عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
4058
 
نبيل عودة
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


نبيل عودة is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
244

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Aug 2011

الاقامة

رقم العضوية
10276
09-15-2012, 10:17 PM
المشاركة 1
09-15-2012, 10:17 PM
المشاركة 1
افتراضي موفق خوري وقصصه للأطفال
موفق خوري وقصصه للأطفال

نبيل عودة

(ملاحظة: نشرت هذه المراجعة الثقافية في صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية بتاريخ 02 تشرين ثاني 2000، ولم تنشر على الشبكة العنكبوتية)

موفق خوري رحل عنا مبكراً في 24 آب 2012 وهو في قمة عطائه ونشاطه بعد ان تعرض لحملة تشهير لا تليق بمجتمع حضاري ولا بصحافة ذات رؤية تنويرية اجتماعية، جعلت همّها الأساسي الطعن بشخص فرد قام بنشاط لا يمكن إخفاء مداه وتأثيره الإيجابي على حياتنا الثقافية. أقول بوضوح إن تقييم نشاط كل إنسان لا يتوقف على هفوة هنا او هفوة هناك، انما بتقييم مرحلة تاريخية ثقافية طويلة بسنواتها وكبيرة بعطائها ومضامينها، قد ننتقد الكثير من الأساليب والقرارات والتصرفات، الخطأ وارد ضمن أي نشاط خلاق وإبداعي كبير وواسع، والنقد هو جهاز بيد وسائل الإعلام لا نقلل من أهميته وضرورته، ولكن يجب جعله أداة لتطوير العمل ونجاعته، اما ان نجعل النقد تشهيراُ وقتلاً لنشاط شخص ولشخصه، وكأن قضايا العرب في إسرائيل، حقوقهم ومطالبهم المشروعة، لم يعد ما يعيق عليها الا موفق خوري، فهذا مؤلم ولا نريد ان نراه يتكرر مرة أخرى مع أي نشيط كان.
الويل لمجتمع يجعل من عثرات في نشاط وعطاء الأفراد، خاصة اذا كان صاحب صلاحيات مؤثرة مثل موفق خوري، قضية لا قبلها ولا بعدها في مجتمعنا. حتى الاحتلال الإسرائيلي والقمع الاحتلالي وسرقة الارض لم يكن لهم نصيب إعلامي بمستوى الحملة الإعلامية المعادية ضد إنسان امتلأت صفحات حياته بالنشاط من أجل أبناء شعبه وثقافتهم وفنونهم على كافة أشكالها، وتلخيص مسيرة حياته يجعله في طليعة مجتمعنا والظن ان بناء مشاريع ثقافية بهذا الحجم الكبير وفتح أبواب دائرة الثقافة لمئات المثقفين والفنانين ورعاية الجمعيات الثقافية والفرق بمختلف تخصصاتها الفنية والابداعية هي مسألة تخلو من أخطاء التجربة والبناء، يعيش في وهم او يعبر عن نوايا لا تمتّ بصلة للثقافة والفنون.
*****
نص المقال كما نشر عام 2000
موفق خوري وقصصه للأطفال – بقلم نبيل عودة
(نشر في الاتحاد في 2 تشرين اول 2000)
موفق خوري هو احد اكثر الأسماء تداولاً في الأوساط الناشطة أادبياً وفنياً، تعرّض، بحكم وظيفته كمدير لدائرة الثقافة العربية، لنقاش واسع وحاد، ليس هذا ما يشغلني مع اني أحمل موقفاً نقدياً حاداً إزاء جوانب عدة من نشاط دائرة الثقافة، رغم حيويتها ودورها الايجابي الواضح. أحيانا بمجرد كونها الناشر الوحيد والأكثر نشاطاً ومثابرة لأدبنا المحلي بغثه وسمينه، الى جاب اعتماد بقية الناشرين على تغطية نفقات الطباعة الأساسية لإصداراتهم، عن طريق شراء دائرة الثقافة لكمية لا بأس بها من الكتب من كل اصدار تقريبا!!
