عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
17

المشاهدات
7609
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
09-23-2012, 04:16 AM
المشاركة 1
09-23-2012, 04:16 AM
المشاركة 1
افتراضي تعبيرات عاشت .. لعمالقة غابت ( مع التنقيح )
تعبيرات عاشت .. لعمالقة غابت ( مع التنقيح )


( قمت بكتابة هذا الموضوع كمحاولة أولى سابقا فى عام 2005 , وكانت فكرته تتلخص فى أن أقدم للقارئ تعبيرات عاشت على ألسنة الصحابة وجيلهم , ومع هذه التعبيرات أروى الموقف الذى قيلت فيه بحيث يصاحب كل تعبير .. موقفه .. تلك المواقف الذى غابت عنا طويلا بالتغييب والتغريب
ونشرت الموضوع بالفعل فى عدد من المنتديات وعلى مدونتى الشخصية , وانتشر منها إلى غيرها من المنتديات عبر النقل المتتابع مما يشي بحب القراء للتحرى خلف رجال هذا العهد الكريم ,
وبعد مرور هذه السنوات حتى عامنا هذا 2012 م , وبعد أن طالعت ما لم أطالعه وقت كتابة الموضوع من المراجع التاريخية ومناهج البحث فى التاريخ الإسلامى وجدت أن الموضوع على صورته الأولى المنشورة فى المنتديات لا يفي بالغرض , وحيث أن الهدف الرئيسي هو إعلاء شأن الصحابة والتذكير بهم وبتاريخهم الصحيح , ودفع الشبهات عنهم كان لزاما علىّ إعادة كتابة الموضوع بأكمله من جديد وعبر خطة بحث جديدة أيضا أكثر توسعا وأدق مصادرا وأكثر تحريا للحوادث التاريخية من مصادرها الأصلية بأسانيدها الصحيحة , ومن ثم كشف الروايات الزائفة التى علقت بتاريخ الصحابة وانتشرت انتشارا مذهلا عبر أقلام وكتابات المعاصرين دون تصحيح
ولهذا سيجد القارئ أن الموضوع بهذا العنوان " تعبيرات عاشت ... " مكرر , مرة مع الموضوع القديم ومرة مع هذه الإعادة الموسعة للموضوع والتى أرجو أن تحل محل اهتمام النسخة القديمة لتصحيح أخطائها فضلا على زيادة وتكثيف المعلومات على نحو لم يرد فى النسخة الأولى
والله ولى التوفيق ونسأله أن يجعل أعمالنا كافة مخلصة لوجهه الكريم )




مقدمة


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , وتتم اللهم الرضوان على آل بيته وصحابته أجمعين , وألحقنا بهم فى الصالحين , انك ولى ذلك ومولاه .. اللهم آمين
لا يشك عاقل أوتى من الحكمة مقدار حبة الخردل , طبيعة العصر الذى نعيشه اليوم , وكيف أن الفتن التى أخبر عنها المعصوم عليه الصلاة والسلام صارت تتسلل إلى بلاد الإسلام عبر العصور , حتى أصبحت اليوم منا فى كل بيت وفى كل موطن وفى كل خطوة قدم !
وما كان انتشار الفتن بهذا الشكل المريع والذريع إلا لسبب واحد وحيد ..
هو أن الفرد المسلم أهمل تربية نفسه التربية الإسلامية الصحيحة , وفرّط حتى فى ما هو فرض عين من العلم فرضه الله على كل مسلم ومسلمة كى يقيم به حياته , ولما غفل المسلمون عن أنفسهم كانوا أولى بالغياب عن ذويهم ومن هم تحت ولايتهم فَضَلّ الأبناء بعد الآباء وتوارثت الأجيال الجديدة ظلمات بعضها فوق بعض ..
والجهل والتجهيل كان له النصيب الأوفر فى أسباب ذلك كله , فكما قال العلماء أن الجاهل يتلاعب به إبليس تلاعب الصبيان بالكرة ! "[1]" , وما هناك أحد أشد على إبليس من العلماء لأنهم أهل الخبرة بطرق دخوله على الناس , وهم دعاة الناس إلى كل خير .. رغم ما يلاقونه فى سبيل ذلك
يقول إمام السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنه :
( الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين...)
ولولا بشارة النبي عليه الصلاة والسلام بوجود العلماء ــ وإن كانوا قليلا ــ العلماء الربانيون الذين يحييون الدين فى قلوب الناس , لكانت النهاية المحتومة على أمة الإسلام ..

