عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-2011, 09:09 AM
المشاركة 100
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مقابلة مع الكاتب جمال الغطاني يلقي فيها الضوء على كثير من جوانب حياته وطفولته:
روافد

27/04/2007
مقدم البرنامج: أحمد علي الزين
ضيف الحلقة: جمال الغيطاني



نص الحلقة

أحمد علي الزين: عندما تقرأ كاتباً روائياً لا تعرفه ترسم له صورةً ما، أو تتماهى صورته مع ملامح أبطال رواياته حتى تنسى المؤلف أحياناً وتصبح صورة البطل صورةً له أو شيئاً منها، "زيني بركات" أول رواية قرأتها لجمال الغيطاني صادرةً عن مطبعة وزارة الثقافة في دمشق عام 1974 تتحدث عن حقبة مملوكية في ظاهرها ورواية في كل حال هي حياة وتاريخ وأحداث وناس، بدا الكاتب لي حينها رحالةً أو مؤرخاً أو وثّاقاً لم أعثر على ملامحه تماماً، وكرّت الأيام كتب جمال الغيطاني خلالها ما يقارب الـ 50 عملاً كنت أرى صورته غائمةً تتوضح في جريدةٍ أحياناً أو مجلة أو كتاب على شاشةٍ أو في حوارٍ ما في أسفارٍ أو نثر أو مقالٍ أو شطحات خيال، ومرّ أكثر من 30 عاماً لم ألتقِ به سوى في الكتب يصف: الأمكنة، الحارات، المقاهي، الشوارع، الأبنية، يعيد بناء الصورة ويؤلف بشراً وأمكنةً ومصائر.
تظنه هو معمارياً لو قرأت "شطح المدينة" أو "المسافر خانة" وفي كتابٍ ثانٍ متصوفاً وفي كتابٍ آخر تشكيلياً. يبدو هو البلديٌّ الصعيدي المنبت مزيج من شغف وحنين ورغبات وحارات جمالية في الحسين وصندوق كتب جده.. أشياءٌ حولته إلى متأمل ونثّار نثر عمره في تجارب عديدة، وصرف جلّه في الكتاب حتى تظن إن دخلت بيته أنك في مكتبةٍ عامة شديدة الأناقة وعالية القيمة والنوع والتنوّع تحتوي على نفائس الأعمال، هي خلاصة حياته بما ضمته، خصّص جانباً منها لمؤلفاته الكثيرة، فهذا هو جمال الغيطاني متعددٌ في الكتابة والحكايات.


طيب جمال الغيطاني أكثر من 50 مؤلفاً وكتاباً بين رواية وأشياء أخرى. وأكثر تقريباً من 62 سنة - العمر كله طبعاً - عمّ كنت تبحث في هذه الرحلة من الحياة؟ يعني كنت تؤلف أمكنة وناس وأحداث وأمزجة وتتعامل معها ثم تذهب إلى مرآتك خاصة، عمّ كنت تبحث؟ عمّ.. يعني على شو عثرت إذا كنت عثرت على شيء؟


جمال الغيطاني: والله يعني أنت سؤالك بينفذ إلى الصميم، أنا أذكر في أثناء شبابي أو في فتوتي عندما كنت أعدّ حقيبة للسفر فكان الإحساس فيه توثب أنه أنك سترى شيئاً مجهولاً لم تره من قبل، وكان الرصيد أقصد رصيد الوقت أكثر فكان الإنسان بيتطلع إلى الأمام، منذ سنوات يراودني شعور نفس هذا الشعور ولكن شعور المقبل على رحلة غامضة، لأنني أنا فوجئت الحاجات طويت بسرعة فتسألني عماذا كنت أبحث؟ ربما عن للأسف الشديد سنخرج من هذه القصة بدون أن نعرف بالضبط..

أحمد علي الزين: إلى أين؟
جمال الغيطاني: ما البداية؟ وإلى أين المصير فيما بعد؟


أحمد علي الزين: يعني الكتابة كانت نوع من العزاء أو نوع من المقارعة مع الزمن؟


جمال الغيطاني: أو الكتابة الآن أنا لا أدعي أنني كنت أعرف ذلك منذ البداية الآن لكن في الأعوام الأخيرة أيضاً أكتشف أن الكتابة كانت مجاهدة ضد النسيان، ضد المحو ضد الطيّ لأنه لا شيء يبقى، والآن في حقب كاملة أنا عشتها أنا أحياناً أنظر إلى بعض الصورالتي التقطت في لحظات حميمة فأتعرف على بعض الوجوه التي كنت أرتبط بها بعلاقات، فيه ستائر بتنزل مع الزمن الزمن يطوي ما هو الشيء الوحيد الذي توصل إليه الإنسان لكي يحتفظ باللحظة التي تفنى هي الكتابة، الفوتوغرافيا هي نوع من الكتابة طبعاً الانشغال بالزمن بيقود إلى الانشغال بأمور أخرى منها قضية الموت ده عرض من أعراض الزمن يعني.. وأنا أعني الموت الطبيعي أو الموت.. لكن الكتابة هنا قيمتها تبرز أنها تسجّل مضمون اللحظة التي تفنى وبالتالي هي فعل مقاومة ضد النسيان..

أحمد علي الزين: يعني طالما هيك تحدتت عن الموت وعن.. ربما هالسؤال هذا يجرني لأسأل سؤال آخر يمكن نهرب من الوجود إلى السياسة اليومية يعني عن الموت العربي اليومي هذا الموت هذا القتل يعني هذا السبي والتخلف والعودة إلى الكهوف كهوف الفكر المظلمة، شو سببه هذا بتقديرك؟ ما الذي يحدث؟ ما الذي يحدث لهذا العالم؟ يعني إلى أين يذهب؟ عالمنا العربي تحديداً؟
جمال الغيطاني: يعني أنا لا أميل إلى منطق الضحية، ولكن قبل أن نفكر في مسؤولية الغير بالنسبة لما يجري يجب أنه نفحص أنفسنا أولاً، أنا أعتقد بـ"التخلف" هو مفتاح المأساة الموجود الآن في الساحة العربية، وهو السبب الذي يعطي الآخرين فرصة للتدخل، فرصة لمحاولة فرض المفاهيم أو الوجود، هناك أشياء لا بد من فحصها لا بد من مراجعتها..


أحمد علي الزين: وهي قائمة بثقافتنا وفي تراثنا؟
جمال الغيطاني: موجودة بثقافتنا، والآن أنا يعني أشاهد بعض الفضائيات هذا شيء مذهل في التخلف وفي.. يعني ولن يقبلك العالم بهذا المنطق، ولذلك نحن في حاجة إلى مجددين شجعان يدخلون بنا إلى صميم العصر، وإلا سيكون المصير مخيفاً.

أحمد علي الزين: يبدو ما عشنا كما ينبغي عصر تنوير أو هيك فترة ثانية..
جمال الغيطاني: لا والله كان كان في..


أحمد علي الزين: كانت محاولة وانتهت مع بداية القرن يعني.
جمال الغيطاني: أنا تصوري المشكلة في الأنظمة الدكتاتورية التي فرضت نوعاً من التخلف وفي صميم البنية..

أحمد علي الزين: صحيح. على سيرة الأنظمة أنت عايشت كذا مرحلة يعني ربما ولادتك بدأت مع العصر الملكي إلى حد ما عايشتها ثم مع الناصرية ثم مع تجربة السادات وحتى الآن، يعني عقدت شي مرة هيك بهالرحلة أملاً على تجربة ما..
جمال الغيطاني: طبعاً. على تجربة عبد الناصر رغم أنني كنت..

أحمد علي الزين: سجنت في أيامه؟
جمال الغيطاني: أنا اعتقلت لكن كان الاعتقال على أرضية مختلفة بمعنى كان عبد الناصر يقول أنه أنا أبني الإشتراكية وكنت أرى أنها أن ما يجري ليس بناءً للإشتراكية وكنت يعني مؤمن أن الإشتراكية هي الإشتراكية العلمية يعني بالمفهوم..


أحمد علي الزين: الماركسي.
جمال الغيطاني: الماركسي، طبعاً كان ممنوعاً أي تنظيم طبقاً للقانون في ذلك الوقت فاعتقلنا في عام 1966، وهذه مرحلة لم يُكشف عنها النقاب بعد، لأنه كان فيه ظروف سياسية كثيرة في مصر كان في الحزب الشيوعي الكبير حلّ نفسه في سنة 1964 راضياً مرضياً ودخل في طاعة الاتحاد الإشتراكي، ونحن كشباب كنا نرفض ذلك..

أحمد علي الزين: كنتم في أقصى اليسار.
جمال الغيطاني: نحن كنا نحلم بتغيير العالم يا سيدي، يظهر أن العالم هو اللي غيرنا (ضاحكاً).
أحمد علي الزين (يضحك): نعم..
جمال الغيطاني: ولذلك كانت فترة مليئة بالطموحات والآمال."عندما كنت أرى متسولاً كنت أبكي، ربما هذا دفعني إلى اعتناق الإشتراكية والذهاب للبحث عن حلول في الماركسية مثلاً كنت أبحث عن العدالة، البكاء شكل من أشكال الاحتجاج".

جمال الغيطاني: وأنا طفل كان عندي سبع سنوات كنت أقرأ أرسين لوبين وأحلم بأن آخذ من الأغنياء وأعطي للفقراء أصبح لصاً شريفاً، اللص الشريف أصبح إشتراكياً ماركسياً، ثم يعني فكرة العدالة الاجتماعية جمال عبد الناصر أنا بدأت التعلق به بعد رحيله، فقد أصبح..