عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2014, 09:04 PM
المشاركة 96
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(9) : مناقشة عقيدة وحدة الوجود




1- يقول سبحانه : { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }.

الآية واضحة كل الوضوح، لا لبس فيها ولا غموض.
فوحدة الوجود تجعل من كل مخلوق جزءًا من الله جل وعلا.
وتقرر الآية الكريمة الحكم على الذين يؤمنون بهذه العقيدة الذين يجعلون من عباد الله (سبحانه عما يصفون) جزءًا منه، تقرر الحكم عليهم بالعبارة: { إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }، التي نفهم منها ما يلي:
أ‌- قوله: { إِنَّ الإِنسَانَ }، يدل على أن المؤمنين بوحدة الوجود هم من بني الإنسان فقط، فلا يوجد بين الجن مثلاً، بله الملائكة، من يؤمن بهذه العقيدة الكافرة.

ب‌-قوله: { لكفور }، على وزن «فعول»، وهي صيغة تدل على المبالغة والاستمرار، تعني: إن المؤمن بوحدة الوجود هو شديد الكفر مستمر عليه، يمتنع رجوعه عنه أو يصعب.

وتعني: إن شدة الكفر واستمراريته الموجودة في نوع الإنسان تجعله يؤمن بمثل هذه العقيدة.
ج- قوله: { مُبينٌ }، أي: مُظهر للكفر، مُفصح عنه، مُوضح له، وهذا يعني أن الفكرة واضحة الكفر، والذي يؤمن بها مبين للكفر، الكفر ظاهر له وعليه، وذلك؛ لأن الفطرة السليمة (وبعض غير السليمة)، تقشعر رعبًا من سماع هذا التطاول على القدسية الإلهية، وترتجف هلعًا من هذا الغرور الغبي الجريء الظالم، لمجرد سماعها ذلك.

2- يقول سبحانه: { وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ }.

طبعًا، وحدة الوجود تجعل الجن جزءًا من الله تعالى، وليس بعد هذا النسب ما هو أقوى منه؛ لأنه نسب بعض الذات إلى الذات.

لكن الآية الكريمة تستهجن هذه الفكرة، نفيًا لها ودحضًا، وتنزه الله سبحانه وتعالى عما يصفه هؤلاء الواصفون.

والعبارة: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ }، واضحة الدلالة على أن الجن – لو كانوا يتصلون بنسب إلى الله سبحانه – لما جعلهم من المحضرين.

وعدم وجود النسب بينه سبحانه وبين الجنة ينفي وحدة الوجود نفيًا كاملاً.

3- يقول سبحانه: { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئً }، ويقول: { أَوَلاَ يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئً }.

الآيتان واضحتان كل الوضوح: إن الله سبحانه خلق الإنسان من لا شيء، من العدم، ولو كانت وحدة الوجود واقعة لكان الإنسان شيئًا قبل أن يوجد، كما هو الآن شيء بعد وجوده.
فكون الإنسان خلق من لا شيء، من العدم، ينفي وحدة الوجود جملةً وتفصيلاً؛ لأن الله تعالى ليس عدمًا، إنه الحي القيوم الخالق البارئ المصور.

4- عشرات الآيات في الكتاب الحكيم تقرر أن المخلوق غير الخالق، منها:

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }، إذن فالأصنام والأوثان (وهي خلق) هي من دون الله تعالى، وليست جزءًا منه، ولا هي هو.
{ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ }، { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ }، { إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ }، { إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }.
ومنها: { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ }، طبعًا، كانوا يأمرونه أن يعبد أصنامهم وأوثانهم، والآية الكريمة تقرر أنها غير الله، وبما أنها جزء من الخلق، إذن فالخلق غير الله، والمخلوق غير الخالق.

{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ }، والذي أُهِلَّ به لغير الله إنما أهِلَّ به للأوثان والأصنام ولمن يسمونهم «الأولياء»، وهؤلاء كلهم خلق، والآية الكريمة تقرر أنهم غير الله، ومن هذه الآيات:

{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرً }، { قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }، { أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّل }...