ولأن مصيبة الأمة الكبري بعد مصيبتها فى وفاة النبي عليه الصلاة والسلام كانت من باب أولى فى اندراس العلم باندراس العلماء وموتهم , فقد أصبحت الساحة بتوالى العصور والدهور أشبه بالملعب المفتوح أمام شياطين الإنس والجن فأصبحنا فى زمن لا يُحرم فيه الحرام ولا يُحل فيه الحلال ,
ثم كانت طامة الطوام التى حذر منها علماء الإسلام ألا وهى أننا لم نكتف بالكف عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر , بل أصبحنا نأمر بالمنكر وننهى عن المعروف ! ,
بل كان ما هو أكبر من ذلك إذ أصبح أصحاب الحق فى خجل من الجهر بالحق , وكأننا فى زمن الجاهلية الأولى ! , أما أصحاب الباطل فقنوات الإعلام مفتوحة لهم يجهرون بباطلهم فى تبجح ليس له مثيل , ولو أنهم مارسوا هذا التبجح فى عصور مضت كانت للعلماء عزة العلم فيها قائمة , لأخذهم الناس بالنواصي والأقدام
وغياب طلبة العلم والعلماء من قبلهم وغياب الهمة فى تحصين النفس بتحصيل العلم , هو ما حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح الذى أخرجه مسلم فى صحيحه قال :
( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من الناس , ولكن يقبضه بقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوسا جهالا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )
وفى الحديث الصحيح أيضا حذر النبي عليه الصلاة والسلام من أئمة آخر الزمان , هؤلاء الأئمة الذين يدعون إلى النار فمن استجاب إليهم قذفوه فيها !

ولا شك أن هذا هو حالنا اليوم , وكيف لا .. وغالبية المسلمين اليوم مسلمون بواقع بطاقات الهوية !
أما أوامر الإسلام ونواهيه , وفرائضة وسننه , وأحكامه وشرائعه , فهى فوق الرفوف لا تجد من يطبقها إلا قليلا , ولو وجدت من يطبقها فأغلبهم ــ إلا القليل ــ لا ينصرف عقله ومجامع قلبه إلى تلك الفرائض فيؤديها ويرعاها حق رعايتها بل ولا يهتم بغرس مبادئ الشريعة فى نفوس أبنائه ومن يعول , ولا يهتم حتى بإطعامهم من حلال أم من حرام , وكأنما يشعر بأعماقه أن الدنيا هى آخر المبتغي !
ولعمرى كدنا نشعر أن الإسلام فى نفوس المسلمين اليوم أصبح كما وصف القرآن الكريم أهل الشرك فى وراثتهم للشرك عن آبائهم بالتقليد الأعمى ..
يقول عز وجل
[بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ] {الزُّخرف:22}
فغاب الدين وغابت العقيدة عن القلوب , ولو كانت حاضرة لحضرت الغيرة على الدين فى القلب والروح , ولاهتم الآباء بغرس مبادئ الدين فى نفوس أطفالهم قبل حتى أن يغرسوا فى أفواههم لقيمات الطعام , ولاهتموا بنشر الدين الصحيح النقي الخالى من شوائب البدع فى محيط معارفهم ..
باختصار ..
لو كان الدين فى القلوب لقاموا بأهم فرض فى الإسلام ــ تلك الفريضة الغائبة ـــ أن ينكروا المنكر ويأمرون المعروف ..

وقد غاب عن الكثيرين ــ مع الأسف الشديد ــ مفاجأة غير سارة ,
إذ يتواكل الأغلب الأعم على خيرية هذه الأمة التى فضلها الله تعالى على سائر الأمم , ويعتز بأنه من أهل الأمة المحمدية التى شرفها الله تعالى بأن تكون خير الأمم وأعزها وصاحبة الشهادة على غيرها , وذلك مصداقا لقوله تعالى :
( كنتم خير أمة أخرجت للناس )
لكن وعلى عادة الناس فى أيامنا هذه لا يكملون نص الآية ولا يتدبرون , فالله عز وجل لم يجعل خيرية هذه الأمة مطلقة هكذا بلا ضوابط , والمفاجأة فى نص الآية وتفسيرها أن المرء منا نحن أمة الإسلام لا يكون من تلك الأمة إلا بحقها وبشرطها الذى اشترطه الله عز وجل وأكد عليه النبي عليه الصلاة والسلام , هذا الشرط ينقسم إلى شقين .. يتضحان من نص الآية الكريمة :
[كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ المُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ] {آل عمران:110}
أولهما : الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ,
وهذا الشرط يعتبر أهم الفرائض فى الإسلام بعد أركانه الخمس , ولا يقبل من مسلم إلا أن يؤديه على شروطه ولوازمه ورخصه , وكما بينه النبي عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح
( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان )
فتغيير اليد هنا لازمه امتلاك السلطة فيكون لولى الأمر عموم الولاية فى تغيير المنكر بالقوة , وتكون تلك الخصلة مقصورة فى بقية الناس على من يملك وحسب , بمعنى كل إمرؤ فيما تحت يده من أهل وولد , فإن رأى المنكر فى غيرهم من آحاد الناس فعليه باللسان أن ينكر المنكر ويحض على تركه فإن استعصي عليه ذلك فينكره بقلبه ويقول اللهم إن هذا منكر لا يرضيك
ثانى اللوازم : أن المفسرون قالوا فى تفسير الآية بأن خيرية أمة الإسلام جاءت من كونها أكثر الأمم خيرا لغيرها بمعنى هى السابقة فى الدعوة إلى الخير وهى الأمة الوحيدة التى شرع الله لنبيها القتال فى سبيل نشر الدعوة وهى خصيصة من خمس خصال خص بها الله عز وجل نبيه محمدا ..

