عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2014, 09:07 PM
المشاركة 99
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
* المغالطة والمراوغة والمخادعة:ـ

سنورد صُورًا سريعة من مغالطاتهم ومراوغاتهم ومخادعاتهم، حيث يأتي في قمتها أمران:
- الطريقة البرهانية الغزالية، أي: مزج الإسلام بالتصوف، وهو ما اعتادوا على تسميته بالتصوف السنّي.
- التأويل الاصطلاحي.

وتكاد كل خدعهم ومغالطاتهم ومراوغاتهم أن تكون فروعًا لهذين الأصلين، منها:

- لو قال قائل: إن الصوفية كفر، لسمع أجوبة كثيرة مثل: الذي يصلي ويصوم ويقرأ القرآن.. هل هو كافر؟

الجواب: إن الصلاة والصيام وقراءة القرآن ليست من الصوفية، بل هي من الإسلام الذي مزج به التصوف، والخمر لا يصير طيبًا ولا حلالاً إذا مزج بالماء أو بالعسل، بل يبقى خبيثًا ومحرمًا، وكذلك الصوفية تبقى زندقةً وكفرًا ولو مزجت بالصلاة والصيام وقراءة القرآن والزكاة والقتال مع المجاهدين في سبيل الله...
- من المغالطات أن نسمع من يتظاهر بنقد التصوف، ويقول برزانة: إنهم يبالغون في التعبد، والمبالغة في التعبد ليست حرامًا، ولكنها قد تثير الملل عند بعضهم...
- مما يرددونه دائمًا وبعناد قولهم عن الآية: { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }، تعني الحضرة الصوفية‍!

الجواب: لا تساعد اللغة العربية على هذا الفهم، كما لم يفهمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، ولا التابعين ولا تابعوهم، ومعنى الآية هو أن يذكر المسلم الله في جميع الحالات.

- لو عرضت عليهم أحد النصوص الصوفية المشحونة بالكفر والزندقة، فسترى الجواب حاضرًا: «هذا له تأويل‍»‍، أو يقولون: «هذا مدسوس».

- وهذه صورة من أساليبهم في المراوغة، يتسلى القارئ بتحليلها، يقول ابن عجيبة:

... ولذلك كان النظر في الكتب يضعف المسالك لتشعبها وكثرتها عند اختلاف الهمم، لا سيما من جُبلت طبيعته على علم الظاهر، فإنه أبعد الناس عن الطريق ما لم يدَّاركه الله بفتح منه؛ لأن التشريع كلُّ حكْمة منها تحتها حِكَم، مَن لم يفهمها فبستانه مزهر غير مثمر، ومن هنا وقع الإنكار، حتى امتحن الله كثيرًا من الصوفية على أيدي علماء الظاهر عندما نسبوهم للكفر والزندقة والبدعة والضلال! وسر الخصوصية يقتضي ذلك لا محالة، سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولو جعلناه ملَكًا لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون، وما هلكت الأمم السابقة إلا بقولهم إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، فتحصَّل أن الإنسان إذا جال مع النفس في ميدانها فجاهدها حتى هذَّبها وطهرها من الأوصاف الحاجبة لها، رجعت نفسه حينئذ إلى أصلها، وهي الحضرة التي كانت فيها، إذا لم تكن بينها وبين الحضرة إلا الحجب الظلمانية، فلما تخلصت منها رجعت إلى أصلها نورًا مشرقًا...
- نترك للقارئ التسلية بتحليل ما فيها من المخادعات والمغالطات، لن ننبه إلى نقطة واحدة فقط، هي قوله: «حتى امتحن الله كثيرًا... وسر الخصوصية يقتضي ذلك لا محالة، سنة الله التي قد خلت من قبل..»، فنقول له:
هذا افتراء على الله الكذب، فأكثر من نصف سكان الأرض يؤمنون بسر الخصوصية، هذا الذي تدعيه، ولم يمتحنوا لا هم ولا كهانهم، فالأيونيون والرواقيون والإيلوسيون والغنوصيون والهنادكة والبوذيون والطاويون وغيرهم، كلهم كانوا وما زالوا يحترمون كهانهم الذين يتحققوا بسر الخصوصية ويبجلونهم، ولم يُمتحن أصحاب هذا السر إلى في الإسلام!
لذلك، فإما أن يكون أصحاب سر الخصوصية كفارًا زنادقة، أو يكون الإسلام غير صحيح، ولا ثالث لهاذين الاحتمالين.
- ومن مغالطاتهم، قول محمد المهدي الصيادي (الرواس): «ومما لا يلتفت إليه التشدق بما أبهمه وأوهمه المبتدعة أهل الوحدة المطلقة...».
هذا القول هو مثل قولهم: «علومنا مقيدة بالقرآن والسنة»، ومثل قول قائلهم: «لا يكون الصديق صديقًا حتى يشهد له في حقه سبعون صديقًا أنه زنديق؛ لأن الصديق يعطي الظاهر حكم الظاهر والباطن حكم الباطن»، ويحمل نفس معنى العبارة: «اجعل الفرق في لسانك موجودًا والجمع في جنانك مشهودًا»، وأترك تحليلها للقارئ، مع التذكير بأن أهل الوحدة المطلقة هم الذين يصرِّحون بوحدة الوجود ولا يقيِّدون عباراتهم بالرمز واللغز.
- ومن أساليبهم في المغالطة قول عبد الكريم الجيلي:
.... فلا بد لمنْ يقصد معرفة علمنا هذا.. أن يقيس العلوم الواردة إليه على الأصول المشروعة التي قد ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع، فما وجده من تلك العلوم موافقًا للشريعة فيقصده ويتجلى به، وما وجده مخالفًا توقف عن استعماله إلى أن يفتح الله على ما يؤيده من الشريعة، فيستعمله حينئذ...
لملاحظة المغالطة هنا يجب أن ننتبه إلى قول: «وما وجده مخالفًا توقف عن استعماله إلى أن يفتح الله على ما يؤيده من الشريعة».
إذن، فما يخالف القرآن والسنة ليس كفرًا، ولا يجب تركه ونبذه، وإنما يتوقف فقط عن استعماله ريثما يفتح الله عليه (تعالى الله عن الخداع)، بنص يمكن تأويله بما يوافق المخالفة.
- ومن مغالطاتهم ومراوغاتهم قول الجيلي نفسه:
... ثم قال الإمام الأكمل: كل حقيقة لا يؤيدها شريعة فهي زندقة، يريد أن كل علم يَردُ عليك من الحقائق التي لا تؤيدها الشريعة، فاستعمال ذلك العلم زندقة منك؛ لأنك تفعل خلاف الشرائع؛ لأن الحقائق فيها زندقة، إذ ليس في الحقائق مسألة إلا وقد أيدها الكتاب والسنة...
أرجو من القارئ أن ينتبه إلى قوله: «فاستعمال ذلك العلم زندقة منك...»، وأن يحلل بنفسه المغالطة والمراوغة في هذه العبارة وفي النص كله.
- ومن أشهر مغالطاتهم قولهم بالدس عليهم، وهذا مثل منها:
يقول عبد الوهاب الشعراني:
... وكان (ابن عربي) متقيدًا بالكتاب والسنة... وجميع ما عارض من كلامه ظاهر الشريعة وما عليه الجمهور فهو مدسوس عليه، كما أخبرني بذلك سيدي الشيخ أبو الطاهر المغربي نزيل مكة المشرفة، ثم أخرج لي نسخة «الفتوحات» التي قابلها على نسخة الشيخ التي بخطه، في مدينة قونية، فلم أرَ فيها شيئًا مما كنت توقفت فيه وحذفته حين اختصرت «الفتوحات».
- جوابنا: لم يبين لنا القطب الرباني شيئًا من هذه المدسوسات، ثم إن كل ما في «الفتوحات» يدور حول وحدة الوجود، إما تصريحًا، أو بالعبارة الصوفية، ولو حذفناها لما بقي من «الفتوحات» شيء! فما الذي يمكن أن يدس عليها؟ وهل يحتاج البحر الميت إلى دس الملح عليه ليغدو ملحًا؟؟ ثم إن الفتوحات لا يطبعها إلا المتصوفة وأقطابهم، ولا يهتم بدراستها إلا المتصوفة وأقطابهم، فلِمَ لا يحذفون هذا المدسوس؟... والأسئلة كثيرة.
- ويتمم الشعراني مراوغاته:
وقد دَسَّ الزنادقة تحت وسادة الإمام أحمد بن حنبل في مرض موته عقائد زائغة، ولولا أن أصحابه يعلمون منه صحة الاعتقاد لافتتنوا بما وجدوه تحت وسادته.
وكذلك دسوا على شيخ الإسلام مجد الدين الفيروز آبادي صاحب «القاموس» كتابًا في الرد على أبي حنيفة وتكفيره، ودفعوه إلى أبي بكر الخياط اليمني البغوي، فأرسل يلوم الشيخ مجد الدين على ذلك، فكتب إليه الشيخ مجد الدين: إن كان بلَغك هذا الكتاب فأحرقه فإنه افتراء من الأعداء، وأنا من أعظم المعتقدين في الإمام...
الجواب على هذا الكلام (مع غض النظر عن صدقه أو كذبه):
عرف أصحاب أحمد بن حنبل العقائد الزائفة المدسوسة فنبذوها، ولم يبق لها أثر، فلِمَ لا تفعلون مثل ذلك وتنبذون ما في كتب المتصوفة من وحدة الوجود وأساليب التقية وخداع المسلمين؟؟ لِمَ لا تفعلون ذلك؟ إذ لو فعلتم ذلك لأصبحت كتب الصوفية شبه بيضاء.
- يتمم:

وكذلك دسوا على الإمام الغزالي عدة مسائل في كتاب «الإحياء»، وظفر القاضي عياض بنسخة من تلك النسخ فأمر بإحراقها.
وكذلك دسوا عليَّ أنا في كتابي المسمى بـ «البحر المورود» جملةً من العقائد الزائفة وأشاعوا تلك العقائد في مصر ومكة نحو ثلاث سنين، وأنا بريء منها...
- نقول: بمثل هذا يخادعون الذين آمنوا ويغالطونهم ويستجرونهم إلى ظلمات التصوف، أو على الأقل يوهمونهم أن المتصوفة مظلومون مكذوب عليهم، والقول بأنهم دسوا على الغزالي مسائل في «الإحياء» هو كذب، وقوله: إنهم دسوا عليه في «البحر المورود» هو كذب، ومثل هذا الكذب يدل على أن قائله لا يخاف الله ولا يرجو اليوم الآخر، مع العلم أن كتاب «الإحياء» الذي أمر القاضي عياض بإحراقه هو نفس هذا المتداول بين الأيدي الآن.
- ومن أبشع مغالطاتهم ومخادعاتهم في كتبهم التي يترجمون فيها لأعيانهم، أنهم يوردون قبل كل شيء أسماء كبار الصحابة على أنه من أولياء الله المتصوفة ثم يوردون أسماء كهانهم، ويخلطون معهم علماء أجلاء مثل ابن حنبل أو الشافعي أو الثوري أو العز بن عبد السلام أو ابن الجوزي أو غيرهم، فيوهمون الغافلين ويستجرونهم إلى أحضان إبليس.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا