الموضوع: أنين النخيل .. !
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-24-2017, 09:50 PM
المشاركة 35
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


12 - و كان أمرا مقضيا :

الإنسان كائن أحمق ..
أحمق جدا ..
لا يحس بأهمية الأشياء إلا بعد فقدانها ..
لا يفكر أبدا بإمكانية فقد الأشياء ...
و لا يحمد الله على كل النعم الظاهرة و الباطنة ..
جلس في كهفه .. و أمه في حجره ..
يدندن عليها و يمسح بكفه شعرها الثلجي الأجعد ..
و هو يتذكر ما حدث له في ذلك اليوم ...
يتذكره جيدا بغصة كبيرة تحتل كل روحه ...

ذرت حسناء التراب في وجه أدهم ...
و ما إن استفاق ..
حتى أحس بالألم الشديد في جسده و وجهه ...
حاول أن يستند بيده اليمنى لكنه وقع ..
فلا يد يمنى لديه ..
صرخ بوحشية كائن خرافي ..
فجاءته حسناء ..
و رنين خلخالها كأغاني الموت الحزينة ..
حضنته قائلة ..
شكرا يا أدهم ..
اهتز جسده كالملسوع من نار حامية ..
و بصق عليها قائلا : ما هذا أيتها الملعونة ؟؟
ماذا فعلتي بي ؟؟ تبا لك من امرأة !
ليتني قلعت قلبي قبل الوقوع بحبك يا سليلة الضياع و الضلال !
- تؤ تؤ تؤ تؤ .. ما هذا الكلام الجارح يا أدهم ؟ و لم تقوله الآن .. ؟ أنت من رسمت هذا الخط .. عليك أن تمشي عليه أليس كذلك ؟
- نعم ؟ لو كنت أدري أنني سأفقد يدي و عيني ما لحقت بك يا ساحرة النحس ..

قربت وجهها من وجهه و هي تهمس كالأفاعي :
-أنت من أحرقت أمي .. أنت من جعلتها تصرخ طويلا ..
فكان عليك التكفير بأغلى ما لديك .. جسدك ..

تذكر حريقه المفتعل للنخلة العملاقة الكبيرة .. و فكر . . أنها مجرد نخلة .. رمز القرية .. لا أكثر و لا أقل ..

لفحته أنفاسها الحارة و ازدادت نبضات قلبه و هو يزدرد لعابه ...
- قدمت يدك و عينك كقربان .. و نعم لقد تقبلته الآلهة ..

- الآلهة ؟
صرخ أدهم ..
- يا سليلة العفاريت و الجن ..

نظر خلفها فرأى المبروك كما لم يره من قبل ...
رأى شابا قويا وسيما أسمرا ..
بعيدا كل البعد عن الطفل الأحمق ذو الأنف القذر ..
شهق و انطلق كالريح ...
بل أعتى !

~يتبع~




عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..