من هنا كان لزاما وواجبا وفرض عين على كل مسلم أن يبذل جهده لهداية غيره للإسلام بأى وسيلة من الوسائل , وأقل هذه الوسائل أن يتخلق بأخلاق الإسلام فى معاملته مع أهلل الملل الأخرى حتى يريهم من نفسه خيرا فيرون الخير في دينه وفيه , وكم من مسلم فى الغرب أسلم بسببه العشرات بناء على موقف رأوا فيه أمانته أو صدقه أو غير ذلك من الخصال الحسنة ..
والقصص فى هذا الشأن أكثر من أن تحصي , ومنها الداعية المسلم الشهير يوسف استس , والذى كان قسا أمريكيا ومن عائلة كلها قساوسة ومبشرين للنصرانية , وكان يعمل عندهم سائقا .. أحد المسلمين , أى أنه رجل عامى ليس من أهل العلم إلا أنه كان مسلما حقا ,
فأسلموا جميعا على يديه , وسبحان الله الهادى .. لينقلب حال يوسف استس إلى النقيض فيصبح من أشهر الدعاة إلى الإسلام وفرّغ قلبه للدعوة وحدها فانطلق فى بلاد آسيا وأوربا حاملا مشعل الإيمان ليسلم على يديه الآلاف ,
وأجر هؤلاء جميعا ليس له وحده فقط , بل للسائق المسلم البسيط الذى تمكن فى مناقشات بسيطة من إدخال يوسف استس وعائلته إلى الإسلام !

ومن هذا أيضا أن يقوم المرء بمحاولة هداية المسلم ــ إن لم يجد غير المسلم ــ إلى ترك البدعة , وما أكثر البدع فى حياتنا المعاصرة , ولا شك أن تبصير المسلم المعاصر بالتوحيد الخالص فى ظل الجهل العميم , هو من فرض العين على من يعلم ولو أقل العلم ..
والمرء منا لو تسبب فى هداية رجل واحد سواء إلى الإسلام أو إلى السنة ــ إن كان مسلما على بدعة ــ , فإن هذا خير له من حمر النعم , كما نص الحديث وفى رواية خير له من الدنيا وما فيها ..

والأدلة الصريحة على أن خيرية الأمة مشروطة بهذين الشرطين ما نقله لنا ابن كثير وغيره فى تفسيره قال :
{ يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم فقال) كنتم خير أمة أخرجت للناس)
قالالبخاري: حدثنا محمد بن يوسف ، عن سفيان ، عن ميسرة ، عن أبي حازم ، عنأبي هريرة: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) قال : خير الناس للناس ، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام .
وهكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ،وعطاء ،والربيع بن أنس ،وعطية العوفي( كنتم خير أمة أخرجت للناس) يعني : خير الناس للناس
والمعنى : أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ، ولهذا قال ( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
قال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة عن زوج درة بنت أبي لهب ، عندرة بنت أبي لهبقالت : قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ، فقال : يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ فقال : " خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم } "[2]"

وفى الحديث الصحيح :
( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر , أو ليوشك الله أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعون فلا يستجاب لكم )
ولهذا فى هذا إجابة لمن يتساءل دوما , أنه يكثر من الدعاء فلا يُستجاب له !!
وعن جرير رضي الله عنه مرفوعا ( ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي هم أعز منه وأمنع لم يغيروا عليه إلا أصابهم الله عز وجل بعذاب ) رواه أحمدوغيره
وهذا الحديث من أصرح النصوص فى وصف حالنا اليوم , وكيف لا وقد أصبحت الدعارة فنا والكفر فكرا وفلسفة , والعدوان على ذات الله عز وجل إبداعا , وسب الأنبياء والصحابة اجتهاد فى الرأى !