ان الايجاب والسلب يختلطان في وظيفة مدير دائرة الثقافة العربية،لكن هذه مسألة أخرى ستبقى مطروحة للنقاش، وهي ليست ما دفعني لهذه الكتابة، لكنها طرحت نفسها تلقائيا.
فاجأني موفق خوري بإصدار عدة قصص للأطفال (الى جانب ديوان شعر وكتاب جمع فيه كتاباته السياسية المختلفة). ترددتُ كثيرا في الكتابة عن هذه القصص بسبب رفضي ان تفهم كتابتي في غير إطارها الصحيح، نفس الإطار الذي أكتب فيه عن أي انتاج أدبي آخر.
أمر آخر، موفق بقصصه وبديوان شعره، فاجأني. لا أعني بتعبير "فاجأني" موقفاً من المضمون.. انما أعني ان المفاجأة كانت على صعيد كشف جانب آخر، غير رسمي، من شخصيته ونشاطه.
الحديث عن أديب أسهل من الحديث عن مدير دائرة في موقع قرار مؤثر، المهم هنا هو اتجاهه لكتابة قصص للأطفال، وهو مجال يحتاج الى معرفة جيدة بعالم الطفل، سيكولوجيته، نفسيته، لغته والصور الأدبية الأقرب الى عالم الطفل الذاتي.
أدبنا يحتاج الى كتّاب للأطفال يعرفون كيف يلونون عالم الأطفال الخاص، كيف يوصلون لهم أجمل الأفكار، يطبعون في ذهنهم مفاهيم الكرامة والعدل والمساواة والديمقراطية، يثقفون على احترام الآخر والرأي الآخر. هذه مهمات صعبة مع الكبار، كيف الحال مع الصغار؟ هل نجح موفق في ذلك؟
الطيار، عازف العود، بائع العنب، الملك العادل، الطفل والنجار، الاحترام والشاب النبيل هي أسماء سبع قصص صدت عن مكتبة العلم والمعرفة في عبلين، وسبق وصدرت عن سلسلة مكتبة الفتى العربي، من دار الأمين للطباعة والنشر- القاهرة، وهي دار نشر معروفة، هذا الى جانب احدى عشر قصة اخرى تحت الطباعة.
القصص مخرَجة إخراجاً جميلاً، بالألوان وبطباعة أنيقة، تناسب الجيل الذي يكتب له موفق. في قصصه نكتشف شخصية موفق المربي، الذي يريد ان يزرع في روح تلاميذه الصغار روح التفاؤل والمحبة والتصميم والاستقامة.
القصص مليئة بالتفاؤل أحيانا لدرجة المبالغة، ربما لست خبيراً في أدب الأطفال، وأجد بعض الصعوبة في تقييم أجواء قصصه ومدى ملاءمتها لواقعنا، الذي يتميز بالقهر والتمييز الذي يطال أطفالنا منذ ولادتهم.
يركّز موفق في قصصه على تطوير الاعتماد على الذات والتفاؤل.
في قصة "الطيار" يتحدث موفق عن الفتى فريد الذي عاد من ميادين القتال (حرب 48) ليجد بيته خالياً من أخوته الثلاثة وأمه، حيث اضطروا الى الرحيل عن حيفا بحراً الى بيروت، وفوق صدر والدته أصغر ابنائها.
بعد افتتاحية القصة عن فريد يختفي فريد من القصة ويصبح ذكرى. تتذكره امه قبل ان تفارق الحياة، فريد لا دور له في القصة واستعمله موفق للحديث عن مأساة التشريد والضياع، كان بامكانه ان يبدأ بهروب الأم مع ابنائها الى بيروت دون فريد الزائد في النص والذي لا يتلاءم جيله مع جيل اخوته، وواضح انه مقحَم على الفكرة القصصية.
تصل ام فريد الى بيروت مع ابنائها الثلاثة، ليتولى الصليب الأحمر "إيداعهم" في مخيم على مشارف المدينة.
كان افضل لو أعطى موفق ضمن النص لمحة للقارئ الصغير عن سبب التشريد والشتات التي أصابت شعبه. النقطة الأخرى كلمة "ايداعهم" تحمل دلائل قد لا يفهمها الطفل. هي ليست مجرد إسكان او ايواء... انما يقصد ان الصليب الأحمر أودعهم في ذمته حتى إعادتهم الى وطنهم. "الايداع" استعارة جميلة، ولكنها غير ميسّرة للصغار. ولم يعد ليشرح كيف صار الايداع ترانسفير (تهجير) دائم.
