عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2014, 02:12 PM
المشاركة 71
هند طاهر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


محمود الكردوسي يكتب: جريدة -لا مؤاخذة- «الشروق» أو بالأحرى: «منصة رابعة»

الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣ -

منعتنى أخلاق المهنة وحرصى على حقوق الزمالة من الخوض فيما تفعله جريدة «الشروق» منذ اندلاع ثورة 30 يونيو وسقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية ورئيسها الخائن «محمد مرسى». عندما صدرت «الشروق» كان الطموح أن تكون معادلاً مصرياً لجريدة «الحياة» التى تصدر من لندن ويموّلها أحد أمراء العائلة الحاكمة فى السعودية، وهذا يعنى أنها صنفت نفسها من البداية باعتبارها صحيفة «نخبوية». والحق أنها تميزت عن نظيراتها من الصحف الخاصة باثنتين: الصفحات الاقتصادية ومقالات الرأى، لكن الخدمة الإخبارية -وهى العمود الفقرى لأى صحيفة يومية- كانت، ولا تزال، من الضعف والارتباك وعدم الدقة، بحيث يصعب التمييز بين «الشروق» و«الأهرام المسائى» فى مرحلة «ما قبل محمد خراجة»، لذا ظل توزيعها يتراوح قبل 25 يناير 2011 -صعوداً وهبوطاً- عند الثلاثين ألفاً.. فى الوقت الذى تجاوز فيه توزيع «المصرى اليوم» نصف مليون نسخة.

كنا ننظر إلى «الشروق» نظرة احترام، ونباهى بنخبويتها، لكننا لم نضعها -طوال عملنا فى «المصرى اليوم»- فى مصاف الصحف المنافسة، وكنا مطمئنين تماماً، إذ تأكد لنا أن من الصعب أن «تسبقنا» فى خبر أو تتفوق علينا بـ«خبطة صحفية»، واستتبع ذلك بالطبع أن تأثيرها أصبح محدوداً وضعيفاً لدى قارئ كان يرى فى الصحف المستقلة وبرامج الـ«توك شو» -أثناء فترة حكم الرئيس مبارك- منبراً تحريضياً ينحاز إلى همومه وشكاواه. ومن المفارقات الغريبة أن الأستاذ محمد حسنين هيكل كان يرفض باستمرار إبداء رأيه، سواء فى مهنية «الشروق» ومصداقيتها، أو فيما يتعلق بانحيازاتها السياسية، على الرغم من أن أحد أبناء هيكل هو الممول الرئيسى للجريدة. وعلى ذكر التمويل، فإن إبراهيم المعلم لم يكن له أى إسهام مادى فى تمويل «الشروق»، أو ربما كان إسهامه محدوداً جداً.. لكنه شغل ولا يزال يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة، وهو جزء من الغموض الذى أحاط بـ«ترويسة» الجريدة، وشمل أيضاً قمة إدارة تحريرها. فقد صدرت «الشروق» فى البداية من دون «رئيس تحرير» محدد، واستعاضت عن ذلك بـ«مجلس تحرير» من أربعة أشخاص، و«هيئة تحرير» بنفس العدد أو أقل، وهو ما أثر سلباً بالتأكيد، إذ أربك قرارها وسياساتها التحريرية. وحتى بعد أن استدركت إدارة الجريدة وسمّت الصديق «عمرو خفاجى» رئيساً للتحرير.. ظل حال «الشروق» كما هو: توزيعاً وتأثيراً ومهنية. ثم استقال «عمرو» لأسباب لا تزال غير معروفة أو مفهومة، مكتفياً بمقال رأى غير منتظم فى الصفحة الثالثة، ليحل محله الصديق عماد الدين حسين «رئيساً تنفيذياً للتحرير». ولسوء حظ «عماد» أنه تولى منصبه فى فترة حكم الإخوان، لكن الاختبار الحقيقى لكفاءته، وانحيازاته السياسية.. لم يتضح إلا بعد ثورة 30 يونيو وسقوط حكم الجماعة.

المؤكد أن سوء حظ «الشروق» أوقعها فى عصمة رجل «حريص» مثل «إبراهيم المعلم». ولا أعرف كيف يكون رئيساً لمجلس إدارتها من دون أن ينفق عليها مليماً من حر ماله، على الرغم من أن لديه «بيزنس نشر» لا ينافسه فيه أحد. لكن مشكلة «المعلم» ليست حرصه المادى فحسب.. بل أيضاً تحوله المفاجئ والمخجل من «رجل سوزان مبارك المخلص» وأحد أكثر المستفيدين من علاقته بها، إلى «رجل الإخوان» الأكثر إخلاصاً، والأكثر رهاناً على تمكنهم ونفوذهم وقدراتهم المادية الضخمة.. وتستطيع بسهولة أن تشم رائحة «فلوس قطر» فى معظم، إن لم يكن كل، ما تنشره «الشروق» من مواد صحفية، ومقالات رأى.

قد ألتمس عذراً لـ«المعلم»، فـ«البيزنس» يفرض على صاحبه أحياناً أن يكون «عبداً» لصانع القرار السياسى. لكننى لا ألتمس أى عذر لـ«عماد الدين حسين»، وأنا أعرف أنه «ناصرى» قح، وأن أشد الناس عداوة للناصريين هم الإخوان، وأن ما جرى منذ 30 يونيو يفرض عليه أن يكون رئيساً للتحرير بحق وبوضوح: إما مع الدولة المصرية، جيشاً وشرطة، وضد كل من يمارس إرهاباً ويتجرأ على هيبتها، أو يترك صولجان المنصب ويستقيل درءاً للشبهات.

تحولت «الشروق» إلى ما يشبه «منصة رابعة»، فكل فلول الإخوان من جوقة الدم الحرام ونحانيح الدولة المدنية والكارهين للجيش والذين تؤرقهم هلاوس عودة الداخلية وفوبيا مبارك.. يتمطعون فى مساحات رأى ترشح غلاً وتحريضاً وكراهية، وعلى رأسهم فهمى هويدى بالطبع، وبينهم كتاب هبطوا على «الشروق» من صحف أخرى تحررت من مزاجهم المشبوه والمريض.

فقدت «الشروق» وقارها.. إذ فاق انحيازها للإخوان والدفاع عن إرهابهم والعداء لكل مكتسبات «30 يونيو».. جريدة «الحرية والعدالة»، وإذا كان الحكم النهائى فى تفسير فشلها يستند منذ البداية إلى ضعف مهنيتها.. فإن انحيازها لهذه الجماعة الإرهابية سيذهب بها، وبالجماعة، وبهذه الطغمة المائعة من كُتّابها، إلى مصير.. أظن أنها تستحقه: بقعة زيت فى قرطاس طعمية.

المـرء ضيف في الحــــياة وانني ضيف


كـــــــــذلك تنقــــــضي الأعمـــــــــار،


فإذا أقمــــــــت فإن شخصي بينكــــم




وإذا رحلت

فكلمــــــــتي تذكـــــــــــار