الموضوع: قبور في السماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2014, 05:16 PM
المشاركة 4
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ محمد الشرادي

قبور في السماء ، عنوان موفق ، يحمل ضدية الحفرة العميقة في الأرض و معراج الروح إلى السماء . فهناك هبوط و أيضا هناك صعود . هذا العنوان ذو صبغة فلسفية ، حتى أنني عندما بدأت قراءة النص و في مقدمته الحوارية كادت تجنح إشاراته نحو تعددية الحقائق ، قبل أن يرسو الحوار على طاهر يؤمن بالمرأة الشيطانة ، وصديقه المؤمن بذئبية الرجل . ليس المهم في الغالب أي الطرحين صائب في النصوص ذات الطبيعة التساؤلية ، التي تثير الظاهرة كموضوع للملامسة و المناظرة ، و البحث عن أسباب العلة التي جعلت العلاقة بين شقين متكاملين يسودها نوع من التنافر و العداوة التي تتمظهر في التفاعلات العنيفة بينهما .
رغم أن النص كان إلى جانب المرأة في مجمله تمثيلا للنظرة التحررية ، و تضامنا مع حيف يطالها ثقافيا و اجتماعيا ، فأرى أن النص موفق في مجمله والقصة التي تضمنها الحوار جاءت في سياق الحجة التي يفرضها الحوار .
إذا كانت لغة النص متينة و جديرة بالاحترام و أيضا توظيفاتها الجمالية راقية و تعبر عن حرفية و امتلاك ناصية الوظائف الدلالية للمفردات ، فربما اعترى بعض التشويش بنية النص هذا طبعا وفق رؤيتي المتواضعة .

النص بدأ بمقدمة حوارية وجاء بحكاية على سبيل إقامة الحجة ، فعند نهاية النص بحثت عن صلب المقدمة لأجده متواريا وراء ثقل الحكاية ، ونسيت أن هناك نقاشا دائرا بين صديقين ، فالخاتمة مالت عن إطار المقدمة أو تجاهلته .
سآخذ مثالا عينيا في النص فلنتأمل معا هذا المقطع :

- الله !؟ الله !؟ أيوجد تحت سمائك رجل بهذه الخسة،و القذارة، ذئب جائع تمتد شهوته إلى بلهاء بريئة ؟! أيكون قد ارتعش فوقها دون أن تميد به الأرض ؟ أتكون فهمت معنى أن يتأوَّه كلب مدنس على مداخل اللذة في جسدها المثخن بالجراح ؟
غرابة البشر، لا حدود لها، و سعيه خلف الشهوة، جعله يبحث عنها في أماكن لا يتصورها العقل، و يعمل على جَنْيها بطرق مقززة، تارة يكون ضبعا يجدها في الجثث، و تارة تتصابى شهوته، و تنحدر به إلى الدرك الأسفل من الخسة، فيجعل من صبية موضوعا لنزواته،و أخرى يجنيها من جسد منهك، لا يؤشر شيء على أنه مازال حيا سوى حركاته البلهاء، التي لا معنى لها.


كلام الطاهر بيّن و ظاهر وهو عبارة عن تساؤلات : الله !؟ الله !؟ أيوجد تحت سمائك رجل بهذه الخسة،و القذارة، ذئب جائع تمتد شهوته إلى بلهاء بريئة ؟! أيكون قد ارتعش فوقها دون أن تميد به الأرض ؟ أتكون فهمت معنى أن يتأوَّه كلب مدنس على مداخل اللذة في جسدها المثخن بالجراح ؟
بينما الذي جاء بعده هو تدخل من الكتاب مباشر في النص و ليس على لسان أحد بطليه فالسياق الحواري للنص يستوجب جوابا عن استفهامات البطل . هذا إن لم تكن تساؤلات الطاهر لا توازي مقدار انزعاجه من النساء ، فربما تدخله جاء في صالح المرأة أكثر من اللازم وليس فقط تعاطفا مع البطلة ، و هو نقيض البداية تماما .
حقيقة لست ضد ما جاء في هذه التدخل من الكاتب في النص من حيث ما جاء به من أفكار ، فهذه الجملة التفسيرية تحمل العديد من الظواهر الخطيرة على المجتمع ، كتزويج الطفلات ، أو ممارسة الجنس على الأموات ، فالنص استحضر هنا ـ فتوى ـ مثيرة للجدل حول امكانية ممارسة الجنس على الزوجة الميتة من زوجها ، كما استحضر فتوى تزويج الفتيات في سن التاسعة حسب فتوى أخرى أثارت زوبعة في المجتمع الحقوقي المغربي . لكن المشكل يكمن في طريقة اقحام هذه الجملة في النص .



أطلقت حنان صيحة رهيبة، و صل دويها سهيلا، و السهى، بل تجاوز صداه سدرة المنتهي .


ما أروع هذه الصورة أخي محمد الشرادي ، هناك اشتغال عملاق على موسيقى الجملة ، و تمنيت لو حذفت كلمة تجاوزت و لو أنها مجازية فربما سدرة المنهى هي قمة النهاية ، فيمكن أن نقول بل جاور صداه سدرة المنهى .
اخترت هذه الجملة لأشرح سهيلا : وهو نجم من النجوم ، والسهى كوكب بعيد مخفي . وعلى ذكر ـ سهيلا ـ فقد أبدعت باستحضار رائعة عمر بن ربيعة إذ يقول :



أيها المنكح الثريا سهيلاً
عَمْرَك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يماني



تقبل مروري أستاذ محمد . فالنصوص الغنية تحتاج دائما لمن يحاورها .