تنتقل القصة لتركز على شخصية الولد سعيد (شقيق فريد)، بعد مرض أمه ووفاتها. سعيد يتميز بالذكاء، ناجح في دراسته، خلوق، محب للقراءة واللغات، يحصل على جوائز تفوق، يتعرف في المدرسة على زميلته شادية، ابنة احد الأثرياء في بيروت، التي يصحبها والدها كل صباح في سيارته الفاخرة الى المدرسة.
تنشأ بين سعيد وشادية علاقات صداقة مميزة. تعرف عن مأساة تشرد سعيد وعائلته، تحدث والدها وتدعو سعيد لزيارتهم.
هذا الاستقبال الحار للاجئ الفلسطيني في لبنان جعلني ألوم أهلي لأنهم لم يحملوا عفشهم ويهربوا الى لبنان، خاصة وأن والد شادية ضمن لسعيد ان يدرس على حساب الدولة في بيروت، ثم أرسله ليدرس الطيران في اليونان، ولم يترك أي شعور يترسب في نفسية سعيد من مأساة التشريد وفقدان الوطن.
لغة موفق في السرد جيدة وتشدّ القارئ وتعبئه بالعواطف وتنمّي ايجابياته، ولكني اظن انه علينا الالتزام بالواقع المأساوي لشعبنا حتى في الكتابة للأطفال. ان تنمية وعي أطفالنا على واقعنا المأساوي هي أخلاق ايضا، هي تربية إنسانية ضرورية.
قد لا أكون موفقا في علاجي وفهمي لأدب الأطفال، وأتحدث بلغة سياسي محروق اكثر من ناقد يعالج عملاً أدبياً للأطفال. انا شخصياً لا أرى الفرق.
من الناحية الأخرى القصة تحمل معاني أخلاقية وتربوية كثيرة سبق وان ذكرتها في البداية. الأمر البارز الآخر ان موفق يملك القدرة للنزول الى عقلية الطفل والحديث اليه بجمل مناسبة واضحة ومباشرة.
في قصصه الأخرى كان موفق أكثر توفيقاً، القصص اكثر واقعية واقرب لأجوائنا.
قصة "الملك العادل" فكرتها مبنية بشكل أكثر متكامل، ربما اختياره لقصة بأسلوب الحكايات الشعبية هو ما حقق لهذه القصة المضمون القصصي الجذاب، اذ تتميز بأجواء قصصية أفضل من سابقتها باحداث متدفقة وسريعة، وقد اخترت القصة الأكثر إشكالية من الناحية الفنية والفكرية، قصدا، حتى لا يقال اني أمدح لهدف.
قصة "الشاب النبيل" هي ايضا تنحو نحو التركيز على الخصال الإيجابية، خاصة التفكير بالآخر، بحاجاته، رغم القلة والضيق الا ان المساعدة دائماً ممكنة.
قصة "عازف العود" هي حكاية تتكرر بأشكال مختلفة مع معظم اطفالنا. التعلم على القطع الموسيقية، الرياضة، الفنون المختلفة وعلاقة ذلك بالدراسة.
شعرت ان موفق في هذه القصة يروي حادث يخصه. فهو يكاد يكون احد شخصيات القصة، ما لم افهمه، لماذا أقحم بتهوفن؟ خلينا بحدود فيروز وعبد الوهاب وهاني شاكر والصبايا المغنيات الجميلات من الفضائيات العربية، اللواتي لا أميّز بين أسمائهن وأغانيهن، خاصة وان عازف العود يبقى مخلصا لعوده ولموسيقاه الشرقية، الى جانب ان الفن والتطور لا يقاس بإلمامنا بالموسيقى الكلاسيكية الغربية.
قصة "الطفل والنجار" تبقى في نفس المضمار. موفق يوجه ويعظ. هو امر ضروري للأطفال في ادب الأطفال كما أظن. نفس الأمر مع قصة "بائع العنب". اما قصة "الإحترام" فهو يرويها عن عالم الحيوان، وهو أسلوب معروف في الكتابة للأطفال، وقد يكون تاثيره أكثر إيجابية من القصص العادية.
حاولت هنا ان أعطي انطباعاتي وفهمي رغم ملاحظاتي السلبية بعض الشيء خاصة حول القصة الأولى "الطيار"، ومع هذا نلحظ ان موفق يعرف كيف يدخل ذهن الطفل. ونلمس عبر كل القصص، شخصية المعلم – المربي تتحرك في ظل شخصية الكاتب وافكاره.

nabiloudeh@gmail.com