عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2013, 10:45 PM
المشاركة 2
أميرة الشمري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رحلة بعد الزواج..

في الساعة التاسعة من مساء يوم الخميس 25 كانون الثاني عام 1934 تم زفاف الملكة عالية لابن عمها غازي الاول ملك العراق. واذاع مجلس الوزراء العراقي بيانا بهذه المناسبة جاء فيه:

بمنته تعالى لقد تم قران صاحب الجلالة غازي الاول المعظم على حضرة صاحبة الجلالة الملكة عالية بنت عمه جلالة الملك علي المعظم ملك الحجاز السابق في القصر الملكي العامر في عاصمة ملكه العراق..

والحقيقة ان مراسيم عقد القران للملكة عالية والملك غازي تمت بعد عشرة ايام من تتويجه وذلك يوم 18 ايلول عام 1933 ولقد اقتصر حضور الحفل على اقارب العروسين حيث كانت حالة الحداد معلنة بمناسبة وفاة الملك فيصل الاول.. وقد تم الزفاف ببساطة واكتفى العروسان بدعوة رؤساء الوزارات السابقين واعضاء الوزارة القائمة انذاك وبعض الشخصيات لتناول العشاء على مائدة الملك ووزعت النقود على الفقراء والمحتاجين في سائر انحاء العراق..

ويذكر ناجي شوكت احد رؤساء الوزراء السابقين انه في اواخر عام 1934 تلقيت مكالمة هاتفية من ديوان الرئاسة لحضور جلسة مستعجلة فوق العادة يعقدها مجلس الزراء في ذلك اليوم ولما حضرت وجدت نوري السعيد في حالة هياج شديد وهو يقول ((هاي العايزة.. يصبح ياسين عم الملك ثم اتضح ان الملك غازي كان يرجح ان يكون اقترانه باحدى كريمات ياسين الهاشمي على اقترانه بكريمة عمه وظهر بعد ذلك ان هناك علاقة بين كريمات الهاشمي وبنات الملك فيصل أي شقيقات الملك غازي وقد تكون اخوات الملك حبذن لاخيهن الاقتران باحدى كريمات ياسين الهاشمي ولهذا دعي المجلس الى الانعقاد في جلسة خاصة وسرية لمعالجة هذه المسالة.. وبعد اخذ ورد تقرر اقناع الملك غازي بضرورة العدول عن الاقتران بكريمة الهاشمي والاقتران بكريمة عمه.

وبعد زواجها:
انتقلت الملكة عالية الى مقرها الجديد في قصر الزهور حيث اخذت تتلقى دروسا في العلوم والثقافة والاداب من قبل مدرسين ومدرسات اكفاء..


وانتهى الحمل الاول للملكة عالية بالاسقاط في مساء 19 ايار عام 1934 وقد وجه طبيب العائلة المالكة الدكتور هاري سندرسن كتابا في اليوم التالي الى السكرتير الخاص للملك غازي جاء فيه:

سيدي انني اسف جدا لان اؤكد لكم ما اخبرتكم به بان صحة جلالة الملكة قد اصيبت بسقوط الجنين في الليلة البارحة ولكنني سعيد بان اخبركم بان صحة جلالة الملكة جيدة الان.. وامل ان جلالتها سوف تستعيد في مدة قصيرة الصحة التي كانت تتمتع بها سابقا ولي الشرف في ان اكون خادمكم المطيع..

وفعلا استعادت الملكة عالية صحتها بعد مدة قصيرة وحملت ثانية.. وظلت تحت عناية كبيرة من قبل الدكتور نفسه..

وفي الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم الخميس 2 ايار ولدت الملكة عالية ابنها الوحيد (فيصل) ولقد جاء في التقرير الذي رفعه الدكتور كندي والدكتور سندرسن ظهر اليوم نفسه مايلي:

ولدت جلالة الملك طفلها في الساعة الثامنة والنصف من هذا الصباح 2 ايار وحالتها الصحية جيدة جدا..

وقد كرست الملكة عالية نفسها لتربية طفلها الوحيد فيصل فكانت العين الساهرة عليه لاتتركه بعيدا عنها قط وكان فيصل من طفولته المبكرة يناديها بكلمة (ستي) أي سيدتي كما يخاطب مربيته بكلمة (ماما) ورغم حبها الجم لابنها الا انها منذ الايام الاولى لولادته اصرت على ان يعامل ابنها كاي طفل اخر دون خضوع له من المقربين حواليه.. وقد حدث مرة وان خاطبه احد المرافقين بكلمة جلالتكم وحين سال لماذا استعمل هذه الكلمة اجاب المرافق لانك انت مليكي..