هذه الآيات هي بعض من آيات كثيرةٍ غيرها تقرر أن المخلوق هو من دون الله، وغيره، وهي كافية للرد على كل جحود مؤمن بوحدة الوجود، ولو سماها وحدة الشهود.

5- لو كان الخلق هو الحق، كما يفترون، وكانت المخلوقات جزءًا من الله سبحانه تعينت بهذه الأشكال المختلفة، لما بقي أي معنى للأسماء الحسنى: (الخالقُ، البارئُ، الفاطرُ، بديعُ السماوات والأرض)، التي تعني كلها «الإيجاد من العدم».

6- لو كانت وحدة الوجود صحيحة، لكان الإنسان جزءًا من الله، ولكانت الآية: { إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ } باطلة! ولكان الإنسان في ربح سواء آمن أم لم يؤمن، وعمل صالحًا أم لم يعمل، وتواصى بالحق والصبر أم لم يتواص؛ لأنه جزء من الله.

وبما أن الآية الكريمة لا يمكن أن تكون باطلة؛ لأنها وحي من عند الله، إذن فعقيدة الصوفية هي الباطلة، إذ لو صحت عقيدتهم لأصبح معنى الآية: (إن جزءًا من الله لفي خسر)! وهذا واضح البطلان.

7- في القرآن الكريم آيات كثيرة تصبح شتمًا لله (تعالى)، لو صحت عقيدة الصوفية بوحدة الوجود، مثل قوله سبحانه: { وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }؛ لأن عادًا، حسب عقيدتهم الباطلة، هم جزء من الله سبحانه، حيث يصبح معنى الآية الكريمة «إن جزءًا من الله (تعالى عما يصفون) أُتبع في هذه الدنيا؟؟ ويوم القيامة؟! (وناقل الكفر ليس بكافر).

ومثل هذه الآية كثير في الكتاب والسنة.

8- آيات كثيرة في كتاب الله تفهمنا أن العمل السيئ لا يرضي الله ولا يقود إلا إلى السوأى، وأن الحسنى لا يوصل إليها إلا بالعمل الصالح، من هذه الآيات:

{ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرً }، { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ }، { فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }، { أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُو }، { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }، { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى }، وغيرها الكثير.

وطريق الصوفية تبدأ منذ الخطوة الأولى بالشرك الأعظم، فالمريد عندما يضع رجله في عتبة رحاب الشيخ مريدًا له ولطريقه، فقد قبل عبادته وقبله ربًّا من دون الله، سواء عرف ذلك أم لم يعرف، ثم يسير المريد في الطريق الشركية مضيفًا إليها طقوسًا ومجاهدات وثنية حتى يصل إلى الجذبة التي تشرق عليه بوحدة الوجود.

إذن، فوحدة الوجود ضلال وباطل؛ لأن الطريق إليها ضلال وباطل.

ثم إن الطريق الذي يتبعه المتصوفة للوصول إلى الجذبة هو طريق الشيطان، { وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينً }، { وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينً }.

والشيطان لا يقودهم إلى الله كما يتوهمون، بل يضحك عليهم ويوهمهم ويستجرهم، ويعدهم، ويُمنيهم، وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا.

9- يقولون في فريتهم هذه، بالقدرة والحكمة؟
فالقدرة: هي تعيينه سبحانه الخلق من ذاته، وهذا ما يسمونه الحقيقة.
والحكمة – عندهم -: هي ستره سبحانه «الحقيقة» عن خلقه، ويقولون: إن الله سبحانه أرسل الرسل بالشريعة من أجل هذا الستر.

- والجواب:
أ‌- مقولتهم في القدرة والحكمة هي على كل حال، من الأمور الغيبية التي لا تُعرف إلا بنص من الوحي الذي أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، والنص لا وجود له، إذن فمقولتهم كاذبة، يكذبون بها على الله ورسوله، { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبً }.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا