عرض مشاركة واحدة
قديم 05-24-2013, 02:16 AM
المشاركة 2
أحمد سليم بكر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي منتصف الطريق
الحلقة الثانية
************

[justify][justify]أود أن تكون البداية نالت قدرا من إعجابكم ، فأنا لست من أبدع سطورها بل طارق - طارق جمال محمود - هذا هو البطل الحقيقى ، الذى سنعيش معه بين ثنايا أحداثها ، أراد أن يبدأ قصته هو بذاته ، وقد كان ، من الأن فصاعدا ، سيكون معكم صديقى - قلمى ملازمى - يطلق العنان لحبره ليفترش الورقة و يلتحف بالإبداع الذى لا يعرف له حد ، لكى لا نبعثر ما تبقى فى ثنايا العقول ، لقد قرعت الطبول ، و دقت الأجراس ، و عُزف اللحن الهادئ الرقيق الحزين ليسيطر على الأحداث و يخبئ فى أنغامه الأحساس بكل ما فيه من شئ نعلمه ولا نعلمه ، فى ظلمة سادها السواد ، و سواد ساده الجهل ، عاد ما تبقى لصاحبنا من عقل ، ليشعر بحركة سريعه و كأنه جالس فى سيارة - وهو الحق - و لكن صديقنا لا يرى ذلك فلقد حزموا بصره عن نور الحياه ، و ها هو ذا صوت غليظ يتحدث بتهديد و وعيد ، ما هذا أنهم يحدثونه عن حادثة الأمس التى وقعت فى منتصف الطريق ، الفتاه ، و لكن ماذا يريد هؤلاء ، إذن فهم يخيفونه حتى لا ينطق بما رأى ، و لكن ما الذى رأه و لم يخبرنا به ، أنتهى الأمر بأن ألقاه الرجال الذين رأهم بالأمس القريب البعيد ، خارج السيارة ، وتركوه منكبا على الأرض و أنطلقت السيارة ، ماهى إلا ثوان معدودة إلا و أطلق السراح لعينيه تجول بين أرجاء المكان الذى غمرت صفرته سواد عينيه الذى لا يكاد يميز أى شئ مما وقع له ، فالعين تتأرجح بلا رؤية و تتمايل بلا تمييز ، دقيقة أو أكثر قدرة العين أستردتها ، فالسؤال الأن أين هو ، رأى على مسافة ليست بالبعيدة ولا كذلك القريبة مبنى صغير ، فسار متخبطا مثقلا على قدميه ، إلى أن وصل بين حالة و أخرى إلى الأستراحة ، نعم هى أستراحة متوسطة الحال فى وسط الصحراء ، أوقفنى أيها القارئ و إسألنى سؤال مهم ، ألا لهذا الشاب أهلا يريدون أن يعرفو أن جرفه شاطئ الدنيا منذ ليلة كاملة باتها خارج أطاره اليومى ؟ ، نعم هذه اول كذبة أوقعنا فيها فى كلامه الاول ، أنه قال أنه يعيش بين عائلته ، ولكن الحقيقة أن عائلته المكونة من ثلاثة أفراد هو رابعهم - أب و أم و أخت - تقيم فى دولة خليجية حيث البحث عن المال و الوضع الإجتماعى المرموق ، و أما هو فلا يتلاقى معهم سوى ثلاثة أشهر من كل عام حين يذهب لهم - عطلة الدراسة - أو يأتوا له حين يسمح العمل بإجازة ، نعود له حيث يقف على باب الإستراحة ، ويحك يا فتى أدخل ، ألا ترى القراء يرون ما أنت فاعله ، ليدخل إذن ، فجلس و جلسنا معه حيث أنه يتطلع بالمكان ، إلى أن أتى له رجل و سأله عما يريد ، فطلب طعام ، فأتى له الطعام محمولا ، وكأنها وليمة الشبع بعد جوع أبرح البطن أملها أنتظارا ، ليجد طعاما لا يرضى به من لا يجد الطعام ، ولكنه أكل بل لا أملئ بطنه ، أنتهى من وليمته المجنى عليها التى خرت صريعة بين يديه ، عاد له الرجل طالب المال ، فنظر له و بدء يسرد خطوط الدهشة و البلاهة ، و بدأت نظرات الرجل له تتغير و تتبدل نحو امرا لا يحمد عقباه ، و لكن الكفوف و الأيدى المفرودة بين طيات البنطال ، ها هى ذا أصطدمت بشئ ، حافظة نقود ، أحل الأمر العسير بفرج يسير ، نعم ، حافظة النقود بها ثلاث أوراق كلا منهم تعادل فى قيمتها مائة ورقة مما يدعونه الجنيه - الا حسرة عليك ، و عزاء من قلوبنا لك فيك - ، أعطى للرجل ورقة وما هى إلا دقائق و عاد بالباقى ، و خرج صديقنا لصفرة الصحراء مرة أخرى ، ليبدأ فى التفكير بشأن ما قدم له من حال ، بدء فى التفكير أنه يجب أن يوقف سيارة ، فأخذ يشاور لكل سائق ملاكى كان او أجرة دون جدوى ، و هى ساعة ونصف مدة أنتظاره - ما أقلها فى مكان كهذا - ، سيارة ها هى ذا و أخيرا أحدهم قد مس قلبه إحساس بالإنسانية الغائبة أجزاءها عن قلوب الكثيرون - أى يعيش القلب بلا أحساس ، أنه مات و إن قالوا عاش - وقف ، رجل قد شاخ به الزمان و طبع فوق جبينه بصامته ، ركب السيارة لتنطلق ، و أول سؤال إلى أين ؟ ، فتوقف الشاب و كأن الكلام قد مات و أنتعش فى قبرا قد دفن فى أعماق أحشاءه ، فأعاد الرجل ، و لمرة أخرى غاب الجواب دون حضور ، فسأل أخر ألا تعلم إلى أين ؟ ، فبنظرة بلهاء عاثرة أجابه ، و أستشفها الرجل ، إذن لا تعلم ، و لكن سريعا ما رد صديقنا أقرب مكان به ناس ، فصمت الرجل و الفتى و لكن الرجل بدء ينتابه شعورا بالقلق ، من هذا الفتى ؟ ، سائق على الطريق أبلغ سائقنا بأن الطريق قد أمتلكته و أزدانت به فى الأمام لجنة شرطية للتفتيش ، فطلب من صاحبنا إخراج بطاقته و أظهارها ، فبدء بإخراج حافظته فلم يجد أى شئ حيال ذلك ، أحدكم يسأل أينها إذن ، ألم يخرجها للضابط ليلة أمس ، لا هذا ما قاله هو فى حديثه الماضى و لكن الضابط بعد أن قرأها أخذها حتى يضمن أنه سيأتى له القسم المركزى غدا ، و لكن القضية هنا أنه لا يعرف أسمه و لا إلى أين ذهب ، السؤال ما الذى حدث له ؟ ، فعندما أخبر السائق إنه لا يمتلك بطاقة ، أطلق العنان لقدمه لتصطدم بمكابح السيارة لتقف و قفة خطرة و بسرعه ، و نظر له فى حمق ، لا تعرف إلى أين أنت ذاهب و لا تمتلك بطاقة لنعرفك و أياك ألا يفعلوا فسيأخذوك بلا رجعه ، فبادر صديقنا إذن أنزلنى هنا لأرى ما سأفعل ، و لكن إلى هنا أنتهى وقتنا هذه الليلة سنعود لا تدعوه شريدا وحيدا ، حاولوا أن تكونوا معه فى كل ليلة تواسوا له حزنه و تجففوا له دمعه ، بقيتم له أخوه و أياى ، و بقى لكم اخا و كذلك أود .[/justify][/justify]