عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2013, 10:48 PM
المشاركة 5
أميرة الشمري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفاتها..

في الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس 21 من كانون الاول 1950 استدعي الدكتور كمال السامرائي على عجل الى حجرة الملكة عاليةوعند بابها وجد الاميرة نفيسة ووجهها شاحب وفي الداخل كانت وصيفة الملكة تحمل بيمينها مصحفاً كريماً.. وكانت الملكة متمددة على سريرها في حالة بين الوعي والاغماء واشارت الى الدكتور السامرائي الى ان يقترب اليها وقالت له بصوت خافت متقطع انهضني فتم لها ذلك بمعاونة الدكتور ووصيفتها عزة.. حيث اسندت على الوسادة في فراشها وشكرتهم بعينها وتمتمت الشهادة.. وفي تلك اللحظة تقيات فاخذ الدكتور المنشفة التي كانت دوما موضوعة في متناول يدها ومسح بها فمها وصدرها ومما سال عليهما من القيء ولم تنس حتى تلك اللحظة ان تشكره وهي في حالة شديدة من الاعياء ثم اسدلت جفنيها برهة وطلبت ان ترى امها نفيسة ودخلت امها ووقفت الى جانب سريرها فمدت اليها الملكة يدها ببطء وجذبت يد امها الى فمها فقبلتها وجها وقفى وقالت.. اغفري لي يا امي اذا كنت قد غلطت معك في يوم من الايام ولم ترد عليها امها بل انحنت وقبلتها وانسحبت بالحال وغادرت الغرفة بعد ان التقطت الملكة عالية انفاسها طلبت رؤية اختها عابدية فدخلت الاميرة عابدية ووقفت قريبة من الفراش فطلبت منها الملكة عالية ان تقترب من الفراش وقالت تخاطبها.. انك اختي كثيرة الافضال علي في تربية فيصل وانا اطلب منك ان تبقي امه بعد وفاتي كما كنت امه دوما.. وسكتت قليلا لتقول اريد ان ارى بديعة فدخلت الاميرة بديعة وقبلت اختها المريضة وقالت لها اوصيك يا اختي ان تعتني بزوجك فهو رجل طيب كما انت طيبة..

وبعد ذلك بدت الملكة وكانها تصحو من كابوس ودب فيها النشاط وطلبت رؤية اخيها عبد الاله فجاءها بعجلة وقلق وارتمى على قدمي اخته الملكة دون ان ينبس بكلمة فسحبت الملكة رجليها وهي تقول استغفر الله يا اخي عبد الاله كان ابني فيصل يتيم الاب وعما قريب سيكون يتيم الام ايضا فعدني ان تكون له ابا واما لاغفر لك كل ما مضى.. واراد عبد الاله ان يقاطعها الا انها ردته بحزم عدني امام الدكتور فهو شاهدي في دار البقاء.. وكررت ذلك مرتين فتمتم بالوعد وخرج من الحجرة وهي تتبعه بنظراتها الباردة ثم تساءلت الملكة؟هل اطلب فيصل لاراه؟ ثم اردفت قائلة مع نفسها لا فقد يكون نائما وطلبت صورة الملك الموضوعة في اطار فضي عند راس سريرها فاخذت الصورة وقبلتها بحنان..


واعقب ذلك اضطراب في تناسق انفاسها وهو من علامات الاحتضار وبعد نصف ساعة لفظت انفاسها الاخيرة وانتقلت الملكة عالية الى الرفيق الاعلى واظهر الملك فيصل الثاني اليتيم ضبط الاعصاب على الرغم من صغر سنة اكثر مما أظهر الامير عبد الاله وباقي افراد العائلة المالكة.. وبعد ساعات اذ اذاع راديو بغداد نص التقرير الرسمي الصادر عن هيئة الاطباء وفي الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة 22 كانون الاول 1950 شيع جثمان الملكة عالية الى مثواه الاخير في المقبرة الملكية في الاعظمية واطلقت المدافع مائة اطلاقة واطلاقة عندما ووريت التراب

"الشمس أجمل في بلادي من سواها
والظلام
حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق"

السياب