عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2014, 11:36 PM
المشاركة 228
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عبدالله بن علي العمودي

أرسل لي الشاعر و الأديب خالد بن حامد البار السيد ترجمة لحياة عبدالله بن علي العمود كان قد أطلع عليها تحت مسمى (عبدالله بن علي العمودي حياته، وجهوده في تدوين تاريخ منطقة جازان )من جهد الأستاذ محمد بن يحيى الفيفي *:
- اسمه ونسبه:هو: عبدالله بن علي بن عبدالله باسُند العمودي، والعمودي بمعنى: العُمُودية أو عمود الدين، وهو لقب اطلق على الجد الجامع لآل العمودي (سعيد بن عيسى العمودي) المتوفى بمدينة قيدون بحضرموت في سنة 671ه، نظراً لورعه وتقواه وكثرة تعبده بالصلاة آناء الليل وأطراف النهار. وقد كان نسب آل العمودي محل خلاف بين المؤرخين والكتاب قديماً وحديثاً، ولعل عالم حضرموت في القرن الرابع عشر الهجري عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف - في كتابه بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت - من أفضل من بسط القول في هذا الموضوع، حيث استعرض العديد من أقوال وآراء علماء ومؤرخي حضرموت، ثم رجح انتسابهم إلى الصديق رضي الله عنه. وهو عين رأي مؤرخنا عبدالله العمودي، كما يظهر من تدوينه لاسمه في كثير من كتبه ورسائله، حيث غالباً ما يذيله بعبارات ذات دلالة، مثل: الصديقي، البكري الصديقي، والقرشي الصديقي، إضافة إلى نصّه على ذلك صراحة في رسالته الموسومة ب (نبذ في الأنساب لمن سكن بحضرموت وفي أنساب عدنان وقحطان) - كما يذكر د. عبدالله أبو داهش -، وما أفاد به نفسه بعض معاصريه، مثل المؤرخ إسماعيل الوشلي. ومهما يكن من أمر، فقد استطاع جد آل العمودي سعيد بن عيسى العمودي، بفضل تدينه وتعدد مواهبه، أن يخلق له مكانة مرموقة بين العلماء في عصره، وأن يؤسس لأسرته نفوذاً روحياً وزعامة دينية في المنطقة، تحولت مع الزمن إلى زعامة سياسية، فقامت لها إمارة قوية في وادي دوعن بوسط حضرموت في حوالي منتصف القرن التاسع الهجري، امتد نفوذها في بعض الأحيان إلى الساحل. وعلى مدى القرون التالية دخلت في صراع مرير مع القوى السياسية المنافسة في المنطقة، وخاصة الكثيري، والكسادي، حتى إذا ما دخل القرن الرابع عشر الهجري كان الضعف قد أخذ منها مأخذه، نتيجة لتلك الصراعات المتواصلة من جهة، والتنافس على المناصب والزعامة الدينية والسياسية بين أفراد أسرة آل العمودي أنفسهم من جهة أخرى، الأمر الذي ساعد الدولة القعيطية على احتوائهم وإزالة إمارتهم في أواخر العقد الثاني من ذات القرن. 2- مولده ونشأته: من المتفق عليه أن عبدالله بن علي العمودي قد ولد في مدينة أبي عريش، ولكن الخلاف كان في سنة مولده؛ هل كان في سنة 1278ه، أو 1295ه، أو 1299ه ؟ فقد قال بالتاريخ الأول الاستاذ إبراهيم بن عبدالله العمودي، ولكن دون الإشارة إلى مصدر محدد أو دليل يدعم وجهة نظره. وبه أخذ الدكتور عبدالله أبو داهش، بحجة: أن القائل به ولده، الذي يفترض أن يكون قد اعتنى بتحقيقه (تحفة القارئ والسامع ، 1/1؛ الأدارسة في تهامة، ص 16). أما التاريخان الآخران فقد قال بهما المترجم له في العديد من المناسبات، سواء في كتاباته، أو في إفادته لبعض من ترجم له من معاصريه، ويلاحظ إنه لم يشر - أي المترجم له - البتة إلى التاريخ الذي قال به ابنه إبراهيم، وهو 1278ه، مما يدعو إلى الشك في مدى مصداقيته هذا التاريخ، والقول بعدم صحته. لقد بدى المترجم له متردداً وحائراً في تحديد سنة مولده بين سنتي 1295، و1299ه، فكتب للشيخ أحمد بن حسن العاكشي (ت 1388ه) قائلاً: " وكان بروزي في عالم الوجود في عام خمسة وتسعين في القرن الثالث عشر، أو على رأس القرن بقرائن، فعلى الرقم الأول يكون سني الآن - أي سنة 1388ه - ثلاثة وتسعين، وعلى الرقم الثاني فعمري الآن ثمانية وثمانين..." (عبدالله العمودي، نبذة في ترجمته كتبها للشيخ أحمد بن حسن عاكش، ص 1، زودني بها الاستاذ حجاب بن يحيى الحازمي، فله مني جزيل الشكر والعرفان). وذكر في كتابه (اللامع اليماني، 46/2ب - 47أ) معلقاً على إحدى الحوادث الكونية - تساقط النجوم - التي أرخها المؤرخ اليمني عبدالواسع بن يحيى الواسعي برمضان 1289ه، قائلاً: إن ذلك على خلاف ما علمه من الأثبات إنها كانت في سنة 1304ه، وأردف قائلاً: إنه يتحققها وكان في الخامسة أو السادسة من عمره، مما يعني إن مولده كان في سنة 1299ه تقريباً، إذ يفهم من زبارة الذي ذكر تلك الحادثة نفسها بإنها كانت في أواخر سنة 1304ه. ولكن الشيء الملفت للنظر إن العمودي نفسه عندما ذكر الحادثة نفسها في أحد مجاميعه الشعرية قدّر عمره بتسع سنوات تقريباً، وكرر ذلك عندما روى الحادثة نفسها لحفيده أحمد بن صالح العمودي، مما يعني أن مولده كان في سنة 1295ه. وفي موضع آخر من كتاب اللامع ( 50/2ب) علّقَ على تاريخ تعيين أحد الولاة العثمانيين في أبي عريش والمؤرخ في سنة 1295ه، بقوله: "لعله في سنة تسع وتسعين لأنه تكررت عمالته بأبي عريش مرات، لإني عقلت زمن ذلك العمل وأنا صبي في الخامسة تقريباً". هذا فيما يتعلق بما خطه قلم العمودي، أما تاريخ مولده عند معاصريه، فقد أرّخه الوشلي بسنة 1299ه، بناء على ما أفاده به المترجم له، وذكر الشيئ نفسه المؤرخ زبارة في كتابه (نزهة النظر في رجال القرن الرابع عشر، 377/1)، ولكن صاحب كتاب (تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع، ص 344) خالفهما وحدده - أي مولده - بسنة 1295ه، وهذا الاختلاف يعكس آراء العمودي نفسه، وعدم جزمه - كما أسلفنا - بتاريخ معين من التاريخين المذكورين. وخلاصة القول إن تاريخ مولد القاضي العمودي قد انحصر بين سنتي 1295و1299ه، ولكن من الصعوبة بمكان الجزم بأحدهما دون الآخر؛ نظراً لتأرجح العمودي نفسه بينهما، وعدم استطاعته تحديد أحدهما كتاريخ نهائي لمولده. كان علي بن عبدالله العمودي قد رزق بالعديد من البنين والبنات، إلا أن الله تعالى توفى البنين جميعاً، ولم يعش منهم إلا المترجم له، ثم لم يلبث الوالد نفسه أن توفاه الله مخلفاً وراءه زوجته وابنه الصغير الذي لم يكن عمره يتجاوز بضع سنوات، إضافة إلى عدد من البنات، فنشأ المترجم له وتربى في حجر أمه يتيم الأب. ويذكر المترجم له أن أحد موالي أبيه يسمى (مباركاً) قد قام بشئون العائلة ورعايتها خير قيام، وكان بمثابة الوالد في العطف والتفاني في خدمتها وتلبية متطلباتها. فقام ببناء سقيفة (عشة) صغيرة على الطريق المؤدي إلى سوق المدينة الاسبوعي، وجعلها بمثابة استراحة للمتسوقين يتفيئون فيها في غداتهم ورواحهم، وجهزها بما يحتاجون إليه من المياه العذبة وغيرها، فكان ما يتحصل له منها يقوم بصرفه على متطلبات عائلة مولاه، مما كان له بالغ الأثر فيها، وكان محل تقديرها واحترامها، حتى إنها كانت لا تناديه إلا بالأب مبارك، وسماه الناس بمبارك العمودي (أحمد العمودي، مرجع سابق، ص 2). 