ديكارت و العقل الحديث يعد عالم الرياضيات ديكارت واحدا من أعلام انبعاث العقل الغربي و تجدّد فعاليته بعد قرون من السبات ، عقل حاول صياغة نموذج معرفي يوازن بين الروحانيات والمادايات ، فهذه الثنائية حاضرة في فكر ديكارت على العموم إذ يعتبر الإنسان اتحادا بين النفس والجسد ، وهذه الوحدة لا تمنع من و جود حقيقي للنفس منفصل عن الجسد ، فالفكر في اعتقاده هو جوهر الإنسان و الجسد عبارة عن ملحق لهذا العقل و الفكر ، فإذا كان ما يدركه العقل حقيقة موضوعية فهو الجوهر ، أما احساسات الجسد فهي مجرد انفعالات وليست أفعالا ، فديكارت هنا يوجه شبه نقد للفكر الأرسطي الذي يأخذ صور الماهيات من الجزئيات أي المحسوسات ، فأرسطو وحّد بين الصورة والمادة بين النفس والجسد ، ديكارت فصل بينهما وأعطى الأسبقية للفكر يعني أصالة العقل ، أي الجوهر هو العقل . وهذا ما يشير إليه الكوجيطو فحقيقة الوجود الذاتي مرتبطة أصلا بوجود نشاط عقلي اسمه التفكير . " أنا أفكر إذن أنا موجود ." تحصل المعرفة عند ديكارت بصيغتين أساسيتيتن وهما الحدس و الاستنتاج ، أي البداهة أولا ثم استنباط أفكار جديدة من البديهيات . و لخص منهجه المعرفي في أربعة أصول كما يلي : 1ـ قاعدة اليقين : عدم قبول أي شيء على أنه حق إلا عند التيقن من ذلك . وفي هذه الجملة المنفية يظهر الشك المنهجي الديكارتي ، عدم القبول يعني أن هناك " شكا" ، لكن ليس شكا مطلقا بل هو شك من أجل اليقين ، لذلك سميت القاعدة قاعدة يقين و ليست قاعدة شك . وفيها يظهر الكوجيطو بشكلي جلي :" أشك و أفكر فأنا موجود ". 2ـ قاعدة التحليل : تقسيم أو تفكيك مادة الاختبار إلى عدة أجزاء قدر الإمكان و وفق ما يقتضيه الحل . 3ـ قاعدة التركيب : و هي عملية ترتيب وتنظيم الأفكار بتدرج من البسيط إلى المركب وصولا إلى معرف أكثر ترتيبا و تسمى أيضا عملية إنتاج المركب من البسيط . 4ـ قاعدة الاستقراء العام : و تسمى أيضا إعادة النظر ، و هي مراجعة ما تم الحصول عليه . غاية المعرفة عند ديكارت هي إسعاد الإنسان و تيسير حياته و تحقيق الرفاهية له . يعتبره الكثيرون مؤسس الفكر الحداثي الغربي .