وتقصير أمة الإسلام اليوم فى الدعوة إلى الله أمر لا ينكره إلا الأعمى ,
فلم يعد الأمر يقتصر على وجود غير المسلمين الذين لم يسمعوا قط بالإسلام أو أولئك الذين سمعوا به مشوها , بل امتد الأثر إلى ما هو أعظم فى بلاد الإسلام ذاتها , حيث يقبع فى القري والأنحاء القاصية من كل بلد فى بلادنا قرويين بسطاء لا يعرفون الفاتحة بل ولا يعرفون عدد ركعات كل صلاة !
وهؤلاء وهؤلاء سواء الجهلة أو أولئك الذين لم يسمعوا بالإسلام أصلا , لا شك ولا ريب أن ذنبهم فى رقبة أهل القبلة جميعا ,
ومن عجائب الأمور أن أهل الباطل يبذلون فى الدعوة إلى باطلهم جهدا جهيدا لا نبذل نحن عشر معشاره , ووفقا لما نقله الشيخ الدكتور عبد الرحمن السميط , أحد الدعاة العظام فى إفريقيا , أن حركة التنصير فى إفريقيا جمعت تبرعات تعادل 460 مليار دولار خلال عام 2009 فقط لبذلها فى نشر النصرانية وإغراء الأفارقة بالمال كى يدخلوا فى النصرانية ..
ومعهم جنبا إلى جنب تبذل إيران أموالا لا تقل فداحة , وجهودا لا تقل عن هذا فى نشر التشيع والرفض فى نفس الوقت الذى تعج فيه بلاد السنة بأموال طائلة تفوق مجموع ما لدى الغرب من ثروات ويتم صرفها فى اللهو والملذات , ولا يقتصر الأمر فى ذلك على الحكومات فحسب , بل يمتد إلى الأفراد أيضا فكم من ملياردير دفع المبالغ الطائلة لقاء ساعة لهو واحدة فى ملاهى لندن ولاس فيجاس !
وقد يسأل سائل هل فرض عين على كل مسلم بسيط أن يتكلف عنتا فى السفر إلى إفريقيا مثلا أو غيرها ليدعو إلى الله ؟!
والجواب كلا بالطبع , فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها , ولكن الواجب على مسلم حتى يتخلص من وزر التقصير أن يبدأ بمن يعول , فيحصن أبناءه وزوجته ويجعل للدين نصيبا مفروضا من حياته بدلا من أن يجعله طقوسا خالية من الروح والخشية الواجبة لله تعالى , ثم يبدأ بعد ذلك بمحيط معارفه , وكلٌ فيمن يستطيع الوصول إليه يدل على الخير ويدعو إلى الفضائل وينصح فالدين النصيحة ..
ومن لم يكن من أهل فليكفل طالب علم ويقوم على معاونته فله أجره كأجر العالم , تماما كمن جهز غازيا فى سبيل الله له مثل أجره ومن استخدم قدراته فى إنشاء البرامج والمواقع التى تخدم الدعوة فلا شك أنه أدى واجبه ما دام مخلصا فى ذلك لله , ومن لم يستطع فلينقل عن غيره من العلماء , العلوم النافعة فينشرها بشرط التثبت وحسن اختيار من ينقل عنه حتى لا يكون نقله وزرا عليه
أما إن كان المسلم من أهل العلم وأهل الفكر وأهل القلم ..
فهذا مصيبته أعظم إن اتخذ علمه لهوا وسمعة ورياء وطلب به الدنيا وهو أقصر الطرق إلى الآخرة , والله تعالى لم يجعل هذا الفضل الرهيب المترامى لأهل العلم هباء , بل جعله مشروطا أيضا أن يكون تعلم العلم ونشره لله وحده فإن كان رياء وسمعة وطلبا للرياسة والشهرة كان علمه حجة عليه يوم القيامة .. ,
فكل من امتلك العلم عليه أن ينشر علمه بين الناس حتى لو لم يكن يمتلك إمكانيات نشره مطبوعا , فالله قد يسر للعالمين من وسائل النشر اليوم ما يجعل أمر النشر الإلكترونى سهلا ميسورا .. ومن يستخدمون الإنترنت اليوم أضعاف من يقرءون ,
أى أن الله عز وجل يسر لنا ما لم يتح لغيرنا فى العصور السابقة من الوسائل التى تجعلنا نوصل كلمة الحق والدعوة بأبسط السبل ..




الهوامش :
[1]ــ تلبيس إبليس لابن الجوزى ــ طبعة دار ابن الهيثم
[2]ــ تفسير سورة آل عمران ــ تفسير ابن كثير ـ طبعة دار التراث