الموضوع: عاصفة صيف
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-2015, 02:15 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
لا شك ان القاص هنا الاستاذ زياد وحيد يمتلك اسلوبا وصفيا رائعا وهو مؤشر على قدرة استثنائية يمكن ان يتمخض عنها اعمال سردية هامة لكن بالنسبة لهذا النص هناك ملاحظات ربما اضعفت الاثر على المتلقي من وجهة نظري.

اولا لا اعتقد ان الحمام يتغذى على بقايا الجيف وليس من المنطقي ان يتواجد الى جوار النوارس على جيف بقايا الحيوانات على الشاطي.

ايضا هذه الجزئية " طقس مال إلى شتاء عابس في عز فصل الصيف، تأشيرة تسابق الزمن نحو عالم آخر بدأتْ تلوح معالمه وراء السحب تنبئ بفصل جديد من رواية لم تكتمل"، غارقة في الرمزية او الغموض... فاي زمن ذلك الذي يتحدث عنه القاص هنا؟ هل هو شتاء قادم ودليل ذلك منظر سحابة الصيف؟ ام هو احساس داخلي بنهايته القريبة؟

لكن ان كانت الحالة كذلك فهل يعقل ان يفكر بهذه الطريقة " يحادث البحر بصمت ، يرمقه بارتعاش، تغزوه كل معاني الاشتياق وهو يهفهف بنسائمه على وجهه كلمسة أنثى ساحرة تبادله الهمس بلغة آسرة ، عواصف حب اجتاحته، يعانقه بثقله ليطيح بجسده المنهك أرضا كعناق أبدي بين حبيبين اجتمعا منذ فراق طويل"؟ فاي حب واي اشتياق يمكن ان يشعر به الانسان في ظل ظرف مثل تلك؟ وهل هو حب ام موت محقق ناتج عن عناق البحر له فيطيح بجسده؟

و لا شك ان الحديث عن البحر وزمجرته ثم زمجرة الرعد وتلبد الغيوم وانقلاب الجو وتفجر السماء وهطول الامطار وغضب البحر ثم السيول الجارفة.. كلها كلمات تختزن في ثناياها حد اقصى من الحركة والاثارة والتشويق والتي تمنح النص الحياة... ولا شك ان مثل هذه التعابير تترك اثرا بالغا لا يقل زمجرة وزلزلة على نفس المتلقي " تتلبد الغيوم، يزمجر الرعد، ينقلب الجو، تــتفجر السماء هطولا، يعلن البحر غضبه ، تختفي النوارس، يهجر الحمام المرافئ ، سيول جارفة من أعالي الجبال تجمعت في مصبها الأزلي رمت به أرضا ،" لكن اليس غريبا ان يسقط ارضا كنتيجة للسيول الجارفة وقد كنا نعتقد بأن البحر هو الذي اطاح بجسده؟

ولو كنت مكان القاص لاسميت القصة مثلا " سحابة صيف عابرة" حتى تتحقق لحظة الانقلاب ويكون وقعها اشد على المتلقي. ففي العنوان سحابة صيف عابرة غموض واحتمالات تدفع المتلقي لمتابعة القراءة لمعرفة ما القصة وما وراء ذلك العنوان؟ فيحدث مثل ذلك الانقلاب الحاد في نهاية النص خاصة بعد المقدمة المتضمنة في عتبة النص والتي هي اقرب الى وصف اجواء رومانسية لا تشي بخطب مهول قادم.

ثم اذا كان البحر المزمجر والعاصف قد اطاح بجسده المنهك والسيول الجارفة تسقطه ارضا فاي قدر ذلك الذي سينتظره ؟ وهل لديه متسع من الوقت لينتظر قدره؟ ام ان قدره صار محتوما واقعا في غمضة عين.

ارى بأن النص لا بد ان يتماشى مع المنطق حتى يكون له اثر. صحيح ان النص هنا يشتمل على كل عناصر القص الجميل من ناحية بناء الشخصية والزمكانية والوصف الرائع والاسلوب الوصفي من نمط السهل الممتنع وهناك لحظة انقلاب كما ان هناك حشد لمجموعة من الكلمات التي تبعث الحياة في النص فيكون وقعه مهولا لكن غياب المنطقية في بعض اجزاءه اضعفت اثره حتما.

اتمنى ان يتقبل الاستاذ زياد وحيد ملاحظاتي ويستمر في مثل هذه الكتابة الجميلة الاسلوب وان يحرص على منطقية الاحداث في نصوصه، حتى يكون لما يكتبه بالغ الاثر على المتلقي.
.