أما آن لهذا الهدهد أن يحط؟!
متى يرتاح هذا الهدهد المسافر؟
متى يجد شجرة تُؤويه ؟
متى يركن إلى غصن لا يخاف من بندقية تقترب بين الحفيف تترصده؟
كم شجرة مستعارة نام في حضنها فأيقظوه منها في الهزيع ليطردوه
كم من شجرة اندس بين أغصانها وأوراقها هربا من برد، فهربت أغصانها عنه وتركته عاريا متجمدا.
كم من مرة عاد ليجد يدا عابثة عاثت في عش صغاره وسرقت قوتهم.
كم مرة فر بجناح مرتجف وقلب منهك ليلوذ بأمان لا يعرف أين يجده.
كم من مرة حاول فيها الاستسلام للنوم، لكن قلبه ظل مستيقظا قلقا غير آمن في سربه
لا يملك قوت يومه.
كم من مرة نفض جناحيه في السماء مرتعشا مرتعدًا وهو يسأل : من له الحق بامتلاك هذا الفضاء؟
من أعطى لنفسه حق ملاحقة الطيور التي لا تريد أكثر من مساحة تقي رجليها من عثرة؟
لقد تعب هذا الطائر المسافر كثيرًا وهو يطالع في عيون كثيرة تترصده..
عيون في نظراتها شهوة الالتهام.
عيون في نظراتها شهوة الاقتناص.
تعب هذا الطائر الحزين من الفرار من جائعين لا يرون فيه إلا لحمًا مشويا
وتعب من فارهين لا يرون فيه إلا ريشا يصلح لوسائدهم.
وتعب من الاختباء عن عجائز يردن رأسه لسحر يقيهم الشر.
أطفال يلعبون فيلاحقونه بالحجارة…
أولاد يتدربون فيقذفونه بالموت…
وعابرون يودون معرفة سر جماله…
تسلمه الريح إلى ريح…
وتأخذه الأرض إلى أرض…
ويعبر من بحر إلى بحر…
كم وعدوه بالأمان فأخلفوا…
كم حلفوا له بالأيمان فحنثوا…
كم حضروا له عشا ليقتنصوه…
كم قال لهم أنا الهدهد المحرم قتله… فحاولوا اغتياله
ما زال يبحث عن خبر مدينة لا تعبد الشمس من دون الله…
ما زال يبحث عن أرض لا فخاخ فيها تنتظره
من فوقه حجارة
من تحته فخاخ
من ورائه بنادق
ومن أمامه مؤامرات
شبع من الفزع وتعب من الوصب
ما زال يطير وحيدًا وحيدًا وحيدًا…
حزينًا حزينًا حزينًا
أما آن لهذا الطائر أن يحط؟!!
التعديل الأخير تم بواسطة ياسَمِين الْحُمود ; 06-09-2021 الساعة 01:59 PM