عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
11

المشاهدات
6268
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
06-10-2018, 08:30 PM
المشاركة 1
06-10-2018, 08:30 PM
المشاركة 1
افتراضي جولة صحفية سورية في بعض معالم بكين وشينيانغ
جولة صحفية سورية في بعض معالم بكين وشينيانغ

*تصوير واستطلاع ريم بدر الدين بزال

صحفية ومترجمة وروائية من الجمهورية العربية السورية






نصحتني ابنتي أن أصطحب معي مؤونة تكفيني أيام الرحلة من الشاي ونبهتني إلى أنني قد لا أجد النكهة التي أحب. غير أني ووفقا لما قرأته من استطلاعات وشاهدته من برامج وثائقية عن الصين ووفقا لما يحمله الأصدقاء الصينيون من الهدايا المغلفة في علب أنيقة تحتوي الشاي الأخضر رفضت نصيحة ابنتي وقلت لها أن الشاي من أبجديات الصينيين وأنهم يشربونه في أوعية تشبه الزبادي( السلطانية) لدينا ولا يشربونه في كؤوس زجاجية أو فناجين خزفية مع أن الصين هي المصدر الأول لهذه الأواني الزجاجية وهم يبدعون في تقديم أنواع أباريق الشاي والفناجين المميزة.

غير أن ما وجدته كان على عكس توقعاتي فالشاي الذي يشربه الصينيون عبارة عن أعشاب طبيعية توضع في ماء فاتر وتشبه مشروب الزهورات لدينا والذي نستخدمه غالبا كمهدئ للسعال وآلام البطن وغيرها.

اكتشفت النادلة الصينية الشابة في أحد مقاهي شينيانغ حاجتي الملحة لكوب من الشاي قريب مما اعتدت عليه في بلادي فما كان منها إلا أن أحضرت إبريق شاي خزفي رائع الشكل وبالقرب منه وضعت أكوابا صغيرة جدا ثم صبت لي سائلا لونه بيج تقريبا وأخبرتني أن الصينيون يفضلون الشاي بالحليب. كان طعمه غريبا بالنسبة لي لكنه مقبول غير أن النادلة الودودة لم تكتف بهذا بل بدأت تحضر إلى طاولتي كل أطقم الفناجين والأباريق في مقهاها لتشرح لي كأجنبية طريقة تقديمها بحيث تمثل كل طريقة قومية من قوميات الصين أو منطقة من أنحاءها المترامية الأطراف.

مدينة شينيانغ

مابين المطار وقلب المدينة مسافة طويلة تحتاج إلى ساعة وربع لقطعها ولكنها مهمة لاستكشاف أول ملامح المدينة. وفي حقيقة الأمر شينيانغ مدينة ضخمة تعد عاصمة لمقاطعة لياونينغ وهي مدينة مهمة على صعيد صناعة السيارات والطائرات ونقل وتحويل الكهرباء، كما أنها عقدة مواصلات رئيسية في شمال شرق الصين تصل المناطق ببعضها.

أول ما لفت انتباهي كان المراجل الضخمة التي تنفث دخانها في سماء المدينة الغائم وعندما سألت عن وظيفتها اتضح أنها مراجل ضخمة تقوم بتوليد الحرارة التي تصل إلى كل بيت ومؤسسة ومكان في الصين عبر أنابيب أعدت لهذا الغرض فدرجات الحرارة هنا تتجاوز في هبوطها عتبة الخامسة والعشرين تحت الصفر. هذه المراجل يتم إيقادها في اليوم الأول من شهر أكتوبر وتبقى مشتعلة حتى الأول من إبريل.

شوارع قلب المدينة مزدحمة وحركتها لا تتوقف إلا بعد التاسعة ليلا. واللافت للنظر هوانتشار المطاعم التي تقدم انواع الطعام الصيني بالإضافة إلى المطاعم العولمية من أمثال مادونالد وبيتزا هوت وكنتاكي وغيرها.

الأناقة البالغة في ملابس الصينيين علامة بارزة جدا وكأنك في متجر متنقل لبيع الألبسة الراقية. والغريب هو انشغال هذا الشعب بأجهزة الهاتف النقال لكن اتضح لي فيما بعد أن غالبيتهم يدمنون القراءة في أي مكان يتاح لهم سواء في المترو أو المطعم أو في الطريق.

عند تفحص قائمة الزيارات التي أود القيام بها تأكدت أنني مع طبيعتي المتوسطية لن أتحمل المشي في الطقس البارد لمسافات طويلة فاخترت زيارة المدينة المحرمة في شينيانغ.