3- حياته العلمية: ويبدو إنه قد تنقل بين عدد من الكتّاب مثل: كتّاب الفقيه حسن آدم، والفقيه حسن بن هندي الحكمي، والفقيه أيوب في رباط مسجد ابن أبي أيبك، ولم يستقر أو يتقيد بكتّاب معين دون سواه. وعلى الرغم من ختمه قراءة القرآن الكريم، إلا إنه وصف لنا قراءته خلال هذه الفترة المبكرة من حياته العلمية بأنها كانت سطحية (نبذة في ترجمته كتبها للشيخ أحمد بن حسن عاكش، ص 1- 2). كانت مرحلة الكتّاب تمثل الدرجة الأولى في سلّم التعليم، وكان على الطالب إذا انتهى منها أن ينتقل إلى المرحلة الأعلى، مرحلة الحلقات العلمية التي كان يقيمها أبرز علماء العصر، وهي الاختبار الحقيقي لإمكانيات الطالب ومقدرته على الاستيعاب والاستمرار في الطلب والتحصيل، إذ كان يتوجب عليه حفظ المتون الطويلة وغيرها في مختلف العلوم الشرعية والعربية. وهذا بالضبط ما حصل بالنسبة للمترجم له، حيث التحق بحلقة آل عاكش المشهورة في المنطقة، وكان القائم عليها العلامة إسماعيل بن حسن عاكش (ت 1322ه) منذ وفاة والده العلامة الحسن بن أحمد عاكش في سنة 1290ه. فدرس على يديه - كما يذكر - في الفقه، والتفسير، والحديث، واللغة العربية، ونحو ذلك. ولما كانت تلك الحلقة من أشهر - إن لم تكن أشهرها - حلق العلم في المنطقة خلال تلك الفترة، فقد كانت مقصداً للكثير من طلبة العلم في المنطقة، ومن أبرز من قصدها في تلك المرحلة وزامل المترجم له في الأخذ عن العلامة العاكشي الإمام محمد بن علي الإدريسي (ت 1341ه)، الذي يصفه العمودي بإنه كان في عنفوان الشباب، وإنه قد استفاد منه في مبادئ بعض العلوم، وكذلك العلامة محمد بن حيدر القبي النعمي (ت 1351ه). ولذلك فقد بادر المترجم له بالهجرة إلى بعض المراكز العلمية المشهورة في تهامة اليمن، التي كانت تشكل معاقل مهمة من معاقل الفقه الشافعي التي يؤمها طلبة العلم من كل مكان. فوصل إلى ميناء الحديدة في سنة 1315ه، وفيها عكف على ملازمة علمائها والأخذ عنهم في شتى العلوم الشرعية والعربية، وكان من أبرز - كما يذكر - شيوخه فيها: العلامة محمد باري بن عبدالقادر الأهدل (ت 1326ه)، ومفتي الحديدة وعالمها في تلك الفترة عبدالله بن يحيى مُكَرّم (ت 1329ه)، والعلامة فرج بن محمد الحوكي (ت 1326ه). وبعد أن أمضى في الحديدة ما يقارب العام أو أكثر بقليل، انتقل إلى قرية (المراوعة) - شرق الحديدة بنحو 20كيلاً -، أحد معاقل العلماء آل الأهدل المشهورين في تهامة اليمن، حيث مكث فيها ثلاث سنوات ملازماً لعلمائها، مثل: العلامة محمد طاهر بن عبدالرحمن الأهدل (ت 1347ه)، والعلامة حسن بن عبدالله بن معوضة الأهدل (ت 1352ه)، والعلامة عبدالله بن محمد بن عبدالباري الأهدل، الملقب بالجمالي، والعلامة حمزة بن بن عبدالرحمن بن حسن الأهدل، وقد أجازوه إجازات خاصة وعامة، في مختلف العلوم النقلية والعقلية، ولا سيما فيما يروونه عن آبائهم ومشايخهم بالتسلسل، قراءة وسماعاً، لصحيح البخاري. إلا أن أكثر ملازمته كانت للعلامة محمد بن عبدالرحمن بن حسن الأهدل (ت 1352ه)، حيث درس على يديه مختلف العلوم الشرعية، من تفسير وفقه وحديث، والعربية، من نحو وصرف، ونحو ذلك، وأجازه إجازة عامة في كل تلك العلوم. ويذكر الاستاذ أحمد العمودي إن جده حدثه عن رحلته إلى مدينة زبيد - العاصمة التاريخية لمنطقة تهامة اليمن - وأخذه عن علمائها، لا سيما العلامة محمد بن عبدالله بن زيد الشنقيطي، وما كان يلاقيه من الأخير من عطف وعناية، لما لاحظه عليه من النجابة والمواظبة، وحب المطالعة والتحصيل، كما قص عليه نتفاً من ذكرياته عن حياته العلمية والمعيشية هناك، إلا إنه لم يوضح متى كانت رحلته تلك ؟ والذي يظهر لي إنها بعد رحلته إلى المراوعة، لأنه قد ثبت أن رحلته الأولى كانت إلى الحديدة، ومن غير المرجح أن يخرج منها إلى زبيد مباشرة دون التوقف في المراوعة التي لا تبعد عن الحديدة سوى عشرين كيلاً تقريباً.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا