عرض مشاركة واحدة
قديم 04-21-2015, 03:14 AM
المشاركة 71
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
Le Bourgeois Gentilhomme de Molière


حدث أن سفيرا عثمانيا في القرن السابع عشر قال بأن فرس سلطانه مزينة بجواهر أكثر من التي تزين تاج الملك الفرنسي و كان السفير العثماني يعيش على الماضي و لم تفته بعد سكرة العزة والنخوة التي رسمها محمد الفاتح "1451 ـ 1481م " أو لا يزال في نشوة عهد سليمان القانوني"1520ـ1566م" ونسي أن بداية القرن السادس عشر لم تكن كما نهايته و ما بالك بالنصف الثاني للقرن السابع عشر حيث نطق .
وصل الخبر إلى القصر فسبب غصة للويس الرابع عشر لم تنفرج إلا حين استكمل موليير رائعته المسرحية البرجوازي النبيل . فطمس التاريخ السفير و قولته و خلد عملا كوميديا جبّارا . فماذا كتبت يا موليير ليستحق المتابعة .

رجل من الطبقة المتوسطة يريد أن يكون نبيلا ، إبن تاجر قماش غني له من المال الكثير لكن عقدة النقص تلازمه فتمنى في خريف عمره أن يكون بارونا أو فيكونتا أو إيرلا و لما لا ماركيزا أو حتى دوقا . فاستنجد بماله تارة و نزوته مرة و ببنينه أخرى لعلها تسعفه في الوصول إلى مجالس النبلاء ، فاسغل عماه نبيل مفلس قصد التخلص من ديونه و كان يحكي له عن ذكر اسمه في القصر ، كما تطلعت نفسه للقفز على زواجه و الزواج من نبيلة أرملة ، كما وقف حاجزا بين زواج ابنته وحبيبها لأنه ليس نبيلا . زوجته حاولت ثنيه عن مشروعه و توقه إلى التمظهر بالوجاهة ، وظلت تشرح له أن تلك مجرد مظاهر لا أكثر لكنه أصر على الاستمرار في مشروعه فهيأ الأساتذة لتعلم النبل ، أستاذ للموسيقى والرقص ، أستاذ للمبارزة ، أستاذ للفلسفة ، كانت الملهاة مليئة بالمواقف المضحكة في مساره التعليمي . فحوّل الدرس الفلسفي إلى مجرد تعلم الأبجديات الأولى في اللغة ، و الرقص إلى مجرد كيفية تحية نبيلة و استقبالها كما سره أنه يتحدث بالنثر دون أن يدري هذا منذ الأزل . حبيب ابنته تحايل عليه ونجح المقلب و هو متنكر في صورة أمير تركي ، فتهلل وجه الرجل و أقام الدنيا و لم يقعدها وهو يتلقى من العريس وعدا بمنحه لقبا نبيلا .

المهم كانت المسرحية التي قدمت على شكل أوبيريت رغم كونها نثرية و لعب موليير فيها دور الرجل البرجوازي النبيل الساذج و الأبله ، درسا أليما ، حيث استعمل فيها الثرات العثماني بشكل مكثف ، و تناول بالنقد الواقع المزري للامبراطورية العثمانية المتصدعة يومئذ .

ليست المدنية مجرد لسان طويل ، وليست قرارا نتخذه بين يوم وليلة ، و نشكل حزبا سياسيا بسرعة البرق ونحن بالأمس القريب لا نؤمن بالأحزاب السياسية ، ليست المدنية ورقة نرفعها متى شئنا و نهوي بها متى أردنا ، ليست القيم مجرد درجات سلم نصعد عليها لنصل إلى الأعلى ومتى وجدنا رافعة أقوى كسرناها كسرا ، ليست العلوم مجرد قراءة صفحة هنا وصفحة هناك و نسخ مقال هناك ، فالعقاد قرأ ستون ألف كتاب و أدركها لذلك حق له أن يكون كاتبا موثوقا . لن تجد عالما يسب عالما وهو يعرف كيفية إنتاج العلوم والأفكار ، لن تجد حتى متعلما مؤدبا يتطاول على العلماء .



هل أتاك نبأ كــــــــــــــــيــســــــــــــان


ديدن الذين يتخبطهم مس العظمة أنه كلما عثر على أقصوصة أو تناهت إلى علمه سعى إلى المحاججة بها بدون تحقق ، جملة أراجيف تتضخم في ذهنه حد الفيضان ، فتراه ينتقل من علوم الطاقة و كيف له أن يعرف الطاقة و ليس له علاقة بالميكانيكا ناهيك عن ميكانيكا الكم . و يطير من هناك إلى مصارعة الفلسفة دون أن يجعل فرقا بين مذاهبها المختلفة و طرق صياغة حجههم و لا الاختلافات في توجهاتهم ، ومن هناك يطير إلى علوم الحديث دون أن يعرف الفرق بين التواتر اللفظي و لا العملي ، بل يشق عليه أن يستوعب العزيز من الأحاديث ناهيك عن أصناف الآحاد ، فيذهب من هناك إلى السياسة ، ويحاجج في المؤامرة ، و يعلن عن تعصبه الأعمى في مواجهة فصيل بعينه بل كل الفصائل بلا استثناء .

لم تسعدني مقالة كما أسعدني انتقالك إلى الساخر ، ليس لأنني أحب السخرية فبيني وبينها ألف حجاب وحجاب ، و لكن فقط لأنني وددت أن ماكتبته فيها فعلا يصدق وخاصة ما وضعته بين قوسين ، فتناولك لعلوم اللغة من منطلق السخرية ينم على تفتح كبير ، وجدت الجاحظ ناقلا لأقصوصتك تلك متحدثا عن طبائع الإنسان ، ليس ليظهر كيسان وحده بل لينتناول أبو عبيدة معمر بن المثنى ، و يطيب لي أن حاججت بما نقله الجاحظ من قول أبي عبيدة و أن أجدك تتوافق مع المعتزلة و لو في هذه الجزئية ، كما أثلج صدري أنك ترحمت على واحد من الخوارج الإباضية و نفيت عنه التدجين ، و لعلك وإياه تلتقيان في المزاجية و عدم كبح جماح اللسان إذ كان من جملة خصاله أنه لا يسلم من فمه أحد قط حتى روي مبالغة أنه يوم مات ما حضر جنازته أحد ، وكان شخصا وسخ الثياب صعب المراس ، و عرف بقوته العلمية وتبحره الفلسفي و نبوغه اللغوي ، إذاكان هذا طبعه فكيف سيسلم منه تلميذه كيسان ، بل اتهمه أبو نواس بأنه من أواخر قوم لوط ، كل هذا لايهم المهم أنه عالم كما الجاحظ و أشد على يديك أنك نوهت بهما ، كان الأصمعي يتحاشى هذا النابغة و يأخذ عليه أنه يفسر القرآن بالرأي ، و كان الأصمعي شاعرا وعارفا بالنحو وكان على منهاج السلف عكس أبي عبيدة ذي اللسان الشكيم ، رحمة الله عليهم جميعا ، كيسان هذا قال عنه الأصمعي أنه من الثقاة ، ينقل الخبر ولا يزيد عليه شيئا ، وهذا عكس ما وصفه به أستاذه ، لكن المتحقق لابد أن يرجح كلام الأصمعي لأنه شخص متزن . و إن كان بعض المؤرخين يصفونه بالغباوة .

حسنا أن يتفطن المرء أخيرا أن الجدال المذموم لا يستهوي عاقلا .