احصائيات

الردود
8

المشاهدات
6045
 
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي

خا لد عبد اللطيف is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
80

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2006

الاقامة

رقم العضوية
2006
10-09-2010, 02:10 PM
المشاركة 1
10-09-2010, 02:10 PM
المشاركة 1
افتراضي الحمام لا ينسى
قصة " الحمام لا ينسى"

" وماذا عــلي إذا لـــم يكن عــــلى رأسي تاج؟ أليس في يدي قلم" ( فولتير.)

حلقت في سماء الحي أسراب كبيرة من الحمام،باسطة أجنحتها الناعمة في فضاء السماء الزرقاء،مستمتعة بدفء الشمس المشرقة التي أطلت في هذا الصباح الربيعي على نهر أم الربيع والساقية العميقة والربى المجاورة وضيعات الليمون والجوز والتين.
كان هديل الحمام ينساب عذبا ورقيقا،فيخترق صدور مستمعيه من سكان الحي،كأنه يقدم تحية الصباح أو يفشي السلام بين الصغار والكبار والعجزة والنساء.
أسراب تقلع،وأخرى تهبط ،تطل برؤوسها الصغيرة ومناقيرها الحمراء والبنية على باحة المنازل،فتلتقط فتات الخبز أو الفطائر أو حبات من القمح والذرة،متفرقة هنا أو هناك.
هديلها المعتاد فوق سطوح المنازل، وعتبات البيوت وفي أفنية الدور، يذكر العشاق بعدم نسيان موعد لقاء الحبيب،وينبه الغافلين عن التسبيح لله وذكره،فالحمام نفسه يسبح لله صبح مساء.
هديل يومي يكسر رتابة الحياة في هذا الحي،ويضفي على القلوب مسحة من الفرح والسعادة والبهجة.
فوق الهضاب العالية المليئة بالزنابق والسوسن والريحان،رسمت أسراب الحمائم خطوطا طويلة،وسرعان ما تنقسم إلى شطرين: حمام ميمنة وحمام ميسرة،وهي استعراضات فنية رائعة يقدمها الحمام عند كل فجر،ومع غروب الشمس.والذين استيقظوا مبكر شاهدوا هذه المخلوقات الصغيرة وهي تحوم حول النهر الكبير،وفوق الهضبة حيث يرقد الحاخام "عكو ليوي" وعلى عتبات ضريحه نام العشرات من موتى اليهود في مقابرهم العميقة.
حمام الحي وحده يعرف مايروج في تلك الغرف السرية المضيئة،ففي جنح الظلام تستحم العوانس فوق قبور الموتى من اليهود،وفي الضريح تقام حفلات الشطحة والجدبة فوق قبر الحاخام ليبارك للقائمين على خدمته،ويمنحهم الراحة والسكينة والطمأنينة.
وحده الحمام يعرف بيوت الفقراء،ومأوى المشردين والمعذبين،ووحده يستشعر آلامهم ويتابع بكاء المحزونين والجائعين.وحده شاهد على فعل العجائز اللواتي يبيتين قنينات الماء فوق قبور اليهود لكي تشربها النساء للأزواج،فيخضعون لهن،ويتحولون إلى دمى بكماء أو حمير مستسلمة تؤمر فتطيع.
أقبل المساء ووقف بوعبيد يراقب حمامه وهو عائد إلى أوكاره.
ما يزال يتذكر أول مرة عثر فيها على زوجين من الحمام،لم ينبت زغبهما بعد،كان ذلك في ليلة شتوية أخذهما إلى منزله،واعتنى بهما حتى كبرا،وتناسل الحمام وتكاثر،حتى ملأ البيت كله،ولم يصدق سكان المدينة أن يصل عدد حمام بوعبيد خمس مائة زوج.ألفهم وألفوه،ونشأت بينه وبينهم علاقة قوية وقديمة،أحبوه في السر وأحبهم في العلن.
منذ عشرين سنة خلت،وهو يطعمهم ويسقيهم،ولا ينام قبل أن يسمع هديلها يشنف مسامعه بأعذب الألحان،وعلى إيقاعه يسدل أجفانه في طمأنينة وخشوع.
كان بوعبيد رحيما بحمامه،مشفقا عليه لدرجة أنه لم يسبق له أن ذبح ولو فرخا وحيدا من الحمام،وكل الجيران يشهدون على ذلك،فقد كان يفضل النوم جائعا على أن يبصر دم حمامة مراق،أو يسمع هديل زوج حزين على فراق أنثاه.
لم يفكر يوما في بيع زوج عند الحاجة،فهذه الأفكار لم تخطر على باله مطلقا،فهو يريدها ولاشيء غيرها،ويوم السعد عنده حين تبيض،ويوم المنى هو حينا تخرج الصيصان للوجود.ومن شدة حبها لها وضع لها أسماء.كان يعرف تواريخ ازديادها وفصائلها وأنواعها وسلالتها ويميز الذكر من الأنثى.
مرت سنون طويلة،ودخل بوعبيد مرحلة الشيخوخة،فلزمه المرض،وبعد أيام انتقل لدار البقاء.
في ذلك اليوم من إعلان موته،كانت أسراب الحمام تحوم حول جثته مصدرة أصواتا حزينة،وحين شيعوه لمثواه لأخير،شهد الناس أسرابا الحمام تطوف وتحط حول قبره،حتى غطت بأجنحتها قرص الشمس.
نسي الناس بوعبيد،لكن حمامه لم ينساه،فقد كان كل يوم يحط على قبره متذكرا تلك الأيام الخوالي التي مرت دون رجعة .
خا لد عبد اللطيف.



قديم 10-09-2010, 10:23 PM
المشاركة 2
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
القاص المبدع : خالد عبد اللطيف

سرد مممتع وحكايا من رحم الواقع التقطتها بكل حرفية, حتى خلت نفسي محلقا مع الحمام أستمع إليه

وهو يعيد على مسمعي حكاية
الحاخام "عكو ليوي" ومرقده , يهمس لي بما تفعله العوانس فوق قبور

الموتى من اليهود , وما يجري داخل ضريح الحاخام ..

ولأن الحمام يختزن في داخله أكثر من سر .. فإنه وحده من يعرف
بيوت الفقراء،ومأوى المشردين

والمعذبين،ووحده يستشعر آلامهم ويتابع بكاء المحزونين والجائعين.

ولأن الحمام مسالم فإن الكل يأمن جانبه ولا يتورع في كشف أسراره بحضوره دون خوف أو وجل ..

هذا الحمام الذي يحفظ أسرار القرية والقرى المجاورة هو نفسه من بقي وفيا لـ "
بوعبيد" رغم رحيله ...
وجدتك يا أستاذ خالد قد أبدعت في المراوحة بين الحمام وبوعبيد , وأخالك قد أجدت التوفيق بين

محورين رئيسين في القصة " الحمام وبو عبيد " وكأني أستحضر الآن رواية " الأشجار واغتيال

مرزوق " ..

قلمك يقطر إبداعا..

وما أحوجنا لهكذا إبداع

سلمت وسلم مدادك



قديم 10-10-2010, 04:38 PM
المشاركة 3
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ الكريم خالد عبداللطيف

حقيقة أسعدتني جدا ً قراءة هذه القصة ونسيت نفسي

بين أزقة الضيعات وأنا أراقب أسراب الحمام .

القصة جميلة جدا ً مكتملة البناء , لم تخلو من عاطفة

تناسب هذا الكائن اللطيف ( الحمام )

قرأت بين أسطرك عدة رسائل , منها أفعال اليهود

وأوصافهم الخبيثة , حيث ما كانوا , لا يتغيرون ,

يعيشون على تعاسة الآخرين , من شدة إحساسك فيها

ربما أيقنت بأنك عشت في هذا المكان وتعرفه هو

وأبطاله .

سلمت يداك , وسرتني هذه القصة

سلامي لك .

قديم 11-30-2010, 12:27 PM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل يكون الحمام و بو عبيد شهود على العصر ؟
هل هم الحفظة الذين استودعوا في صدورهم كثيرا من الأسرار المختزنة بين حيطان المدينة ؟
مدينة هي محظية للأسرار و الغموض و تتراوح ما بين ضريح الحاخام اليهودي و الطقوس الغريبة التي تجري على قبره و ما بين مدينة غارقة في جهلها و أكبر طموحاتها ماء مسحور تخضع به الزوجات أزواجهن .. هل هذه إشارة خفية للبراءة المنتهكة بين الجدران و ليس سوى الحمام يطلع عليها ثم ينقلها بدوره ل بو عبيد
تساؤلات كثيرة قد نطرحها هنا و هذه جمالية نصوص أستاذي الكبير خالد عبد اللطيف
في المورورث الدمشقي مربي الحمام غير مستحب في بيئته و لا تقبل له شهادة لكنه هنا بصورة محببة و مغايرة و كأنه يقول : من كان منكم بلا خطيئة فليلقمني حجرا
أستاذي خالد عبد اللطيف
أغبط نفسي كلما قرأت نصوصك
تحيتي لك دوما

قديم 12-04-2010, 07:41 PM
المشاركة 5
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ الفاضل:طارق الأحمدي:
في كل مرة تقرأ نصوصي بعمق وعشق كبيرين..وامام تحليلك أجد نفسي امام مثقف كبير يتأمل النصوص بعناية وحب كبيرين.
لك تحياتي وامتناني.

قديم 12-04-2010, 07:43 PM
المشاركة 6
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ المحترم: عبدالسلام حمزة: شكرا سيدي على التواصل وحسن التحليل...حول اليهود قبحهم الله.

قديم 12-04-2010, 07:44 PM
المشاركة 7
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة المميزة ريم بدر الدين: كيف انت؟وكيف هي سوريا ودمشق وحلي وكل البقاع الجميلة في بلدك الجميل.
شكرا على اللقاء مجددا وعلى الحوار البناء والاعتزاز بما اكتب.
لك تحياتي والى الابد.

قديم 12-07-2010, 01:52 PM
المشاركة 8
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سلام الله على القاص والروائي

الرائع خالد عبد اللطيف

أقرؤك بدهشة مستمتعة بجمالية النص

وقلم مبدع سطّر عدة رسائل معبرة

من أسراب حمام رمز السلام بسرد ممتع وشيّق

لمداد لا ينتهي طاب لي المكوث مع إحساس مرهف

وتحليل قلم مثقف ومبدع

تقبل مروري

تحيتي وتقديري

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 12-13-2010, 12:26 AM
المشاركة 9
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي
  • غير موجود
افتراضي
الفاضلة رقية صالح: اشكرك أستاذتي على تواضعك الكبير ..وشهادتك في حق قصتي أعتز بها أيما اعتزاز.
سلامي لبلاذ الشام الفيحاء.
سلام مجد لحلب ودمشق الفيحاء.سلام للورود والريحان والسوسن.
سلام من بلاد المغرب.
لك تحياتي.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الحمام لا ينسى
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجمال نوري داود منبر الشعر العمودي 11 02-22-2023 01:01 AM
أجهلُ الجمال ديفيليا غرايي منبر القصص والروايات والمسرح . 13 02-25-2022 11:06 AM
ومن ينسى فلسطين ! حسن زكريا اليوسف منبر الشعر العمودي 5 05-23-2021 07:09 PM
عهد الجمال نبيل أحمد زيدان منبر الشعر العمودي 12 03-21-2020 12:09 AM
أفضل 9 كتب ينصح بقرائتها لكل شاب~ فارس العمر منبر رواق الكُتب. 21 12-02-2019 01:29 PM

الساعة الآن 01:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.