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مدن محرمة

المدن المحرمة في الصين تعبير شائع يعني القصور الامبراطورية القرمزية واللون القرمزي يشير إلى نجم الشمال وهو سكن الأمبراطور في السماء ولذلك فإن ما يقابله على الأ{ض هي المدينة المحرمة التي يسكن بها وكانت محرمة على العامة فلا يدخلونها إلا بموافقة الامبراطور وهي محاطة بأسوار منيعة وعالية .

الحرارة في شينيانج تحت الصفر بسبع درجات في منتصف النهار ونحن نقصد المدينة المحرمة. يمكنك الدخول إلى المدينة المحرمة عبر بوابة كبيرة مبنية وفق الطراز الصيني التقليدي . وتحتوي كل بوابة على ساحة كبيرة يتصدرها قاعة كبرى مخصصة لغرض من أغراض الإمبراطور أو الإمبراطورة تحيط بها قاعات جانبية كانت تخص الوزراء والكتبة ولكنها تحولت الآن إلى قاعات عرض لما تم العثور عليه من أواني وأسلحة وملابس وصور وغيرها .وقد حولت بعض القاعات إلى صالة عرض ل لوحات وصور تجسد مسيرة الجيش الإمبراطوري وهو يقضي على الأعداء ويستولي على المناطق مع شرح مكتوب موثق بالتواريخ .

المدينة المحرمة أشبه بالمتاهة التي تقودك عبر ممراتها إلى قاعات أكثر أناقة وبهاء حتى وصولك إلى القاعة الكبرى والتي تحجب وراءها قاعات الأسرة المالكة والتي تحتوي متعلقاتهم الشخصية ويمكن رؤيتها من خلال زجاج مغلق. هناك أسرتهم وصناديقهم والزينة التي علاها غبار قديم. ثمة شعور بالانقباض عندما ترى أسرة من رحلوا فارغة منهم. بقيت الأشياء ولكن زالت منها بهجة الروح وخفتها.

لا يمكن للعين أن تخطيء جماليات طراز البناء الصيني، واعتناءه بكل للتفاصيل الصغيرة والكبيرة من السقوف المشغولة بحرفية وفنية عالية جدا شبيهة بالسقوف القيشاني في منازل دمشق القديمة والاختلاف هنا في المواد المستخدمة والألوان وفي قدمها حيث أن الأبنية هنا أكثر عمرا من أبنية دمشق القديمة وأكثر ألوانا . الرموز الدينية للصين القديمة هي إحدى أهم مفردات الزينة ومنها التتين وطائر الكركي وزهرة اللوتس .

وتعتبر المدينة المحرمة في شينيانغ جزءا مصغرا بنسبة 1/12 من المدينة المحرمة الأم في بكين.وبذلك يكون انتقالنا من الموجز إلى المفصل مما يتيح فرصة أكبر للتقصي والاستمتاع بهذه الأوابد العظيمة

كنت اسأل نفسي ما الذي أتى بسلالة مينج وتشينغ والهان إلى هذه البقعة الباردة جدا في شمال الصين لبناء قصر إمبراطوري وكيف استطاعوا مقاومة هذا البرد وبناء إمبراطوريتهم. يبدوأن الجواب يتلخص بكلمتين هما الأعجوبة الصينية . من يرى حجم التطور والنظام والنظافة في الصين يدرك تماما مقدار التصميم الذي امتلكه هذا الشعب . فمن مدن محرمة عليهم صنعوا بلادهم القوية المتطورة.

في اليوم الأخير هطل الثلج بغزارة ظننت معها أن حركة البشر والسير ستتوقف لكن العاصفة الثلجية لم تكن لتوقفهم بأية حال فالعمل مستمر والقطارات والسيارات في مواعيدها المحددة والمطاعم مزدحمة رغم أن الثلج يزداد سماكة والحرارة تزداد انخفاضا.

ومابين بكين وشينيانغ مسافة تزيد عن الألفي كيلومتر قطعها القطار السريع في أربع ساعات ونصف بسرعة تلامس الأربعمئة كيلومتر في الساعة. كنا الأجانب الوحيدين في القطار ولكن طبيعة الشعب الصيني الودودة لم تشعرنا بغربة رغم أن حاجز اللغة يعد العائق الأساسي فغالبية الصينيين لا يتكلمون إلا اللغة الصينية ولا يستخدمون أية لغة وسيطة أخرى.

الدخول إلى بكين ليلا يمنحك انطباعا من السكينة والهدوء فالمباني هنا اتخذت الطراز التقليدي الصيني بشكل أوضح وكأنها تمنح المدينة علامتها الفارقة. هي مدينة هادئة لا تزدحم فيها الشوارع إلا في ساعات الذروة في السابعة صباحا وفي الخامسة مساءا.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
يتبع