عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2014, 09:05 PM
المشاركة 97
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

ب‌- بما أن عقيدتهم في «القدرة والحكمة» وفي وحدة الوجود، لا يوجد أي دليل عليها في الكتاب والسنة إلا ما كان من تأويلاتهم الباطلة؛ لذلك لا يعدو الإيمان بها أن يكون واحدًا مما يلي:
- إما اتهامًا لله (سبحانه وتعالى عما يصفون) بالخوف والكذب؟!
- أو اتهامًا له (سبحانه وتعالى) بالجهل، وأنهم هم عرفوها (لأنهم عارفون)؟!
- أو اتهامًا للرسول صلى الله عليه وسلم بالخيانة والجبن؟!
- أو اتهامًا للدين الإسلامي من أساسه بالبطلان؛ لأنه أُنزل ليحارب، فيما يحارب، هذه العقيدة التي هي أساس العقائد الوثنية.

10- يفترون على الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنه أمر مرة بإغلاق الباب، وسأل أصحابه إن كان فيهم غريب؟ فلما أجابوه بالنفي، بدأ معهم علوم الطريقة... ويقولون: إنه فعل هذا تعليمًا لأصحابه على التستر على «حقيقتهم»! وهذا ما يسمون «الحكمة».

- الجواب على هذه الفرية المجردة من الإيمان ومن الإسلام ومن كل معاني الحياء: الهندوس والبوذيون والطاويون والمجوس (مع اختلاف في الشكل) كلهم يؤمنون بوحدة الوجود دينًا، ويعلنونها ويبنون عليها كل فلسفاتهم في كل كتبهم، وهؤلاء كانوا وما زالوا يشكلون أكثر من نصف سكان الأرض.

والسؤال: ما هي هذه الحكمة (الخنفشارية) التي تسمح لأكثر من نصف سكان الأرض أن يعلنوا إيمانهم بوحدة الوجود ويبنوا عليها حياتهم وفلسفتهم ولا يكتموا منها شيئًا‍ ثم تمنع ذلك على المسلمين وعلى رسول الإسلام فقط؟! فأي حكمة هذه؟ إنها مهزلة وليست حكمة!

وإن من يعتقد صحة هذه الحكمة المفتراة، يحكم ضمنًا أن الإسلام غير صحيح، وأن الديانات الوحدوية هي الديانات الصادقة! عرف ذلك أم لم يعرف؛ لأن الجهل أيضًا فنون.

11- ماذا كان يخشى محمد صلى الله عليه وسلم من إعلان وحدة الوجود، لو كان يؤمن بها؟ ولو أعلنها لاستجاب له الألوف الكثيرة في مدة قليلة؛ لأنها لن تكون غريبة على الأسماع، ولاستراح هو وأصحابه من كثير من الآلام التي عانوها.

12- الهندوس والبوذيون والطاويون والمجوس، كانوا وما زالوا يؤمنون بوحدة الوجود عقيدة وحيدة.

وأهل الكتاب كانوا وما زالوا يؤمنون بخالق في السماء، خلق الخلق من العدم مع شرك وتشبيه، وبعض رشفات من الوحدة (ما عدا متصوفيهم طبعًا).

فجاء الإسلام ليُعلن كفر أولئك المطلق، ويحرم على المسلمين ذبائحهم والزواج منهم...

بينما وقف من اليهودية والنصرانية موقفًا أخف بكثير، وسماهم «أهل الكتاب»، ووسع حدود التعامل معهم (وخاصة مع النصارى)، وأجاز ذبائحهم وطعامهم ومصاهرتهم...

فلو كان في دين الإسلام من وحدة الوجود ما يفتريه الصوفية، لانعكست الآية، ولصار النصارى هم الأبعدين، ولصار الهندوس والباقون هم الأقربين.

13- عندما انتصر الفرس المجوس على الروم النصارى، كانت عواطف المسلمين مع النصارى ، وحزنوا لهزيمتهم؛ لأنهم أقرب إليهم من الآخرين { غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ }.

فلو كان الصحابة يعرفون أباطيل وحدة الوجود، أو يؤمنون بشيء منها، كما يفتري عليهم المتصوفة، لكانت عواطفهم مع الذين يشبهونهم في العقيدة، مع المجوس الذين يدينون بشكل من أشكال وحدة الوجود، لا مع النصارى الذين يؤمنون أن الله في السماء وقد خلق الخلق من العدم، (مع شرك عظيم طبعًا).

14- كل الأحاديث التي يرويها المتصوفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه في موضوع الوحدة هي:

- إما مكذوبة! وهم أنفسهم يعرفون أنها مكذوبة! ومع ذلك يوردونها دون خوف من الله، وكأنهم لم يسمعوا قول رسول: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»، وأسلوبهم أنهم يروونها، ثم يعلقون عليها بعبارة ما، مثل: «تكلموا فيه»، أو: «فيه نظر»، أو ما شابه ذلك، ثم يبنون عليها ما يشاءون من أحكام ظالمة‍ وكأنهم إذا قالوا عن الحديث المكذوب: «فيه نظر»، أصبح من الأحكام الشرعية، وأصبح العمل به شرعيًّا‍؟

- وإما أن يكون حديثهم صحيحًا، لكنهم يلوون عنقه، يؤولونه، ويعطونه معنى ما أنزل الله به من سلطان! وكذلك يفعلون مع الآيات القرآنية.

وقد مرت في الفصول السابقة أمثلة كثيرة على ذلك، وهو نماذج لما شحنوا به كتبهم من هذه التحريفات، ومنها على سبيل المثال أيضًا:

تفسيرهم لقوله سبحانه: { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }، بالحضرة الصوفية والرقص، وتفسيرهم لقوله سبحانه: { فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ.. } بالخلوة، وتفسيرهم لقوله سبحانه: { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }، بأن الذكر بالاسم المفرد (الله الله الله) هو صلاة، وتفسيرهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «من عادى لي وليًّا آذنته بالحرب..»، أن الولي هو الصوفي، وقوله في بقية الحديث: «... فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويدَه الذي يبطش بها، ورجله الذي يمشي بها...» بأنه يعني وحدة الوجود.

وقد أشبع العلماء هذا الحديث بحثًا، ونكتفي هنا بالإشارة إلى أن نص الحديث ينفي وحدة الوجود! إذ لو كانت وحدة الوجود موجودة، لكان الله (سبحانه عما يصفون) سمع الإنسان وبصره ويده وكله! سواء أحبه أم لم يحبه، وقبل أن يحبه وبعد أن يحبه، وفي جميع الأحوال، ولا تكون هناك حاجة لأداء الفروض والنوافل، ولا لأي شيء أبدًا لتحقق ذلك.

وكون هذا الوصف: «كنت سمعه... وبصره...» لا يتحقق إلا بعد أداء الفروض والتقرب بالنوافل... ثم بعد أن يحبه الله، يعني بكل وضوح أن هذا لم يكن قبل أن يحبه الله، أي: إن هذه المزية (كون الله تعالى سمع المرء... وبصره...) هي غير متحققة في الإنسان العادي، وبذلك تنتفي وحدة الوجود، وينتفي معها فهمهم الخاطئ.

ويكون معنى الحديث: إن الله سبحانه إذا أحب العبد أعانه إعانة تامة في كل شيء، ولا يكله إلى نفسه أبدًا في أي شيء، وطبعًا تكون إعانة الله للعبد كما يريد الله سبحانه لا كما يريد العبد.

15- الصوفية أنفسهم يعلمون علم اليقين أن وحدة الوجود هي كفر وزندقة بالنسبة للشريعة، ولذلك يُتاقون ويكتمونها عن غير أهلها ويتواصون بذلك.

* النتيجة:

وحدة الوجود كفر مبين، ومعتقدها كافر مبين، كافر حسب الشريعة، وكافر حسب الحقيقة الحقة التي هي الشريعة الإسلامية، له في الدنيا عقوبة المرتد عن الإسلام، وله في الآخرة عذاب أليم، إلا أن يتداركه الله سبحانه بلطفه وعفوه.

والصوفي الحق هو الذي يبطن وحدة الوجود، ويظهر التمسك بالشريعة، وهو منافق حقًّا، بل هو شر أنواع المنافقين، وليكن مطمئنًا (من مقام الطمأنينة) أن مقامه الحقيقي هو في الدرك الأسفل من النار إن لم يتداركه الله برحمته.

والعقيدة الإسلامية هي أن الله جل وعلا خلق الخلق من العدم، وقد مرت الآيات الدالة على ذلك، والمخلوقات هي مِن دونِ الله وغيرهُ، أي إنها ليست تعينات من ذاته العلية، جل جلاله، وهو سبحانه فوق خلقه: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ... }، { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }، { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ }، (والسماء هنا بمعنى: العلو).
وهو سبحانه فوق السماوات، بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم معقبًا على حكم سعد بن معاذ في بني قريظة: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرْقِعَة»، والأرقعة هي السماوات، واحدتها «رقيع».
وقول زينب رضي الله عنها تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم : «زوجكن أهاليكن وزوجني الله مِن فوق سبع سماوات» (رواه البخاري).
وغيرها، وغيرها من الآيات والأحاديث.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 703 – 711 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا