عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2014, 09:06 PM
المشاركة 98
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(10) : مناقشة الباطنية والتقية عند الصوفية




يقول سبحانه: { قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }، { قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ }، { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ }، { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }، { لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }، { قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }، { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينً }، { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ }... والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ويقول صلى الله عليه وسلم : «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها».
- من هذه النصوص الكثيرة، ومن عشرات غيرها، كلها واضحة جلية، نعرف أن ليس في الإسلام باطن وظاهر بالمعنى الصوفي.
ويكون الإيمان بأن في الإسلام ظاهرًا وباطنًا كفرًا بآيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتكذيبًا لها.
- كما أن من الحقائق التاريخية، أنه لم يحدث قط وجود عقيدة باطنية في جماعة إلا إذا كانت هذه الجماعة تضمر الشر والكيد للمجتمع الذي تعيش فيه.
ولم تخرج الصوفية على هذه القاعدة، فقد رأيناها كيدًا للإسلام ومكرًا بالمسلمين.
- ويقول أحد الباحثين: حيثما وجدت الباطنية ففكر باليهودية، وفي الواقع سنرى بعد قليل أن لليهودية دورًا في نشر الصوفية بين المسلمين، وعلى كل: «الحضرة» يمكن أن تكون أثرًا من آثارها، ومثلها السماع، وتقديس القبور، وبناء القبب، واستعمال السبحة، والجهر بالذكر، وهز الجذع أثناءه إلى الأمام والوراء، أو إلى اليمين والشمال، كل هذه طقوس وممارسات موجودة في اليهودية كما هي موجودة في كل الوثنيات أيضًا! وهي موجودة في الصوفية! فما هي العلاقة؟ مع العلم أن كل هذه الأمور لا أساس لها في الإسلام ألبتة.
ولن نعدم مكابرًا يقول: ليس في الصوفية باطنية، لن نعدمه رغم كل كتبهم ورغم كل أقوالهم، ورغم مئات الصفحات المدرجة في هذا الكتاب.
ولا جواب لنا على أمثال هؤلاء إلا أن نشكوهم إلى الله تعالى.
وللباطنية لغة اسمها «التقية»، يتعلمونها فيما بينهم، يخاطبون بها الناس، ويتسترون بها على ضلالاتهم، ويمكرون بها بالمسلمين، ويكيدون بها للإسلام، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، فإلى مناقشة التقية.
ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك» (إلا هالك).
مناقشة التقية

من فعل: تاقي، يتاقي، متاقاة، وتقيَّة (بتشديد الياء)، ومُجَرّدُه هو فعل تَقَى يَتْقي تقيَّة، بمعنى اتقى.
التقية هي لغةُ الحركات الباطنية والمجال الذي تتفسخ فيه ألسنتها، وفي مقدمتها الصوفية، وقد رأينا أنهم يجعلونها جزءًا من حقيقتهم، وقرأنًا مثل قولهم: «التقية حرم المؤمن»، و«إذا كان قد صح الخلاف، فواجب على كل ذي عقل لزوم التقية»، ومئات الأمثلة غيرها.
وهم يجعلون لها أصلاً قرآنيًّا في قوله سبحانه: { ... وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ... }.
لكن الفرق بين التقاة التي يسمح بها الإسلام، وبين تقيتهم هو نفس الفرق بين الإيمان والكفر.
فالتقاة الإسلامية تكون في حالة واحدة هي: «مَن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان»، إذ في حالة الإكراه هذه فقط يمكن للمسلم المؤمن أن يتظاهر بما يرضي القوة التي تكرهه ريثما يفلت منها، مع بقاء قلبه مطمئنًا بالإيمان، أي إنها حالة استثنائية وطارئة تضمر الإسلام وتظهر غيره.
بينما التقية الصوفية هي عكس ذلك، إذ هي أولاً: إبطان وحدة الوجود، أي: إبطان الكفر وإظهار الشريعة الإسلامية، وهذا هو النفاق عينه الذي هو شر أنواع الكفر، وأصحابه في الدرك الأسفل من النار، وهي ثانيًا: قاعدة مستمرة عندهم، وليست استثناء ولا هي حالة طارئة.
إذن فهي مناقضة للإسلام تناقضًا كاملاً واضحًا لا نقص فيه ولا لبس ولا غموض.
وأسلوب التقية في الصوفية يتركب من:
الكذب، والتأويل، والمغالطة، والمراوغة، والمخادعة.

* الكذب:-
مر معنا في الفصول السابقة عشرات النماذج من كذبهم، وهي جرع من بحر، وبتأمل هذه النماذج، وغيرها مما في كتبهم، نرى أنها:
كذب على الله سبحانه، وكذب على ملائكته، وكذب على كتبه، وكذب على رسله، وكذب على اليوم الآخر، وكذب على القضاء والقدر (خيره وشره)، وكذب على الصحابة، وكذب على أهل الكتاب، وكذب على التاريخ...
أما الكذب على الجغرافية والفلك والجيولوجيا والفيزياء والكيمياء فهو من علومهم اللدنية التي عرفوها بالكشف الذي هو حق اليقين ونور اليقين وعين اليقين؟!
ويكفي القارئ – إذا لم يرد ترويح النفس بقراءة النصوص الكثيرة – أن يقرأ مثلاً (في فصل: نماذج من حكايات الصوفية..) النص الذي عنوانه: «وجعلوا الملائكة معاتيه ومخابيل».

* التأويــل:-
للتأويل معنيان:
1- المعنى المعروف في اللغة العربية والواردة به الكلمة في القرآن الكريم:
وهو – كما في «تفسير ابن كثير» -: التفسير والبيان والتعبير على الشيء.
وهو أيضًا: حقيقة الشيء وما يؤول أمره إليه.
وبشيء من إمعان النظر في المعنيين، نرى الثاني امتدادًا للأول وتكملة له، ولتوضيح ذلك:
نقرأ في الكتاب الحكيم: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }، و{ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرً }.
فالله سبحانه سميع بصير، والإنسان كذلك سميع بصير!
لكننا نعرف – بديهيًّا – ودون أي تلكؤ، أن الله سبحانه وتعالى سميع بصير، بالمعنى الكلي الكامل المحيط للكلمتين، فهو سبحانه سميع بصير بلا حدود.
وأن الإنسان سميع بصير، بالمعنى الجزئي الناقص المحدود للكلمتين، فسمع الإنسان وبصره تحدهما عوامل كثيرة.
ومثلها: الحي، الملك، المؤمن، العزيز، الجبار.... إلخ.
ومثلها الأفعال التي يمكن أن تعزى إليه سبحانه، وإلى مخلوقاته، مثل: شاء، أراد، وغيرها.
ومثلها: الأسماء التي يمكن أن تضاف إلى الخالق والمخلوق، مثل: أمر، إرادة، مشيئة... ومنها كلمة «تأويل».
فعندما تضاف كلمة «تأويل» إلى الإنسان، يفهم منها التأويل الجزئي الناقص المحدود.
أما التأويل الذي يعلمه الله سبحانه، فهو تأويل كلي كامل محيط، يشمل التفسير والبيان والتعبير عن الشيء وحقيقته، وما يؤول إليه أمره، وتفصيله الدقيق المحيط...
ومثلاً على ذلك، قوله سبحانه: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ }.
فنحن نعرف أن تأويل: { اقْتَرَبَتِ }، (أو تفسيرها)، هو: صارت قريبة «ضد بعيدة»، لكن، ما هي مدة هذا الاقتراب؟ كم عدد أيامه وساعاته ودقائقه؟ ما هي تفصيلاته بدقة؟ وكيف يتم؟ ... إلى آخر الأسئلة، وكلها من تأويل { اقْتَرَبَتِ }،
الذي لا يعلمه إلا الله.
ونعرف أن { السَّاعةُ }، هي نفخة الصور الأولى! لكن، كيف تقوم الساعة؟ ما هي عواملها بالتفصيل؟ وما هي نتائجها بالتفصيل أيضًا؟ والأسئلة كثيرة، والأجوبة عليها من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله.
هذا هو المعنى اللغوي القرآن لكلمة «تأويل».
ومن هنا نعرف أن معرفتنا بمعاني القرآن الكريم، مهما تعمقت، تبقى ناقصة، وأن المعنى الكامل يبقى غائبًا عنا، وهو ما يمكن أن يسمَّى «المعنى الباطن»، وهذا هو التأويل الذي يأتي يوم القيامة: { وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }، كما أن دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار هو أيضًا من تأويله.
2- المعنى الاصطلاحي الذي تتبناه الحركات الباطنية، من صوفية وغيرها، والذي هو موضوع بحثنا:
وهو إعطاء الكلمة معنى يخالف المعنى اللغوي والشرعي المجمع عليه في كتب اللغة والأصول، ويتفق مع العقيدة الباطنية للمؤولين، يفتشون فيه، أو فيها (في اللفظ أو في الجملة) عن أي شيء يمكن أن يكون رمزًا أو إشارة إلى شيء من العقيدة الباطنية، فيبرزونه، موهمين أنه المعنى الحقيقي.

وفي التقية الصوفية، نواجه نوعين من التأويل:
§ تأويل نصوص القرآن والسنة لتتفق مع باطلهم، ويسمونه أيضًا «التفسير الإشاري»، نذكِّر ببعضها:

- (لا إله إلا الله)، تأويلها: لا موجود إلا الله.
- و{ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى }، تأويلها: إن المخلوقات ترجع إلى ربها الذي صدرت عنه لتندمج فيه.

- { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }، تأويلها: عبارة: { يَذْكُرُونَ اللهَ }، يدخل فيها ترديد كلمة: «الله حي» بتقاطيعها لا بألفاظها، وعبارة: { قِيَامًا وَقُعُودً } تشير إلى القفز، وبذلك تكون الآية مشيرة إلى الحضرة الصوفية! وينسون طبعًا أو يتناسون عبارة: { وعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }!

- ... { قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي }: معنى كونه ربانيًّا أنه من أسرار علوم المكاشفة ولا رخصة في إظهاره إذ لَمْ يظهره رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

- ونزيد في التأكيد بإضافة نص للغزالي في «إحيائه»، مر في مكان سابق من هذا الكتاب، يقول:

... ثم إذا انكشفت لهم أسرار الأمور على ما هي عليه، نظروا إلى السمع والألفاظ الواردة، فما وافق ما شاهدوه بنور اليقين قرروه، وما خالف أولوه...

إذن، فهم يؤولون نصوص القرآن والسنة التي تخالف كشفهم! وهذا يعني:

‌أ- لا يؤمنون إلا بكشوفهم وهلوساتهم كمصدر للاعتقادات والعبادات.

‌ب-ينكرون المعنى الصحيح للنص القرآني أو السني، ويرفضونه.

‌ج- يخافون من إعلان هذا الرفض؛ لأنه يجرد عليهم سيف الردة (سيف الحلاج).

‌د- لذلك يتظاهرون بالإيمان بنصوص القرآن والسنة المخالفة لكشوفهم، ولكنهم يقولون: إن لها معنى باطنًا، هو معناها الصحيح.

هـ- يفتشون في النص عن أي شيء يمكن أن يروا فيه إشارة أو رمزًا لما يعتقدون.

و‌- يسلطون الأضواء على هذا الشيء، ويبرزونه، وكأنه المعنى الحقيقي للنص!

ز‌- وإذا لم يستطيعوا إقناع الآخرين لقبول تأويلاتهم، عمدوا إلى خدعة أخرى؟ فقالوا عن المعنى الصحيح للنص: إنه المعنى الظاهر! وقالوا عن تأويلهم الباطل: إنه المعنى الباطن!

والنتيجـة:
تأويل نصوص القرآن والسنة، هو كفر صراح بالنصوص، وأسلوب للتخلص من عقوبة هذا الكفر، وخداع للمسلمين لجرهم إلى ضلالات التصوف.
§ النوع الثاني من التأويل الذي يمارسه المتصوفة في كل مناسبة هو تأويل ضلالاتهم، وتأويل نصوصهم الدالة على ضلالاتهم؛ لإظهارها وكأنها لا تخالف الشريعة الإسلامية، يفعلون ذلك؛ لأهداف:

‌أ- التستر على باطلهم، والتظاهر بأنهم لا يخالفون القرآن والسنة!

‌ب- الضحك على أذقان المغفلين لئلا يتهموهم بالكفر والزندقة.

‌ج- خداع المسلمين؛ لإقناعهم أن الصوفية من الإسلام، ثم جرهم إليها.

‌د- خداع الذين لا يقتنعون بضلالات الصوفية؛ ليتركوا تلك النصوص تسري بين المسلمين بهدوء ليستطيعوا هم أن ينصبوا شباكهم بهدوء، ويصيدوا بها فرائس جديدة بهدوء، وبهذه الفرائس الجديدة يزيد مدد الشيخ وتستمر مسيرة الكهانة، وبهذه الفرائس الجديدة تزداد قناعة المجاذيب بأن جذباتهم التحشيشية الإشراقية هي فتوحات إلهية، وبأن هلوساتهم هي نور اليقين وعين اليقين وحق اليقين.

وغَفلة المسلمين جعلت المتصوفة يتمادون بالقول بالتأويل! فكلما جئتهم بنص من نصوصهم الضلالية، قالوا لك: هذا له تأويل! فنقول:
إن هذا التأويل، والقول بهذا التأويل، هو كفر وزندقة وردة، وهو كيد للإسلام ومكر بالمسلمين، وضحك على ذقون المغفلين لجرهم إلى أحضان الشياطين، ثم إلى جهنم وبئس المصير.

* الخلاصـة:

للكفر مدخلان:
1- رفض ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بصراحة، وهذا كفر فيه صدق ووضوح.
2- تأويل ما جاء به محمد، أو بعض ما جاء به، وهذا رفض متستر، وهو كفر فيه خبث ومكر وكيد وخداع، فهو شر من الكفر الأول.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا