عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2730
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
07-12-2015, 06:30 PM
المشاركة 1
07-12-2015, 06:30 PM
المشاركة 1
افتراضي مقالات في المعرفة : العقلانيون
العقلانيون :

في مقال العقل الحديث سبق أن توقفنا عند ديكارت و الشك المنهجيّ ولن أتناول العقلانيين المعاصرين له كسبينوزا أو ليبنتز ، بل سأنتقل إلى التيار الجديد في العقلانية ، وستكون لنا وقفة مع كانط و نظريته في المعرفة و كذا وقفة مع هيجل .
يعتقد البعض أن كانط هو آخر فلاسفة عصر التنوير ، أو العصر الحديث ، أو بتعبير آخر الحداثة ، إذ بعده سيأتي تيار ما بعد الحداثة ، على كل يبقى كانط واحدا من كبار عقول الفكر الغربي الحديث الذي حاول التوفيق بين العقل والتجربة وحاول التأسيس لمنطق جديد لفلسفة العقل ، يسلم نيتشه أن نقد العقل النظري الذي كتبه كانط يلامس الصواب ، كما اعتبره شوبنهاور أعظم ما أنتجته الفلسفة الألمانية ، كما ربط هيجل معرفة الفلسفة بقراءة كانط .
تواصل الصراع بين أصالة الحس " لوك وهيوم" و أصالة العقل عند العقلانيين قبل كانط ومن بينهم جورج باركلي حيث الماهية سابقة على الوجود ، فكل شيء غير مدرك فهو غير موجود " أن يوجد يعني أن يدرك "
يرى شوبنهور ، أن فضل كانط هو قدرته على التمييز بين الشيء بذاته و الشيء الذي أدركناه . حقيقة لا أحب التوغل في الاستدلالات والبراهين الفلسفية للأصول النظرية ، فهذا يحتاج إلى بحث موسع لن تجيب عنه مقالات تتوخى التعريف بالمعرفة ونظرية المعرفة بشكل مبسط ، و لكن لابأس أن نعرف ميزة كانط عن باقي الفلاسفة المثاليين والعقلانين و كذا تمييزه عن الفلاسفة التجريبيين " الحسيّين " ، فكانط يعتقد أن الأشياء لها وجود خارجي حقيقي ، لكننا لا نستيطيع أن ندركها كما هي يقينا بل فقط ندركها كما ندركها . ولتبسيط هذه المقولة ، نأخذ اللون مثلا ، فالإنسان يرى كل الألوان المعروفة ، بينما بعض الحيوانات لا ترى الشيء كما نراه بكل ألوانه ، فبين الرؤيتين نستشف أن الشيء واللون موجودان ، لكن أي الرؤيتين تمثل مصداق الشيء ، هنا تتضح قولة كانط أن الشيء لا نستطيع أن ندركه إلا كما ندركه .

نعود إلى أريسطو الذي أسس علم المنطق ، فصورية هذا المنطق لم تنل استحسان كانط ، بل يصر على ربط القوانين بموضوعاتها ، كما أن أصل هذا المنطق ذي اللإيحاءات الأنطولوجية جعلت كانط يتناوله بدراسة نقدية ، فأريسطو سطر قوانين الفكر واعتبر قوانينه بديهية دون أن يؤصل لهذه القوانين ، وفي دراسته النقدية لعلم المنطق ، وصل كانط إلى أصول إبيستيمولوجية أن العقل له استعدادات قبلية بها يعالج الحدوس الحسية ، و هذه الاستعدادات سماها كانط بالمقولات و منها الزمان والمكان والسببية ... ، فكل معارفنا الحسية ينظمها العقل وفق تلك القوالب ، لكن كانط في نفس الوقت اشترط عمل العقل بوجود الحدوس الحسية ، فملكات الفهم تلك لا يمكن أن تشتغل إلا على ماهو تجريبي . و تعد هذه من أبرز مؤاخذات الميتافيزيقا على كانط ، إذ أخرج ماوراء الطبيعة عن مجال العقل . فقوانين الطبيعة في نظره لا يمكن نقلها إلى ما وراءها .
من خلال دراسته للفلسفة رأى كانط تضارب الاتجاهات الفلسفية حد التناقض وبما أن التناقض في علم المنطق يعني اللامعقولية ، يعني أن العقل ينتج اللامعقول كلما توجه إلى ما وراء الطبيعة ، و هيجل انطلق من هذه النقطة ليعترف للتناقض بنوع من الأصولية ، فإذا كانت الفلسفات تختلف كلما بحثت عن الجوهر ، فربما أن هذا التناقض هو ضرورة و حقيقة في سبيل الوصول إلى الجوهر ، وهنا أسس قانونه الجدلي الذي اشتغل عليه ماركس ، فالطرح ينتج عنه نقيضه ومنهما ينتج التركيب و هكذا تستمر جدلية المعرفة في شكل تطوّري . فصيرورة تشكّل المعرفة مرتبطة بجوهرية التناقض فيها .