الموضوع: كأي شيء
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-2012, 10:32 PM
المشاركة 2
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
وكما الممحاة تترك بعض الآثار على وجه الورقة كذلك حافظت ذاكرة أحمد على بقية من بقايا صديق ذرته الأيام وعافته الكلمات فتدثّرت بالسواد ..
كلمات جمّعتها الذاكرة كأي شيء لترسمه كأي شيء رغم صدقها وعمقها ..
كلمات نبتت في عمق الذات مشروخة , مكسورة , تتألم في صمت وتكبر في ألم حتى فاضت ينبوع صدق يرثي صداقة أسست على خراب ..
أحمد الذي وهب كل شيء لرفيق دربه لم يظفر منه إلا بالجحود والغرور ..
أحمد الذي ضحى بوقته لأجل أن تزهر أيام صديقه .. أحمد الذي أناخ ساعات عمره ليرتقيها صديقه ويبني مستقبله الزاهر .. أحمد الذي شرّع أبواب صدقه ليعبر منها صديقه إلى غده الأخضر .. أحمد الذي أوقف زمنه ليشيّد على أنقاضه سعادة صديقه ... أحمد الذي وهب كلّه وما يملكه لصديقه لم يظفر في النهاية بشيء .. تبخّر كل شيء .. لم يجن إلا وهما ممتدا ما بين نفسه المجروحة وروحه المغدورة ..
أحمد كان سخيا . لم يمنع عن توأم روحه - صديقه - ما يملكه .. مكّنه من الاستجمام في سيارته .. جعله يستحوذ على حاسوبه و منعه رابط الصداقة من استرداده ..
أحمد كان يزرع أرض الصداقة إخلاصا ويسقيها أملا وهو يمنّي النفس بالثمرة التي ستآخي بين روحيهما ..
أحمد طوّحت به الأماني بعيدا فلم يستطع فكّ " الشيفرة " التي تفشي بها نفس صديقه المريضة ..
لم يفهمه حين لمّح له "
أنني سأكون ملك...فلن أصادق إلا الملوك...ولا حاجة لي برفقتك.."
لم يصله المغزى حين طلب منه أن يعطي "
الخبز خبازه يا فهيم..؟! "
واكتشف أحمد أخيرا أن صديقه كان يئد صداقتهما مع كل لحظة تفوّق في الدراسة , مع كل سنة نجاح يتخطّاها .. لقد كان يبني سدا منيعا بحجم " سور الصين " وهو يرى نفسه في نجاح مستمر ..
وهاهو يصارحك يا أحمد :

- "
أنت من أضاعك...وأنت عليك أن تجدك...وتأخذ بيدك .."
لكني أقول لك :


"ازرع جميلا ولو في غير موضعه..فلن يضيع جميل أينما صنع"
"إن الجميـــــــل إذا طال الزمان به..فليس يحصده إلا الذي زرع"

الأخت الفاضلة : حصة الحربي

عذرا إن أخّرت الترحيب بك بيننا إلى ما بعد قراءة نصك لأنه فعلا كان قويا من خلال لغته السامقة وفكرته السامية ..
فأهلا بك مبدعة وصاحبة قلم ينثر الإبداع ..
وإني أظنه كذلك وقد رشحت منه هذه الروعة في السرد ومعالجته لفكرة الصداقة وما يشوب عالمها من متقلبات وعواصف .. وقليلة هي الصداقات التي تدوم .. ونادرة هي التي لا تبنى على المصالح ..
سلمت وسلم مدادك.
ودمت بود .