الموضوع: عورة وطن
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-2015, 11:55 PM
المشاركة 6
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عتبة النص : عورة وطن

اختار الكاتب مفردتين لعنوان نصه و أضاف الأولى للثانية محققا تخصيصا لها لا يسحبها من عموم النكرة و إن أبعد عنها الإطلاقية ، فالنكرة تفيد الإطلاق و العموم و التعريف يجعلها محددة سواء ب ال أو بالإضافة حين يكون المضاف إليه معرفة .
جاء الحذف في العتبة لكون المتلفظ به يفي بالغرض الإخباري والحذف يكون لدواع بلاغية و كذا للإيجاز ، وجاء هنا للتشويق و فتح الجملة على ما بعدها ، فالعنوان مجرد مدخل للنص ، فماهيته تحدد لاحقا .

عورة في اللغة العربية يقصد بها الخلل والعيب . فهي تحمل معنى العور وهو القبح والشين كما تتمطط العورة دلاليا ، للتعبير عن مكمن الضعف في البنيان أو الجماعة و الزمرة . كما يتحدد معناها نسبة لحاملها فتصبح مشتركا لفظيا يكاد يتحرر من ماهية وجودية فعلية لو انتزعت من سياقها ، فيكون السياق هو ما يحددها فعليا . فنقول عورة الشمس أي مشرقها أو مغربها ، ونقل عورة الجبل شقوقه ، و نقول عورة الإنسان بمعنى سوأته ، كما تحمل معنى القصي و البعيد ....
وطن في اللغة العربية يعني مكان الإقامة و الولادة و الإيواء كما تحفه السكينة والسكن ، و يثير ذكره شحنة وجدانية و قيمية عظيمة ، فتتناسل و تتوالى خصال الوفاء والتضحية و تزدهر مشاعر الحب و الشوق و الحنان ، و كلما تفجرت العاطفة انهمرت سيول الوجدان منتقلة عبر مخزون الذاكرة سابحة في رحاب الأمومة كصمام الأمان و مهد العواطف ثم مرفرة على روضات العشق مستمتعة بعطر الزهور مدغدغة أحلاما لا يغمض لها جفن وإن بدت غافية .

عندما تجمع بين المفردتين يكون جليا مقدار الصدام القوى الذي يثيره هذا الزواج القسري على وعي المتلقي ، هذا التأرجح بين المعيب و المشين والقبيح وبين هذا الجميل و المحبوب الذي يسعى إلى السكن في أحضانه تولد الأزمة و الشدّ معا .

فتحية لهذا العنوان القوي .