عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2015, 03:40 AM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بالأستاذ أحمد الوراق

التقليد و المحاكاة أولى خطوات التعلم ، فلا يمكن على الإطلاق بناء أي تعلم بدون تقليد في الخطوات الأولى للتعلم ، فالتعلم بالتكرار أولى خطوات الطفل في اكتساب اللغة على سبيل المثال ، فليبدع الطفل في اللغة لابد أن يتعلم المعجم ثم الأساليب ؟ و في المرحلة التالية يأتي الإبداع اللغوي أي القدرة على التعبير عن الرغبات والحاجات و الشعور .

فالتقليد هنا بداية الطريق نحو الإبداع ، وعندما نتكلم عن الكمياء كعلم ، فلابد من معرفة قوانين الكمياء ومن خلالها تنقل تعميم القانون إلى الفكر ، فالإيمان بالمنهاج العلمي الكميائي ، و جود مواد أولية قابلة للتفاعل تنتج مواد أخرى وفق معايير دقيقة في الكم و درجة الحرارة . فهنا وجود أسس حضارية معينة عندما تتلاقح مع أسس حضارية أخرى وفق شروط علمية و بدون اعتباط بالضرورة ستعطي حضارة جديدة أكثر تطورا .

من يعتبر الفكر مستقلا عن العلوم و تطوراتها فهو مخطئ ، فالمعارف العلمية الجديدة أو بالأحرى الطرق التي من خلالها يصل العالم إلى اكتشافه تبنى عليها قوانين و هذه القوانين يخضع لها الدماغ أثناء عملية التفكير . إذا كان التقليد ضروريا ومن خلاله يمكن اكتساب المعرفة والقوانين المنظمة لها فلا بأس أن ننمي عند الطفل أيضا الحس النقدي و هو بالضرورة طريقة التفكير الفلسفي ، فنعلمه طرح السؤال لماذا و كيف و ماذا و أين و متى .

أعتقد أن مناهج التعليم هي أساس كل الأمراض التي واجهت الأمة ، فهو تعليم على الانضباط أكثر مما هو تعليم نقدي ، والانضباط على العموم يورث الخضوع لما هو موجود أكثر مما يؤسس للبحث عن البديل و التطوير ، فإذا كانت كل الطرق تؤدي إلى روما فالمثل هنا ليس بالضرورة متعلقا بروما كمكان أو كحضارة بل الحكمة من المثل هي أن تختار الطريق الأقرب إلى الوجهة التي تقصدها ، فالحكمة هنا هي تربية على الاختيار بإعمال الحس النقدي .


ليس هناك مثالية مطلقة ولا مادية مطلقة ، بل هناك تفاعل بين المادة والروح و هما متلازمتان في الطبيعة البشرية ، فللتعبير عن المثالية تحتاج إلى مادة و للتعبير عن المادة لابد من وجود مثالية . لا أعتقد أن الغرب مادي إلى هذه الدرجة ، ففيه مشاعر و فيه قلق و فيه إيمان و فيه قيم ، قد تكون في بعضها مخالفة لقيمنا لكن لا يوجد مجتمع بدون قيم و لا توجد قيم بلا مجتمع .


أزمة الإبداع ناتجة عن القمع بالضرورة ، لأن القمع أصناف ، فعندما تكون عندك كفاءات كثيرة و لم تستطع أن توفر لها أبسط شروط الإنتاج و من ثم الإبداع فهذا قمع ، عندما تنفي التقليد كنوع من أنواع التعلم فهذا جزء من القمع ، عندما تكون أولية الانضباط هي أساس التقدم فهنا تنفي الحرية التي هي الأصل ومن ثم الاختيار و من ثم الالتزام الذي هو أعمق من الانضباط .

وشكرا على الموضوع .