عرض مشاركة واحدة
قديم 02-16-2012, 10:38 PM
المشاركة 27
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
9- الإمبراطور أشوكا (Ashoka, Asoka).العظيم

ولد عام 304 قبل الميلاد وتوفي عام 232 قبل الميلاد، وإسمه هوأشوكا فارذانا وهو إبن بندوسارا بن تشاندرا جوبتا الملك الهندي العظيم. كان أهمحكام إمبراطورية الموريين بالهند وهو من قام ببناء أعمدة أشوكا التي نقش عليهاأوامر الدولة المورينية باللغة البرهمية.


أشوكا Asoka من أعظم ملوك الهند في التاريخ، حكمبين 273-237ق.م، ينتمي إلى أسرة موريا التي حكمت البلاد بين 321 و185ق.م. وكان لهدور كبير في ترسيخ وحدة بلاد شبه القارة الهندية، وفي نشر تعاليم البوذية في الهندوخارجها.

عصر أشوكا وأسرةموريا:

عقب حملة الاسكندر المقدوني على بلاد الشرق، التياجتاح بها الامبراطورية الفارسية الأخمينية وبلاد الهند ظهرت على المسرح الهنديشخصية مهمة كان لها تأثير خطير في تاريخ الهند القديم: شاندرا غوبتا (ساندرا كوتوسعند المؤلفين الإغريق الكلاسيكيين). ولا يعرف أصل هذا الرجل على وجه الدقة، لكنهاستطاع أن يؤسس نحو عام 321ق.م أسرة حاكمة في الهند هي أسرة موريا، التي كان أشوكاأشهر ملوكها.

امتدت مملكة شاندرا غوبتا، التي كان ظهورها رداًعلى الغزو المقدوني ـ الهلّيني، من وادي السند (الهندوس) إلى بلاد البنغال، ومنجبال هيمالايا شمالاً إلى جبال بانديا، وأقيمت أسس الدولة على هدي التعاليمالبراهمانية الهندوسية، وبمساعدة واحد من أعظم حكماء الهند هو الوزير كوتيليا، صاحبأقدم رسالة في السياسة (أرتاشاسترا)، تحدث فيها عن مستلزمات نظام الدولة، وعنالاقتصاد والضرائب وأصول الحكم.

ونمت إبان حكم هذه الأسرة العلاقات التجاريةوالحضارية والثقافية مع دول المشرق التي كانت تحكمها أسرات حاكمة هلينية في سوريةومصر، في حين نهض الإيرانيون في وجه النفوذ الهليني بتأسيس المملكة الفرثية فيأواسط القرن الثالث ق.م.

خلف شاندرا غوبتا بعد موته ابنه الذي تذكره المصادراليونانية باسم «أميتروخاتس» Amithrochates، نقلاً عن السنسكريتية «أميتراغاتا» Amithraghata، أي محارب الأعداء. ويظن أن هذا اللقب يظهر الدور الحربي للعاهل الذيتذكره المصادر البوذية باسمه: «بندوسارا» أو «بدرا سارا» أو «ناندا سارا»، وهو والدأشوكا. ولا يعرف عن حياته إلا القليل.

تطورت العلاقات الدبلوماسية في أيام بندو سارا بينالهند من جهة والمملكة السورية السلوقية في أيام سلوقس الأول نيكاتور، والمملكةالمصرية البطلمية في حكم بطلميوس الثاني فيلادلفوس من جهة أخرى. وتتحدث الوثائق عنتبادل السفارات بين هذه الدول، الأمر الذي ترك أثراً عميقاً في تنمية العلاقاتالتجارية وفي تبادل المؤثرات الفنية والثقافية.