واعتاد خدم القصر الملكي في ايام العيد ان يتسلموا الهدايا وكانت الملكة عالية تقوم بهذه المهمة ومنذ بلوغه الخامسة من عمره ظنت عالية ان الوقت قد حان لكي يقوم فيصل بنفسه بتسليم الهدايا. وبعد ان أتم فيصل هذه المهمة وانصرف الخدم قال فيصل لامه ((اهذا ما يفعله الملك؟))

وعندما وقع انقلاب بكر صدقي في صباح يوم الخميس 29 تشرين الاول عام 1936 حضر الدكتور سندرسن الى قصر الزهور في صباح ذلك اليوم في الساعة العاشرة وكان يعتقد ان الملكة عالية على علم بذلك حيث يذكر سندرسن انها كانت على علم بالانقلاب اذ لم يظهر عليها الكثير من القلق لكن اتضح لي وانا اعلم الكثير عن وضعها بانها كانت مدركة لكل ذلك وانها انضمت الى غازي مرتين خلال لحظات قلائل في الشرفة حيث كان يراقب منها الوضع بالناظور ذي الميدان القوي..

وعندما اصطدمت سيارة زوجها الملك غازي بعمود الكهرباء قرب القصر في ليلة الرابع من نيسان عام 1939 وادى الحادث الى وفاته كانت الملكة عالية صابرة وهادئة وواجهت الموقف برباطة جأش.. وقد تم الاتصال بالدكتور سندرسن بالفور فوصل القصر بسرعة ويذكر الدكتور سندرسن: ولكني لدهشتي وجدت القصر في ظلام شامل.. وحين سالت قالوا لي ان الحادث الذي وقع للملك ادى الى انقطاع الكهرباء.. وكان يحيط بالملكة عالية اخرون من افراد العائلة المالكة ومن ورائهم حشد من المتابعين وجمع من الخدم الباكين.. وحين اعترفت لها بشدة الجروح طلبت الي ان ازرقه بحقنة على امل ان يصحو بما يكفي لكي يقول بانه يخول عبد الاله سلطة الملوكية.. مادام فيصل الثاني لم يبلغ سن الرشد بعد..

نفذت ما طلبت مني لكن دون جدوى.. وكانت عالية جريئة جدا غير ان التابعين النائحين كانوا يضيفون اليها المزيد من الاسى ولقد اصرت على ان تغلق الابواب وان توضع حراسة على كل باب منها.. وفي غضون عشرين دقيقة من وفاة الملك غازي عقد مجلس الوزراء جلسة طارئة ادلت فيها الملكة عالية والاميرة راجحة ابنة الملك فيصل الاول افادة مشتركة جاء فيها:

ان جلالة الملك سبق له ان ذكر امامنا في مناسبات عديدة سابقة بانه اذا طرأ على حياته حادث فان الامير عبد الاله يكون وصيا على نجله.

ويذكر الوزير علي الشرقي فيقول: ان نوري السعيد اوعز الى الملكة عالية ان ترفع كتابا الى مجلس الوزراء المنعقد للنظر في اقامة وصي على العرش تشهد فيه ان زوجها الملك غازي قد اوصى اليها بذلك..

وعندما قامت حركة مايس 1941 تم قطع الاتصال الهاتفي عن الملكة عالية وبقية العائلة المالكة ومنع الزوار من الاقتراب اليهم في حين سمح للخدم بالمجيء الى القصر والقيام بواجباتهم وقد اتخذت الاجراءات التي تتضمن سلامة الملك الطفل بوالدته وقررت حكومة الدفاع الوطني التي شكلت عقب قيام الحركة نقل الملك فيصل الثاني الى اربيل بصحبة الملكة عالية.. بعد هروب الامير عبد الاله الى الخارج خشية ان يتعرض القصر الملكي للقصف بالطائرات البريطانية التي كانت تغير على بغداد في تلك المدة ونزلت العائلة في منزل الملا افندي والد النائب عز الدين الملا ومكثوا اسبوعا واحدا ثم عادوا جميعهم الى بغداد في الثالث من حزيران عام 1941 بعد فشل الحركة..

وعندما قامت الحرب العربية الصهيونية عام 1948 ودخلت القوات العراقية الى فلسطين ذهبت الملكة عالية مع بقية نساء الاسرة المالكة الى جبهة القتال لاول مرة واسهمن في اقامة الاسواق الخيرية ووحدات الهلال الاحمر وقد تاثرت القوات العراقية بالغ التاثير كما سر الجرحى لوجود نساء العائلة المالكة بينهم يقدمن لهم المساعدة ويسهمن في معالجة الجرحى..


"الشمس أجمل في بلادي من سواها
والظلام
حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق"

السياب