة الى الجمل التقريرية القصيرة، وتوكيد المعنى بالتكرار، والاعتماد الكبير على الحوار الذي تستعمل فيه الشخصيات جملا قصيرة واحيانا اجزاء من جمل، وانتهاء باستعمال الكلام اليومي العادي.

ويظهر في القصة ما تمتاز به قصص همنغواي عموما من تأكيد على الجانب المظلم في الحياة وعدم قدرة الانسان على الاحساس بالسعادة وبالتحقق والرضا. نلاحظ في القصة سلسلة من التباينات: الضوء والظلمة، النظافة والقذارة، الهدوء والصخب، الشباب والشيخوخة، العدمية والمثالية. . . ويعتقد البعض ان القصة تبحث في مشكلة القلق الذي يعيشه الانسان ابتداء من المرحلة الاولى من الحياة (النادل الشاب) الى منتصف العمر (النادل الاكبر سنا) الى الشيخوخة (الرجل العجوز). فالنادل الشاب يمتاز بميوله الى المادية والقسوة فهو كثير النزق وقصير النظر ولا يتعاطف مع ما يمر به الرجل العجوز. وهو يعتقد ان الرجل العجوز حاول الانتحار بلا مبرر لانه يملك الكثير من المال فامتلاك المال يعني كل شيء للنادل الشاب. ويمتاز النادل الذي بلغ الكهولة بحكمة اكبر فهو يتعاطف مع الرجل العجوز ويشعر بالوحدة تقترب شيئا فشيئا. ويزداد احساسه بقسوة الحياة ومرارتها. ويشير بعض النقاد الى ان النادل الكهل يؤكد على كلمة (نادا) التي تعني (العدم) لوصف احساسه بالوحدة والتقدم في العمر واقتراب الموت شأنه في ذلك شأن الرجل العجوز الذي بلغ الثمانين من العمر. ومن هنا الرأي بان الاشخاص الثلاثة يمثلون حياة الانسان من الشباب الى الكهولة ومن ثم الى الشيخوخة - وكلهم في حالة صراع مع الحياة، وكل واحد منهم يعاني بطريقة مختلفة.

اذن هذه القصة تعالج موضوعا في غاية الاهمية - الحياة بكل ما فيها من منغصات ومعاناة وآلام. وهي تقدم لنا صورة موجزة لحياة الانسان في مراحل ثلاث تشكل حلقات رئيسية في رحلة العمر باهم ما تمتاز به من اوهام وقسوة وخوف وعدمية.