حُكمأشوكا:

ولد أشوكا في بيتاليبوترا. وتلقى تعليماً ممتازاًمدة عشر سنوات قبل أن يعهد إليه والده في مهمات للمشاركة في حمل أعباء المُلك معه،واكتسب خبرة في إدارة المملكة إذ كان نائباً للملك في عدد من المقاطعات. وعند موتأبيه لم يكن أحقَّ أخوته بالوراثة ولكنه كان أفضلهم بما كسبه من خبرة إدارية ومنتأييد الوزير القوي رادغوبتا. فعمل جاهداً على المحافظة على وحدة المملكة وسعى إلىتوسيع حدودها، وإلى إقامة علاقات طيبة بين الحاكم والرعية.

ولكن احتلال أشوكا منطقة كالينغا (أوريسا اليوم) فيبلاد البنغال عام 261ق.م لبسط سيطرة أسرة موريا عليها، كان منعطفاً تاريخياً فيحياته، فقد حوّل الحدث العاهل المحارب الفاتح إلى رسول للتسامح والأخوّة الإنسانية،بعد أن فُجع بوقائع الحروب وآلامها وآثارها المأسوية على الناس. وهكذا تعزَّز لديهالإيمان بالتعاليم الدينية الهندية التي تدعو إلى احترام الحياة بكل صورها، فاعتنقالتعاليم البوذية بلا تعصب من دون أن يتخلى عن كل شيء في الديانة البرهمية ومن دونأن ينكر معتقدات الآخرين. وعمل أشوكا في سياسته الحازمة على تطوير توجهات البوذية،ومهّد لجعلها ديانة عالمية بإرسال الدعاة إلى أنحاء البلاد: إلى كشمير وسري لانكةوشرقي الهند. وتدل الوثائق الهلنستية على أن البوذية كانت معروفة في أنطاكية وفيالإسكندرية منذ ذلك العصر.

استطاع أشوكا بسياسته الحكيمة والبصيرة أن يوحد تحتحكمه كل شبه القارة الهندية، باستثناء أسّام في أقصى الشمال والدكّن (موطن التامولأو التاميل) في أقصى الجنوب. وكان من أكثر رجال الدولة نجاحاً في الربط بين الأخلاقوالسياسة، بالتوفيق بين المثالية في تعاليم بوذا والوصولية في سياسة كوتيليا الذييماثل في الثقافة الهندية مكيافيلّي في الثقافة الغربية الأوربية.

مآثر أشوكاوتعاليمه:

اهتم أشوكا بتنظيم الإدارة، وعمل على تبادلالمسؤوليات دورياً بين كبار المسؤولين بصورة يتمكنون بها من التمرس بمسؤولياتالإدارة واكتساب خبرة واسعة وعلى أفضل وجه. وعيّن موظفين، ذارما ماهاماترا (أنصارالحق)، أوكلت إليهم مسؤولية نُصرة الحق (ذارما) على القوة (داندا)، كالمراقبينالذين كان لهم نفوذ واسع في الامبراطورية الرومانية، والمحتسب في الدولة العربيةالإسلامية.

وعلى عهد هذا العاهل الهندي بُذل جهد كبير لحمايةطرق المواصلات ولرعاية المسافرين بغرس الأشجار على امتداد طرق القوافل، وببناءالاستراحات والمحطات وبتهيئة الملاجئ والمآوي. وأمر بنقش تعاليمه على مسلاّت حجريةنشرت في مناطق عدة، أو على جرف الصخور للتبشير بتعاليم الهند وبفكر عاهلها الكبيرالذي وصف في الوثائق القديمة بالمحبوب والتقيّ والناسك والعادل. وتدل هذه الألقابعلى ما حظي به اسمه من مرتبة عظيمة بين ملوك الهند القديمة.

تفرد أشوكا في تاريخ الهند بالجمع بين السلطاتالزمنية والسلطات الروحية. وكان شديد الاقتناع بقيمه الأخلاقية ويعدّ نفسه حاملاًلرسالة الدعوة إليها ويأتي في مقدمتها نبذ العنف، والعدل بينالناس.

ومن أكثر أقواله التصاقاً بشخصه: «كل الناس أبنائي، وليس من واجب على المرء أسمى من العمل لخير الإنسانية كلها». وهي من التعاليم التي دعا إليها المهاتما غاندي صانع الهند الحديثة